تفاءل العديد من المواطنين كثيراً بمجرد صدور القرارات الجديدة المتعلقة باستقدام الخادمات من بعض الدول، والتي تمَّ الإعلان عنها مؤخراً، حيث تضمنت هذه القرارات ضوابط صارمة وفرض رسوم على مكاتب الاستقدام التي تتأخر في الاستقدام عن شهرين، وتوقع كثيرون أن يكون لهذه القرارات تأثير كبير في حل مشكلة تأخُّر وصول الخادمات إلى منازل الأسر المعنية، إلاَّ أنَّ هذا التفاؤل سرعان ما ذهب أدراج الرياح، في ظل قرب حلول شهر رمضان المبارك، الذي تزداد فيه حاجة كثير من الأسر لهؤلاء الخادمات، نظراً لتعدُّد المهام والمسؤوليات المنزلية أمام كثير من ربَّات المنازل، وهو ما يعني وجود مشكلة كبيرة في الحصول على خادمة في شهر رمضان. وأمام هذه الحاجة المُلحَّة لكثير من الأسر نشأت كرة اتهامات تقاذفتها الجهات المعنية، ففي الوقت الذي تشتكي فيه الأُسر من مكاتب الاستقدام وتوجيهها أصابع الاتهام لها، نجد أنَّ مكاتب الاستقدام تؤكِّد على أنَّها هي الضحية وأنَّها تواجه ضغوطات كبيرة من قبل وزارة العمل، التي فرضت عليها تلك العقوبات ونسيت المتهم الحقيقي، وهو "المتعهد"، الذي لا يلتزم بوعوده ويرفع أسعار تكلفة استقدام الخادمة، الأمر الذي يجعل المكاتب المعنية في الخارج تقع أيضاً ضحيةً لهذا الاستغلال، ومع ذلك فإنَّ وزارة العمل بدورها تحاول أن تُقدِّم الدعم اللازم في هذا الشأن، من خلال محاولة حل هذه المشكلة، بيد أنَّ الأمر يحتاج –على ما يبدو- إلى صبر طويل. وفي ظل هذه الأزمة تظهر بين فترة وأخرى سوق سوداء لتأجير الخادمات يقودها سماسرة من الجنسين، إلى جانب بعض العمالة الأجنبية ممَّن يروجون لبعض الخادمات الهاربات، حيث يتولى هؤلاء مهام التأجير والتنسيق وقبض العمولة، في حين قد يصل أجر الخادمة في رمضان إلى ستة آلاف ريال، دون رادع من الجهات المعنية في إيقاف هؤلاء المخالفين. جهود حثيثة وأكَّد عمير بن عبدالرحمن الزهراني -مدير الاستقدام بوزارة العمل في المنطقة الشرقية- على أنَّ هناك جهودا حثيثة تبذلها وزارة العمل للوصول إلى التسهيلات التي تكفل استقدام الخادمات إلى المملكة العربية السعودية، وهو التوجه الجديد في ملف الاستقدام الذي يشرف عليه شخصياً معالي الوزير، مشيراً إلى الأنظمة الجديدة التي تمَّ الإعلان عنها مؤخراً، موضحاً أنَّها ستكفل تنظيم الاستقدام بشكل إيجابي. وأضاف أنَّ عملية المتاجرة بالخادمات، خاصةً في شهر رمضان المبارك، سواء تأجيرها بالساعة أو الشهر على ربات البيوت المحتاجات للخادمة، أمر ليس من شأن وزارة العمل، مؤكِّداً على أنَّ الجوازات هي الجهة المسؤولة عن هذا الأمر. حاجة ماسَّة وأوضح خالد الخضير -صاحب مكتب استقدام في المنطقة الشرقية- أنَّ طلبات تقديم الأسر السعودية للحصول على الخادمات يبدأ قبل شهر رمضان بحوالي (30) يوماً تقريباً، وذلك حتى ما بعد عيد الأضحى المبارك، حيث يستغني كثير من الأسر في فترة الإجازة عن الخادمة القديمة ويتمّ التقديم لجلب خادمة جديدة قبل بدء موعد السنة الدراسية الجديدة، مُضيفاً أنَّ هناك تدافع في الطلب على الخادمات قبل شهر رمضان المبارك بشكل كبير نتيجة الحاجة الماسّة لها. وأشار إلى أنَّ الشكوك تدور في كثير من الأحيان حول مكاتب الاستقدام في تأخيرها استقدام الخادمة خلال شهرين قبل حلول شهر رمضان، بيد