استقبلني في مكتبه بترحيب حار وابتسامة جادة وثقة، فرضتها طبيعة العمل في شركة تقنية عالية الجودة، حدثني بشفافية ووضوح ودراية واسعة تعكس عمق الرؤية واستراتيجية التخطيط، متناولاً جهود الشركة في توطين الوظائف، ومدى ايمانه وقناعته بقدرات الشاب السعودي الذي أثبت نجاحاً كبيراً وتميزاً في الأداء، وأن الشاب السعودي لا يقل عن أمثاله من الشباب العالمي إذا تم منحه الفرصة الكافية والتدريب اللازم والثقة الكاملة، وحدثنا عن بيئة العمل الجاذبة في شركة الالكترونيات المتقدمة، مؤكداً أن نقل التقنية عالية الجودة لن يتم إلا من خلال الاعتماد بشكل اساسي على الكفاءات المحلية، وتحدث أيضاً عن رسالة الشركة السامية تجاه المسؤولية الاجتماعية.. أقدم لكم حواري مع الدكتور غسان بن عبدالرحمن الشبل، الرئيس التنفيذي لشركة الالكترونيات المتقدمة، عبر السطور التالية فإلى مضامين الحوار: الدكتور غسان بن عبدالرحمن الشبل، (الرئيس التنفيذي لشركة الالكترونيات المتقدمة) حوار: فهد سليمان العيسى *لشركة الالكترونيات المتقدمة تجربة رائدة في توطين الوظائف، حدثونا عن استراتيجيتكم في مجال التوطين، وكيف تقيمون هذه التجربة؟ -استراتيجية الشركة من حيث التوطين ليست معقدة وتعتمد في أساسياتها على أمور بديهية لنجاح أي منشأة، والعنصر الأساسي لهذه الاستراتيجية هو اختيار الأجود، ولكن كيف يمكن تحديد الأجود، وهذا أحد اكبر التحديات التي تواجه توطين الوظائف في المملكة العربية السعودية، إذ تشترط بعض الشركات خبرة مسبقة لأي وظيفة، لكن كيف يكتسب طالب الوظيفة الخبرة ما لم يتم منحه الفرصة للعمل واكتساب الخبرة، وتعريفنا نحن للأجود هو من كان ملتزماً أثناء دراسته، ونجد من خلال المقابلة الشخصية الرغبة الجادة لديه للتعلم وحب النمو الوظيفي، والذي نجد من خلال الاختبارات التي نجريها أن يكون لديه الاستعداد للتطوير، وهذه هي أساسيات استراتيجيتنا، لكن بالإضافة إلى ذلك فنحن ابتعدنا بشكل أساسي عن التوظيف بالواسطة والمعرفة، حيث لا نوظف بالعلاقات والمعرفة ولكن بالكفاءة والملاءمة للوظيفة، ونحن في شركة الإلكترونيات المتقدمة لا نستجيب أبداً للواسطة، وقد وجدنا تقبلاً كبيراً من المسؤولين في هذا الجانب، من ناحية أخرى فإن التوظيف بالواسطة يعود بأثر سيئ على المتوظف بالدرجة الأولى إذ قد لا يقوم بالعمل كما يجب فيتم فصله، هذا فضلاً عن أخذه فرصة وظيفية لشخص هو أحق بها، والضرر في هذه الحالة ليس على الموظف فقط بل على المجتمع ككل. نقل التقنية عالية الجودة يتحقق بالاعتماد على الكفاءات المحلية بشكل أساسي * كيف نجحت شركة الالكترونيات المتقدمة في توطين الوظائف الفنية عالية التقنية؟ وهل لكم تعامل مع مراكز أبحاث للتدريب المشترك؟ - نجاحنا في توطين الوظائف كما أوضحت سابقاً، يرجع بالدرجة الأولى إلى استراتيجيتنا النابعة من قناعة تامة ولا جدال فيها بأن الشاب السعودي لا يقل كفاءة عن مثيله في الجهات العالمية المعترف بها، وبأن نقل التقنية عالية الجودة في التخصصات الفنية لن يتم إلا من خلال الاعتماد بشكل اساسي على الكفاءات المحلية، كما أوجدنا استراتيجية كاملة لتوطين الوظائف تعتمد على محاور عدة: - ركزنا بشكل خاص على استقطاب الكفاءات من المهندسين والفنيين السعوديين حديثي التخرج، وبالتالي أزلنا عنهم عائق الخبرة السابقة في مجال العمل. - نضع حديثي التخرج عند تعيينهم على رأس العمل فوراً، بعد تدريب سريع على اجراءات العمل، وأخبرنا بالتالي الشاب السعودي بكونه محل ثقتنا، وهذا بالتالي يضع مسؤولية على عاتقه وتجعله يتعلم ويجاري زملاءه في أسرع وقت ممكن، وقد اثبتت هذه الاستراتيجية نجاحا منقطع النظير. التسرب يشكل تحدياً كبيراً للشركات.. نواجهه بالحوافز والمكافآت وتحقيق الرضا الوظيفي - نركز على ناحيتين من التدريب: - التدريب العام: ويشمل الأسس العامة لصناعة الالكترونيات مثل اخلاقيات العمل وادارة الوقت والمشروعات، بالإضافة إلى الدوائر الكهربائية واللحام وغيرها مما يتعلق بمجال العمل. - التدريب المتخصص: ويتم على عمل الموظف بالتحديد، وهو يتم خلال طريقتين: - التدريب من خلال مراكز تدريب عالمية متخصصة. -الحاق الموظف في إحدى الشركات العالمية التي لنا ارتباط عمل معها، حيث يعود بخبرة عالية ليواصل عمله في الشركة بكفاءة ونجاح، وخلال سنتين فقط تتجاوز خبرته ما كان سيحصل عليه خارج الشركة في 20 عاماً، حيث التدريب المتخصص وبيئة العمل تساعده بشكل كبير على النجاح والإنجاز. * بماذا تردون على من يقول ان الشاب السعودي غير جاد في العمل؟ أو إن انتاجيته منخفضة؟ لدينا بيئة عمل جاذبة.. ولا وجود للواسطة في التوظيف.. ونسبة السعودة 80% - تجربتنا في شركة الالكترونيات المتقدمة خير برهان على عكس الاعتقاد بعدم جدية الشاب السعودي، فلدينا بيئة عمل جادة وملتزمة، ومع هذا فقد حققنا نسبة توطين 80% من إجمالي الوظائف لدينا، والشاب السعودي لدينا أثبت نجاحاً وتحملاً للمسؤولية على مستوى مهني عالي جداً، خاصة واننا نطبق معايير تقنية وعلمية ومهنية عالية الجودة، ونحن في الشركة نساعد الموظف على التميز من خلال بيئة العمل الجادة التي تحفز الموظف على الجدية في العمل والابداع، والشاب السعودي مثله مثل أي شاب في العالم إن لم يكن أفضل. *تعتبر المملكة من الدول التي لديها تجارب مشهودة في مجال الاختراعات، كيف ترون دور الشركة في الاستثمار او دعم هذه الاختراعات؟ - لدينا في الشركة ادارة الهندسة والتطوير ويعمل بها ما يزيد عن 180 مهندساً وفنياً، يشكل السعوديون منهم ما نسبته 76%، ويعملون على تطوير المنتجات الخاصة بالشركة بالإضافة إلى تقديم الدعم الهندسي والفني لمشروعات الشركة في المجالات الهندسية والفنية، وقد قامت هذه الادارة بعمل العديد من المشروعات منها:العدادات الكهربائية الالكترونية، وتستخدم الشركة السعودية للكهرباء العدادات الرقمية في مشروعاتها بالإضافة الى جهات اخرى، كذلك قامت الشركة بتصنيع انظمة لقراءة العدادات الكهربائية عن بعد من خلال الخطوط الكهربائية، وبدون الحاجة إلى قارئ للعداد، كذلك طورت الشركة انظمة عديدة في تتبع المركبات وادارة الاساطيل، كذلك قامت الشركة بابتكار انظمة للمراقبة والمتابعة والسيطرة عن بعد للمنظومات الصناعية المختلفة. وفي القطاع العسكري عملنا على نظام خاص بالرصد الجوي ولا يقل كفاءة عن الأنظمة العالمية العاملة في هذ المجال، وذلك كله تم بتطوير كامل في منشآت الشركة، وبعضها قمنا بتسجيله كبراءات اختراع. * تطبق الشركة معايير الجودة الشاملة في جميع تعاملاتها، ماذا حققتم في مجال الجودة، وهل حصلتم على شهادات او تكريم في هذا المجال؟ - اشكرك على هذا السؤال، إذ ان الجودة اصبحت تستخدم ككلمة فقط بدون العمل بمحتواها في منشآت كثيرة، وبدون آليات عمل واضحة ومفهومة، لكن نحن في شركة الالكترونيات المتقدمة طبقنا مفاهيم الجودة الشاملة في هيكل الشركة، ولدينا إدارة خاصة بالجودة والنوعية، وهي معنية بالتأكد من منتجات الشركة ومدى مطابقتها للمواصفات العالمية ولعملائنا من الجهات التي نتعامل معها. وفي سبيل تأكيد التزامنا بالجودة الشاملة، قمنا بدمج إدارة الجودة والنوعية بإدارة التدقيق الداخلي، ووضعنا عليها نائب رئيس للجودة والتدقيق، وهو مهندس سعودي على مستوى عال من الكفاءة، ومسؤوليته تشمل الجودة الشاملة للمنشأة ككل وليس جودة المنتجات فقط، وايضاً الالتزام بإجراءات وضوابط العمل، والاستجابة للشكاوى ومقترحات التطوير والشفافية والنزاهة في تعاملات الشركة داخلياً أو خارجياً، كما تعمل هذه الادارة على تقديم المقترحات للتطوير. *لشركة الالكترونيات المتقدمة دور كبير في دعم برامج المسؤولية الاجتماعية، حدثونا عن دور الشركة في هذا الجانب؟ - دورنا تجاه المسؤولية الاجتماعية يشكل رسالة أصيلة لدى الشركة وليس نتاج مجاملات، أو عملاً مرحلياً، بل هو نابع من قناعة تامة لدينا بأن أي منظومة لكي يكون لها حضور في المجتمع يجب أن يكون لها دور تجاه المجتمع الذي تعمل به، وفي هذا السياق فنحن نشارك في حملات مكافحة التدخين وفي الحملات التوعوية بأمراض السرطان ومسبباته، وفي حملات التوعية المرورية، كما نشارك مع دور الرعاية الاجتماعية، وجمعيات الاطفال المعوقين من خلال شراء منتجاتهم فضلاً عن الدعم العيني وإلى تبني سنة تعليمية كاملة لقسم أو مسار معين، ايضاً نقوم ببرامج صيفية للطلاب في المرحلة الثانوية والجامعية تتمثل في دورات في مجال الحاسب واللغة الانجليزية واخلاقيات العمل، وتجهيزهم للمرحلة الجامعية تمهيداً لسوق العمل، بالإضافة الى مشاركات واسعة لا يتسع المجال لذكرها. وكما نحرص على المسؤولية تجاه مجتمعنا فإننا حريصون تماماً على مسؤوليتنا المجتمعية تجاه موظفينا حيث إنهم يشكلون عينة صغيرة من المجتمع الكبير، إذ اننا نحرص على تقوية الروابط الاجتماعية والتآلف بن موظفي الشركة من خلال المسابقات الرياضية بين جميع قطاعات الشركة، بالإضافة الى الاجتماع السنوي مع جميع الموظفين بدون استثناء الذي نعرض فيه على الموظفين خطتنا الاستراتيجية وما تم انجازه والخطط المستقبلية والنمو المتوقع، وفي هذا الاجتماع الذي يجمع قيادة الشركة بجميع الموظفين نحرص على الاجابة على جميع الاسئلة مهما كانت حدتها. أيضاً نقوم برحلة سنوية للموظفين وعائلاتهم ليوم يكون حافلاً بالترفيه والمسابقات الرياضية والثقافية ويتم فيه سحوبات جوائز، إذ الهدف هو تقريب الادارات من بعضها البعض ليشعروا بأنهم أسرة واحدة داخل الشركة، بالإضافة إلى مشاركة جميع موظفي الشركة في يوم افطار رمضاني، وغيرها من المناسبات والفعاليات التي تعزز الترابط والتآخي بين موظفينا. * تحرص شركة الالكترونيات المتقدمة على التواجد في كل محفل ومعرض، ما الهدف الذي تسعى له الشركة في مثل هذه المشاركات؟ - نحرص على المشاركة في أيام المهنة والتوظيف لاعتبارات عديدة، أولها وأهمها استقطاب الكفاءات والتخصصات التي ترغبها الشركة في المتقدمين، بالإضافة إلى توعية الطلبة حديثي التخرج بالفرص الوظيفية التي تتناسب مع تخصصاتهم الدراسية، اذ ان الدولة تنفق الكثير في سبيل التعليم وهو مكلف جداً، لكن التعيين على غير التخصص يشكل هدراً واستنزافاً للاقتصاد الوطني، وهي مشاركة نحرص على توضيحها وتأكيدها وهي رسالة اجتماعية نقدمها لأبنائنا الطلبة. * تستثمر الشركات في كوادرها البشرية تأهيلا وتدريباً، لكنها تفاجأ بتسرب هذه الكوادر لشركات أخرى، ماذا خططتم لمواجهة هذا التسرب؟ -التسرب بلا شك يشكل تحديا كبيرا لأي منظومة عاملة، وخاصة لدينا في شركة الالكترونيات المتقدمة لأننا نستثمر كثيراً في تأهيل وتدريب مواردنا البشرية الوطنية، وبالتالي فإن خسارتهم تشكل لنا خسارة كبيرة بلا شك، إلا أن الموظف لدينا يفكر كثيراً قبل قبول أي عروض من شركات اخرى فبيئة العمل لدينا جاذبة ومتميزة، ومع هذا فإننا نقدم لموظفينا حوافز مستقبلية مثل القروض السكنية، والمكافآت المالية لمن امضى سنوات معينة، بالإضافة الى فرص الترقي والتدرج الوظيفي، ومكافأة المتميزين بمكافآت خاصة لتحفيزهم، وهذا يحقق الرضا الوظيفي لكوادرنا الوطنية، ومع هذا فنحن ننظر للتسرب بألم لكننا ننظر بناحية ايجابية إذ أن من يتسرب لدينا يذهب بالتالي الى العمل في الشركات السعودية التي تشكل الاقتصاد السعودي الكبير، ونحن دائماً للوطن وفي خدمة الوطن. مسؤولو الشركة في أحد البرامج الرياضية لجمعية الأطفال المعوقين بيئة عمل جادة وجاذبة دور رائد للشركة في المسؤولية الاجتماعية
