التركيبة الحقيقية لأي إنسان لا يمكن كشفها أو الحكم عليها من أول حديث أو لقاء. فكل شخصية بشرية تشكل في مجملها مزيجاً فريداً ومعقداً من التجارب والخبرات والحماقات التي ارتكبت خلال عمره السابق.. (ويزيد الطينة بلة) ضرب كل ذلك في تأثير الوراثة وطبيعة التربية وعادات المجتمع وقوة السيطرة على جهازه العصبي. ولكن، إن كان لابد من حكم سريع يفرضه ضيق الوقت وخصوصية اللقاء فأنصحك أولاً بعزل المظهر والمنصب والنسب والحديث المنمق والتوجه بسرعة لقراءة حركات الجسد وملامح الوجه ونبرات الصوت واتجاهات العينين.. لاحظ مثلاً طريقة جلوسه، هل هو مسترخ أم يحرك فخذيه بتوتر؟ هل يجلس بثقة ورأسه مرفوع أم منحنٍ يستند على مكتبه!؟ وهل يخرج صوته بمستوى ثابت واحد أم تستشف خلف كلماته نبرات قلق وارتباك!؟ هل ينظر في عينيك مباشرة أم يتحاشاهما وينظر يمنة ويسرة لأنه لا يخبرك بالحقيقة، هل يكثر في كلامه من الحلف والأيمان (وكأنه المريب يقول خذوني) أم يخبرك بما لديه بدون تكلف ومبالغة (وكأنه يقول هذا ما لدي صدق أو لا تصدق)!! ٭ وبالإضافة إلى العينين وكيف يمكن قراءتهما، والحركات التلقائية وكيف يمكن تفسيرها، والكلام وكيف يمكن استشفاف ما خلفه، تستطيع استشفاف شخصية جليسك بملاحظة حركات كفيه أثناء الكلام.. ولكن، قبل الحديث عن حركات اليدين أشير في البداية إلى أنها «عادة »تتفاوت فيها الشعوب، ففي الغرب مثلاً لا يستعمل الناس إشارات اليدين كثيراً عند الكلام، في حين يبدو هذا التصرف واضحاً في الشعوب الشرقية - ولدى العرب خصوصاً -.. كما لوحظ أن النساء يستعملن حركات اليدين أكثر من الرجال، والأطفال أكثر من النساء، والأميين أكثر من المتعلمين، والعامة أكثر من الخاصة وجميعها أمور يجب أن تؤخذ بالحسبان! فالإشارة بالسبابة مثلاً صعوداً وهبوطاً يعني التهديد حتى لو لم تقل الكلمات ذلك. والتلويح بمجمل الأصابع يمنة ويسرة (كمن يدير الصنبور ويغلقه) يعني عدم تأكد جليسك مما يقول حتى لو حاول اقناعك بغير ذلك. أما الإنسان الذي يبقى إحدى كفيه في حضن الأخرى فهو في موقف يرجو فيه موافقتك ورضاك. أما التوتر فقد «يطقطق» بأصابعه ويفرك يديه بعصبية ملحوظة. ومن تتعرق يداه أمامك يكون في قمة الارتباك والتوتر (وغالباً ما يترافق ذلك مع خفقان شديد وتوتر في التنفس). أما من يكثر من تحريك يديه فهو لا يستطيع السيطرة على نفسه ولا يراعي ما يقول. أما تشبيك الأصابع (أو ملامسة كل إصبع بأخيه في الكف الأخرى) فدليل على الثقة بالنفس - وربما الغرور والتمظهر -. ٭ وحركات اليدين عموماً تفضح المرأة أكثر من الرجل، فالمرأة التي تحضن الأشياء حين تحملها(كمن يمسك عصفوراً صغيراً) امرأة رقيقة وحنونة بطبعها. أما المرأة التي تمسد غرتها دائماً (بدون داع) فهي مغرورة ولا ترى غير نفسها. أما التي تقوس اصابعها دائماً باتجاه نفسها (حتى لو أشارت لشيء بعيد) فهي انانية محبة لذاتها. والمرأة التي تعقد يديها أثناء حديث عام لا تصدق ما يقال أو تتخذ موقفاً مخالفاً.. أما من تضع يديها على وركيها وتتحدث بعصبية (مثل بنت البلد) فهي تتحدى من يقف أمامها ولا تخشاه أبداً!! .. على أي حال هذا المقال لا يغطي كل الحركات والتصرفات (اللاواعية) التي يمكن بواسطتها فضح الآخرين، غير أنه يُعد كافياً لتوضيح الفكرة وتقديم نموذج يتيح لك (منذ الغد) تنمية مواهبك في هذا المجال!