استكمالاً لموضوعي السابق حول حادث نفق النهضة ومن المسؤول فيه الشباب أم الفتيات؟ سأتحدث اليوم عن موضوع أو سمة يتحدث عنها علماء النفس لعلها توضح لنا من المسؤول وهذه السمة تعرف باسم وجهة الضبط (Locus of Control)ووجهة الضبط هذه تشكل نوعين من الأفراد الفئة الأولى ذات وجهة ضبط داخلي Internal Locus of Control والفئة الثانية ذات وجهة ضبط خارجي External Locus of Control أصحاب وجهة الضبط الداخلي يؤمنون بأن كل ما يصدر عنهم من سلوك ونتائج ذلك السلوك هم السبب فيه ويتحملون مسؤوليته. أما أصحاب وجهة الضبط الخارجي فإنهم يؤمنون بأن سلوكياتهم ونتائجها فرضت عليهم وهي نتيجة للبيئة من حولهم أو حتى للحظ أو لسيطرة الآخرين عليهم. وسمة وجهة الضبط تنميها الأسرة والمدرسة من خلال عملية التنشئة الاجتماعية ويتسم بها الفرد طوال حياته ويبدو اننا وللأسف الشديد في مجتمعاتنا العربية نغفل هذه السمة وأهميتها ولذلك نحن كمجتمعات وكأفراد نفتقر إلى تحمل مسؤوليات سلوكياتنا ونستخدم اللوم والاسقاط كطوق نجاة نطفو به على السطح في وهم فردي أو جماعي يجعل من الآخر هو السبب في سلوكياتنا وقراراتنا التي اتخذناها نحن بكامل قوانا العقلية ودون ضغط من أي مصدر خارجي .. هناك دراسات عديدة وجدت ان مصدر الضبط له علاقة بالتحصيل الدراسي، والتوافق الزواجي والغضب ومدى التحكم فيه وأمور أخرى عديدة في حياة الفرد تجعل من الأفراد الذين يتمتعون بوجهة ضبط داخلي أكثر نجاحاً وتوافقاً في حياتهم فهم أعلى في تحصيلهم الدراسي وأكثر نجاحاً في حياتهم العملية وأكثر ضبطاً لانفعالاتهم بل وأكثر توافقاً في حياتهم الزوجية من الفئة التي تكون وجهة الضبط لديها خارجية. وفي ديننا الإسلامي الحنيف تؤكد الكثير من آيات القرآن الكريم ان التربية الإسلامية تعد المسلم ليكون ذا وجهة ضبط داخلي ويكفي الاستشهاد ببعض الآيات القرآنية من قوله سبحانه وتعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة} و{لا تزر وازرة وزر أخرى}، {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، {وما أصابك من سيئة فمن نفسك}. ان الفئة التي تلوم الفتيات تجعل من شبابنا تتبنى وجهة الضبط الخارجي بمعنى غيروا البيئة من حولي وإلا حدث ما لا تحمد عقباه اجعلوها بيئة مناسبة. اطلبوا من الفتيات الحشمة وألا يلبسن العباءة المطرزة وربما من الأفضل أن يبتعدن عن طريقي احتراماً لحاجاتي ودوافعي وغرائزي الشيطانية لأنني لا أملك القدرة على الضبط الذاتي فأنا إنسان متحلل من كل الضوابط والقيم بالضبط كالسيارة التي لا تملك مكابح ومن الصعب السيطرة عليها. إن تعليم شبابنا تبني وجهة الضبط الداخلي تعلمه درساً مدى الحياة في الانتصار على الرغبات الذاتية وعلى نوازع الشيطان وسيعمم ذلك على جميع نواحي حياته. سيتعلم مقاومة الغش والسرقة والانضباط في عمله وأن يتحكم في غرائزه بدل أن تتحكم فيه. وسيكون في النهاية ذلك الإنسان الصالح الذي يعتبر أهم ما يمكن أن نفخر به ونقدمه لمجتمعنا كنتاج لتربية إسلامية تقوم على الضبط الداخلي لا على الكبت أو التحلل.. والله الموفق.