أنَّ هذه الشكوك غير حقيقية بتاتاً، مُضيفاً أنَّه يؤيد التوجّه الجديد لمكتب العمل في سبيل تنظيم سوق استقدام العمالة المنزلية، لافتاً إلى أنَّ هذه التنظيمات قد تُحدث تغيّرا في تسريع عملية الاستقدام، إلاَّ أنَّ ذلك يبقى ضمن المأمول، حيث لم يحدث حتى الآن أيّ جديد في هذا الخصوص. تنظيمات جديدة وأضاف الخصير أنَّ العميل يُقدِّم طلب استقدام الخادمة، في حين أنَّ النظام الجديد في مكتب العمل يُعلن عن التنظيمات الجديدة، موضحاً أنَّه لا يوجد حتى الآن أيّ انفراج، حيث إنَّ مكاتب الاستقدام تُجهِّز العقود والعميل ينتظر ثلاثة أشهر، إلاَّ أنَّ قلَّة التأشيرات في الدول المُصدِّرة للخادمة تُعيق هذا الاستقدام، الذي يطول لأكثر من ثلاثة أشهر، ففي السابق وقبل سنوات كانت مدة الاستقدام تصل إلى أسبوعين، بيد أنَّ فترة انتظار العميل الآن قد تصل إلى مدة ينسى خلالها رقم معاملته. وبيَّن أنَّ مدّة انتظار العميل حالياً قد تصل إلى ستة أشهر، مُضيفاً أنَّ الحاجة تدعو إلى أنَّ يكون حجم الطلب أقل من العرض حتى نستطيع اقتصادياً أن نهزم التكلفة العالية التي وصل إليها سعر تكلفة استقدام الخادمة في بعض الدول، مُشيراً إلى أنَّ هذه التكلفة وصلت في "سيريلانكا" إلى (25) ألف ريال، موضحاً أنَّ مثل هذه الدول تستغل حاجة الأسر السعودية وتستغل كثرة الطلب على الخادمة، وبالتالي فإنَّهم يتلاعبون بالمكاتب الخارجية، التي تقع هي أيضاً ضحية هذا الاحتيال. خفض التكلفة وقال الخضير: "إنَّ المُتسبِّب في مشكلة تأخير استقدام الخادمة ليست مكاتب الاستقدام أو حتى المكاتب الخارجية المُنظِّمة والمُنسِّقة في الدول المعنية، بل إنَّ المتهم الحقيقي هو المُتعهِّد في كل قرية، وهو الشخص المسؤول أمام أهل الخادمة والمعنيّ بإرسالها إلى مكتب عمل في بلده، ثمَّ يتمُّ ترشيحها للعمل في دولة من الدول، وغالباً ما يسعى هذا المتعهد لإرسال الخادمة إلى المملكة؛ نظراً لارتفاع حجم الطلب على الخادمة، حيث وصل معدل الطلب فيها إلى (90%) على مستوى الشرق الاوسط". ولفت إلى انَّ هناك من يستغل الحاجة للخادمة فيبتز مكاتب الاستقدام ويعرض (10) جوازات مقابل (400) دولار أميركي، ثمَّ إذا وجد القبول من مكتب خرج إلى آخر وطلب سعرا أعلى؛ ليقينه أنَّ هناك من سيدفع له هذا المبلغ، فيبتز المكاتب حتى يصل إلى أعلى سعر، مُبيِّناً أنَّ "الدلاَّل" هو المتحكم بالسوق وليس المكاتب الخارجية أو مكتب الاستقدام في المملكة، مُضيفاً أنَّ تطبيق نظام وزارة العمل والتوقف عن الاستقدام موقتاً من الدول التي ترفع الأسعار سينجح في خفض التكلفة. سوق سوداء وأرجع الخضير السبب في خفض التكلفة إلى أنَّ "الدلاَّل" سيجد أنَّه ليس هناك طلب كبير فيبدأ بالتراجع عن ابتزازه، مُضيفاً أنَّ مكاتب الاستقدام كانت في السابق تُنجز الجواز الواحد للخادمة مجاناً، أمَّا اليوم فوصل إلى أعلى مستوى، وذلك في دولة مثل: "سريلانكا" –مثلاً-، كما أنَّ الجواز الواحد وصل إلى (1200) دولار أميركي في بعض الدول، مُنتقداً ما يحدث من منافسة بين أشخاص أصبحوا يستقدمون بتكلفة كبيرة في غياب الرقيب. وأضاف أنَّ هؤلاء الأشخاص يعرضون خدماتهم فيلجأ المواطن لهم ويرسل مبلغا ماليا إلى حسابهم في بلدهم، سواء في "الهند" أو "كينيا" أو غيرها، ومن ثمَّ يرسلون الخادمة له