تجري غدا الأحد في العاصمة الأوكرانية كييف عملية تنصيب فيكتور يوشينكو رئيسا جديدا للبلاد. وستقام هذه المراسيم في قاعة البرلمان الأوكراني (الرادا) حيث يؤدي يوشينكو القسم الدستوري في إطار احتفالي رسمي سيساهم فيه عدد غير كبير من الشخصيات الرسمية الأجنبية الكبيرة حيث تشير المعطيات إلى أن الرئيس البولوني كفاسنيفسكي سيحضر مراسم التنصيب وكذلك كولن باول وخافيير سولانا... وسيمثل روسيا حسب إعلانات سابقة رئيس البرلمان غريزلوف.. وذلك بعد أن سارع البرلمان الأوكراني إثر صدور قرار المحكمة الدستورية العليا بتكريس فوز يوشينكو في انتخابات الرئاسة إلى إصدار قرار بتحديد يوم غدٍ الأحد موعدا للتنصيب الرسمي الذي تشير بعض التقديران إلى انه سيكلف 700 ألف دولار. اللافت للنظر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن كان من أوائل الرؤساء الذين أرسلوا برقية تهنئة ليوشينكو بعد الإعلان الرسمي عن فوزه. وقد تغاضى الرئيس الروسي عن إشكالية الانتخابات تماما مركزا على أن تطوير العلاقات المتكافئة وتعميق حسن الجوار من الأولويات الروسية في العلاقات مع أوكرانيا مشددا على أن تعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين يخدم مصالح الشعبين داعيا لمتابعة العمل لتكريس المجال الاقتصادي الموحد في إطار الرابطة (يضم هذا المجال كلا من روسيا وبيلاروسيا وقازاخستان وتعول عليه روسيا أهمية كبرى على المدى الاستراتيجي). وقد أكدت المصادر الرسمية في موسكو وكييف أن يوشينكو سيتوجه إلى موسكو في اليوم التالي لتنصيبه الرسمي رئيسا لأوكرانيا بحيث تكون روسيا أول بلد يزورها يوشينكو بعد تنصيبه كما سبق أن أعلن. وقد رحبت الخارجية الروسية بهذه الزيارة وركز لافروف على أهمية أن تكون موسكو أول محطة خارجية ليوشينكو منوها بأن القيادة الروسية سبق أن أعلنت أنها مستعدة للعمل مع الرئيس المنتخب وأن موسكو تنتظر هذه الزيارة. وأضاف وزير الخارجية الروسية إثر لقائه مع نظيره الفرنسي ميشيل بارنيه أن روسيا وأوكرانيا يعيشان جنبا إلى جنب وللشعبين الكثير مما يوحدهما عبر قرون معتبرا أن تحقيق الزيارة الخارجية الأولى إلى روسيا بالذات أمر طبيعي يؤكد إيجابية العلاقات بين البلدين والتي لا يمكن استبدالها. من جانبه أوضح الوزير الفرنسي أن باريس تثمن عاليا أن تتوجه أول زيارة خارجية ليوشينكو نحو روسيا مدركة العلاقات الواسعة بين البلدين منوها في غضون ذلك بأن الرئيس الفرنسي جاك شيراك سيلتقي بيوشينكو خلال أيام قليلة في بولندا. وأضاف بارنيه أن الاتحاد الأوربي يصوغ حاليا اتفاقية جديدة للتعاون والشراكة مع أوكرانيا في إطار حسن الجوار. ويرى معظم المراقبين أن يوشينكو يأمل أن تتخذ موسكو إجراءات من شأنها ان تزيل او تخفف من حدة التوتر في أوكرانيا الشرقية بعد إعلان النتائج وتصاعد الغضب الجماهيري المناوئ ليوشينكو هناك حيث أغلبية السكان من الروس ويمكن أن يقدم بالمقابل وعودا بمتابعة أجواء التعاون والثقة بين موسكو وكييف. وترى هذه التعليقات أن أجواء التوتر الساخنة في الصراع حول أوكرانيا بين روسيا والغرب يمكن أن تخفت تدريجيا لتحل محلها محاولات رأب الصدع في مساحة فن الممكن والحلول نصف الوسط الأمر الذي يتبدى من التصريحات الأخيرة للمسؤولين الأوربيين والروس على حد سواء حتى أن وزير الدفاع الروسي أعلن قبيل هذه الزيارة أن لا أزمة في أوكرانيا وهي دولة ذات سيادة تستطيع صياغة سياستها وأن الأوضاع في أوكرانيا لن تنعكس سلبا على علاقات روسيا مع الناتو والاتحاد الأوربي. تجدر الإشارة إلى أن جعل موسكو أول محطة في الزيارات الخارجية بالنسبة ليوشينكو تحمل طابعا شكليا بحتا ذاك أن هذه الزيارة تأتي في إطار جولة واسعة النطاق يتم جلها في أوربا تحديدا التي رفضت بسطوع المرشح يانكوفيتش المحسوب على موسكو وساهمت بضغوط مشهودة لتغيير الأوراق وإعادة الانتخابات ودعمت يوشينكو بقوة. حيث تبدأ هذه الجولة بعد زيارة قصيرة إلى موسكو في الرابع والعشرين من الشهر الحالي ثم يتوجه مباشرة إلى سترازبورغ ليلقي كلمة أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا تعقبها زيارة إلى بولندا (الداعم الأول ليوشينكو في مسرحية الانتخابات الرئاسية) حيث يساهم بالاحتفال بالذكرى الستين لتحرير معسكر الاعتقال الهتلري والذي كان والده من نزلائه ، وستكون هناك فرصة للقاء بعدد من القيادات الأوربية ثم يتوجه إلى بروكسل في السابع والعشرين من يناير ليلقي كلمة أمام البرلمان الأوربي إثر ذلك يتوجه إلى سويسرا لحضور منتدى دافوس الاقتصادي. وبهذا المعنى تكون زيارة يوشينكو إلى موسكو محطة أولى ولكنها صغيرة جدا قياسا بالزخم الذي ينتظره في الدول الأوربية التي ستستقبله منتصرا وستعتبر زيارته بداية لارتماء اوكرانيا في أحضان الغرب ولو من خلال تأشيرة خروج روسية.