كانت مجزرة ملعب هيسل التي وقعت قبل 30 عاما بالتحديد، ودفع ثمنها 39 مشجعا في 29 مايو 1985 ثم مجزرة ملعب هيلزبره 1989 بمثابة الشرارة التي فتحت الباب امام تحديث كرة القدم الانكليزية وانهيار موجة شرسة من الهوليغانز كادت تفتتها. زهقت ارواح كثيرة للقضاء على شغب الملاعب الذي وصفته رئيسة وزراء بريطانيا انذاك مارغريت ثاتشر ب"مشكلة الهوليغان". شرح جون وليامس خبير سلوك المشجعين في جامعة ليستر البريطانية: "ساهمت كارثتا هيسل وهيلزبره على نطاق واسع بفهم ان هذه الرياضة المهمة ثقافيا لهذا البلد ولدت مشكلات سلوكية، أن صوت المشجعين غير الهوليغان كان مخنوقا، وتمت ادارتها بشكل غير فاعل من قبل السلطات". مجزرة هيسل، التي وقعت بعد 18 يوما من وفاة 56 شخصا في حريق ملعب برادفورد، ايقظت الضمائر ومكنت الدولة من الشروع في الاستجابة. عنونت صحيفة "دايلي ميرور" البريطانية صباح اليوم التالي: "اليوم الذي ماتت فيه كرة القدم". في سياق تجريمي، نظر الى المشجعين بأنهم جحافل عنصرية مدمنة، فولدت بعدها رابطة رسمية لهم لاستعادة صورتهم الممزقة. أجري مسح واسع لاحقا حول قانون جديد يوسع صلاحيات الشرطة في اطار الحفاظ على النظام. جاءت النتائج سريعة لكن الخوف والقرف خفضا معدل حضور الجماهير من 18 الى 16،5 مليون متفرج سنويا الى الملاعب، على غرار ما حصل بعد الحرب العالمية الثانية. كانت المباراة النهائية لكأس الاندية الاوروبية البطلة (دوري ابطال أوروبا راهنا)، بين يوفنتوس الايطالي وليفربول الانكليزي على ملعب هيسل في بروكسل. وقبل ساعة على بداية المباراة، قامت مجموعة كبيرة من جماهير ليفربول بكسر سياج هش يفصل بينهم وبين جماهير ليوفنتوس، فاتجهت الاخيرة الى جدار صلب وحصل تدافع ادى الى انهياره وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. اللافت ان المباراة اقيمت برغم الكارثة وفاز فيها يوفنتوس 1-صفر، اذ اعتبرت السلطات ان الكارثة كانت ستكون اعظم خارج الملعب لو الغيت المباراة، لكن المأساة ادت الى حظر مشاركة الاندية الانكليزية من قبل الاتحاد الاوروبي حتى موسم 1990-1991 واستبعد ليفربول سنة اضافية وتمت محاكمة وسجن عدد من جماهيره بتهمة القتل غير المتعمد. لم يكن ملعب هيسل (الملك بودوان حاليا) مناسبا لاقامة مباراة مثل نهائي بطولة اوروبا للاندية اذ لم تتم صيانته منذ عدة سنوات وكانت اجزاء كبيرة منه قد تهدمت، لدرجة ان بعض المتفرجين دخلوا من دون تذاكر في ثقوب جدرانه. الكارثة الثانية التي راح ضحيتها 96 شخصا في هيلزبره على ملعب شيفيلد قبل لقاء بين ليفربول ايضا ونوتنغهام في نصف نهائي كاس انكلترا 15 ابريل 1989، اثبتت ان كل الدروس لم يتم استيعابها، لكن هذه المرة ألقي باللوم على الشرطة التي سمحت بدخول اعداد كبيرة الى الملعب. يتابع الباحث: "غيرت هيلزبره النظرة لان هذه السياسة الفائقة القمعية ولدت شيئا اكثر خطورة". اثارت هذه المأساة موجة واسعة من تحديث الملاعب، وذلك ثلاثة اعوام قبل انشاء دوري البرمير ليغ القوي، الذي حول الاستعراض الشعبي الى مصدر لضخ الاموال ابتداء من 1992 ولفظ الجمهور المشاغب. باتت كاميرات المراقبة ضرورية في كل الملاعب، تم الفصل بين الجماهير المبارزة، منع الكحول وفي نهاية التسعينيات كثر الحظر في الملاعب. بموازاة ذلك، ارتفعت اسعار التذاكر ما تسبب في تحسين بنية الملاعب. يضيف الباحث: "اليوم تعتبر اعمال الشغب هامشية لدى فرق النخبة، لكن في الخارج فإن العصابات لا تزال تعمل. من يسافر مع الفريق لم يعد من فئة ما دون 30 عاما ومن الطبقات المحرومة. الضغط الاعلامي لم يعد الان يتركز على الشغب بل على غياب الاجواء المثيرة". دخلت الاندية الانكليزية في نفق طويل بعد الحظر القاري خصوصا بعد ان كانت احرزت اللقب القاري الاهم سبع مرات في ثماني سنوات سبقت مجزرة هيسل، وانتظرت حتى عام 1999 عندما نجح مانشستر يونايتد بالظفر به مجددا في دوري الابطال، بعد ان دفع ثمنه ايفرتون الذي كان يعج فترة الحظر بجيل ذهبي مؤهل لحصد الكثير من الالقاب.