بشكل عاجل، خاصةً قبل شهر رمضان، وبالتالي يزداد الطلب على هؤلاء ويزيد نجاحهم، بينما ينتج عن ذلك سوق سوداء لا يحكمها أيّ نظام، مُشيراً إلى أنَّ مكاتب الاستقدام أصبحت مفلسة في جانب الربح، موضحاً أنَّ الأرباح كانت جيدة في السابق، نظراً لتوفّر الخادمات، أمَّا الآن فإنَّ هذه المكاتب تدفع رواتب لموظفيها بينما السوق في حالة ركود. برنامج "مساند" وأكَّد الخضير على أنَّ المشكلة بدأت منذ العام (2010م)، وذلك بعد أن استلمت وزارة العمل ملف الاستقدام، حيث تمَّ فتح باب الاستقدام من "إثيوبيا" قبل أن يتمَّ إغلاقه، ثمَّ تمَّ فتح بابه من "كينيا"، قبل أن تكتشف مكاتب الاستقدام أنَّه ليس هناك عقود رسمية معهم، وبالتالي واجهت مكاتب الاستقدام مشكلات كبيرة مع "كينيا" ووُجهت إليهم كثير من الاتهامات، مُبيِّناً أنَّ وزارة العمل لم تضغط على المكاتب الخارجية، بل ضغطت على مكاتب الاستقدام الداخلية وأصدرت برنامج "مساند". وأوضح أنَّ "مساند" برنامج رائع، لكنَّ تطبيقه صعب جداً، خاصةً في فترة ما قبل شهر رمضان المبارك، وهو الوقت الذي يصل فيه الإقبال على الخادمة إلى الذروة، لافتاً إلى أنَّ معدَّل الطلب وصل إلى (400) ألف خادمة، في حين لم تدخل خلال ثلاثة أشهر من "بنجلاديش" سوى خمس خادمات، وهو معدل ضعيف جداً إذا ما قورن بحجم الطلب الكبير. تأجير الخادمات وبيَّنت دلال يوسف –موظفة- أنَّ هناك احتياجا كبيرا للخادمات، خاصةً قبل شهر رمضان المبارك، الذي يُعد موسم الذروة، مُضيفةً أنَّه يتم التقديم للحصول على الخادمة قبل شهر رمضان بثلاثة أشهر تقريباً، وتكون هناك وعود من قبل مكاتب الاستقدام لتوفيرها قبل قدوم شهر رمضان، إلاَّ أنَّ كثيرا من الأُسر تقع –للأسف- في مأزق عدم حضورها في الوقت المناسب، مشيرةً إلى وجود من يستغل حاجة هذه الأُسر، ومن ثمَّ يؤجرون خادماتهم بأسعار مرتفعة جداً. ولفتت إلى أنَّ هؤلاء يضعون التسعيرة اللازمة دون حسيب أو رقيب، مُضيفةً أنَّ الساعة الواحدة في الأيام العادية تصل إلى (25) ريالاً، وكل ست ساعات بمبلغ يصل إلى (400) ريال، كما أنَّ السعر في النهار يختلف عنه في فترة المساء، إذ يزيد هذا السعر بشكلٍ مبالغ فيه في فترة المساء، أمَّا في شهر رمضان فإنَّ السعر يصل إلى ستة آلاف ريال، وربَّما أكثر، حتى أصبحت الأُسر تعاني كثيراً نتيجة تأخُّر مكاتب الاستقدام في جلب الخادمة في الوقت المطلوب. وأيَّدتها الرأي حنان حمود -موظفة-، مُضيفةً أنَّ هناك أزمة خادمات، خاصةً في شهر رمضان المبارك، الذي يزيد فيه معدل العمل في المطبخ خلال النهار، ورُبَّما اقتطعت ربَّة المنزل جزءاً من ساعات الليل لتقضيها في المطبخ، موضحةً أنَّ المشكلة تزداد في حال كان عدد أفراد الأُسرة كبيراً، أو حينما يكثر توافد الزوّار إليها في شهر الصيام، ما يعني إعداد قائمة طويلة من أصناف الطعام المختلفة، مُشدِّدةً على ضرورة إيجاد حلول جذرية لحل مشكلة تأخُّر استقدام الخادمات. وأضافت: "بعد الضوابط التي أعلنت عنها وزارة العمل مؤخراً تفاءلنا كثيراً بوجود إجراءات يتمّ تطبيقها لتسريع الاستقدام قبل شهر رمضان، إلاَّ أنَّ الوضع بقي على ما هو عليه. بعض ربَّات المنازل يعتمدن كثيراً على الخادمة في شهر رمضان بعض العمالة الأجنبية يؤجرون الخادمات الهاربات بأسعار مبالغ فيها