"أنتهز هذه الفرصة لأبعث لك ولزملائك من وطنك المملكة العربية السعودية أطيب التمنيات على متن هذه الرحلة التي ستكون إن شاء الله لخدمة الإسلام والمسلمين والأمة العربية. إنا لفخورون بأدائك مهمتك الناجحة في الفضاء"، تلكم كلمات الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، لأول رائد فضاء عربي مسلم الأمير سلطان بن سلمان بتاريخ 23/6/1985م. واليوم بعد ثلاثين عاماً من رحلة ديسكفري أين هي المملكة في مجال صناعة الفضاء؟ مقالة اليوم تناقش هذه القضية... انطلقت رحلة ديسكفري بتاريخ 29 رمضان لعام 1405 ه. قبل الانطلاق صلى الأمير سلطان بن سلمان صلاة الفجر داعياً الله أن يعينه في تلك المهمة التاريخية لينطلق بعدها للفضاء متابعاً صيامه. وبعد استقرار المكوك الفضائي في المدار قدم رائد الفضاء (جون فابيان) للأمير سلطان التفاح والتمر. نظر الأمير سلطان لساعته وأجابه: "لا يا عزيزي فما زالت أمامي ست أو سبع ساعات!". نعم فالفتوى كانت أن عليه متابعة صيامه في الفضاء حسب المنطقة التي أمسك فيها على كوكب الأرض وهي فلوريدا فيكون وقت الإفطار بناء عليها. الجدير بالذكر أن الأمير سلطان بن سلمان شهد شروق الشمس وغروبها 16 مرة في اليوم الواحد على متن المكوك ديسكفري!! وهنا دعوة للمختصين بالدراسات الفقهية لمناقشة الحالات المستقبلية لرواد الفضاء المسلمين عندما يمسكون ويفطرون في محطة الفضاء الدولية والمستعمرات الفضائية في القمر والمريخ.. في الواقع أن نجاح تلك الرحلة لم يكن في مشاركة الأمير سلطان بن سلمان بل ونجاح رائد الفضاء الاحتياطي السعودي عبدالمحسن البسام والفريق العلمي السعودي بقيادة د. عبدالله الدباغ حيث أجريت خمس تجارب علمية في الفضاء ناهيك عن النجاح العربي في إطلاق القمر الصناعي عربسات. ولكن أين هي المملكة اليوم في ملف صناعة الفضاء؟ تعد المملكة أكثر دولة عربية تنشر أبحاثاً علمية في مجال الفضاء ففي الفترة من 2010 إلى 2014 نشر العلماء السعوديون 3124 بحثاً وجاءت مصر ثانياً بعدد أبحاث بلغ 2447 بحثاً. وتعد المملكة متقدمة إقليمياً في مجال إنتاج الأقمار الصناعية وإطلاقها بعدد يزيد عن 12 قمراً صناعياً ناهيك عن تعاون بحثي مع وكالة ناسا لعلوم القمر والكويكبات حيث تدير مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الملف السعودي لصناعة الفضاء باقتدار. وأتطلع لإنشاء وكالة الفضاء العربية أو الإسلامية على نفس نظام وكالة الفضاء الأوروبية على أن يكون مقرها في الرياض بإذن الله. وقد تتساءلون:" لماذا لم نر رواد فضاء سعوديين بعد رحلة ديسكفري؟". في محاضرته بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في 16/5/2012م يوضح الأمير سلطان بن سلمان أن الملك فهد، رحمه الله، أراد أن يستمر البرنامج سنوياً بإرسال رواد فضاء سعوديين ضمن التحضيرات لمحطة الفضاء الدولية وأيد ذلك الرئيس الأميركي الراحل ريجان. ولكن وللأسف وبعدها بعدة أشهر حصلت حادثة انفجار المكوك الفضائي تشالنجر وتوقفت رحلات الفضاء بعدها ثلاث سنوات وتوقفت مشاركة رواد الفضاء الأجانب. وبعد الزيارة الأخيرة لسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لروسيا وتوقيع اتفاقية التعاون السعودية الروسية في مجال الفضاء، فأملي أن يمهد ذلك لمشاركة رواد الفضاء السعوديين في الرحلات الروسية وإسهامنا المستقبلي في أبحاث محطة الفضاء الدولية والتعاون للاستكشافات العلمية الخاصة بكواكب وأجرام المجموعة الشمسية. وأختم بكلمات الرئيس الأميركي كيندي :"إن استكشاف الفضاء سيمضي قدماً سواء شئنا أم أبينا وهو من المغامرات العظيمة عبر التاريخ، ولا يمكن لأي دولة تنشد الريادة بين دول العالم أن تبقى متخلفة في مضمار سباق الفضاء".