يقول الشاعر أبو تمام: نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحبُ إلا للحبيب الأولِ كم منزل في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزلِ وثمة حقيقة (شعرية) وهي أن أبيات أبي تمام أعلاه هي أجمل وأصدق ما قيل عن الحب كحالة لا تُنسى عندما تقع لأول مرة بين إنسان وآخر.. وبين إنسان ومكان أو منزل.. فالحب يمتد لكل شيء يأتي أولاً.. وله علاقة لصيقة بالإنسان.. ذكرا كان أو أنثى.. حبيبا أو حبيبة.. زوجا أو زوجة.. أو أي مكان يألفه الفتى.. وتحضر (وبقوة) ذكريات حي المعيقلية في نفسي وخاطري دائماً.. الحي الطيني الذي ولدت فيه.. وكنت أزوره كثيراً أيام طفولتي التي قضيتها بين الظهيرة (الغراوية) والعطايف والشميسي.. والعامة تقول لمن يُحب شيئاً (سره مقطوع فيه) فالداية أو القابلة التي ساعدت الوالدة حفظها الله.. قامت بقطع سري في المعيقلية بكل تأكيد.. واستمرت زياراتي للمعيقلية إلى بداية سن الشباب.. بل حتى اكتمال سن الرجولة.. لذا لا يزال حب المعيقلية في القلب متربعاً وزيارته تجول في خاطري.. بعد أن تعذرت زيارته ومشاهدته على أرض الواقع منذ إزالته قبل عقدين من الزمان أو يزيد.. ولا غرو في ذلك فهو أول منزل أحن إليه دائما.. كنت أمر وأتجول في حي المعيقلية.. مبتدئاً من الجهة الجنوبية.. حيث سوق الربابين (من يربون الدلال والأواني النحاسية) بجانب سوق الحمام والطراطيع.. ومنزل شاب معوق أو متخلف عقلياً آنذاك يُدعى (الرعيب) لا يبرح عتبة منزله.. لا أدري هل الناس يتفرجون عليه أم هو يتفرج على الناس (كتبت عنه منذ سنين طويلة) كان منزل المعيقلية يطل على جهتين أو شارعين (زاوية) أحدهما تعلو مدخله (الطرمة) في سكة سد.. حيث فعاليات ألعاب الطفولة.. وأختم سوانح بأبيات شعر يعرفها الجميع قالتها امرأة قُتل زوجها الفارس.. فتزوجت أخاه الذي يشبهه كثيراً علًها تجد العوض في الأخ.. إلا انها لم تنسَ زوجها الأول.. بسبب ما قاله أبو تمام من أن الحب للحبيب الأولِ.. فقالت من فقدت حبيبها (الأولِ) وتزوجت بأخيه الذي يُشبهه في الخلقة وصفات الجسد.. قالت مقارنة بين الاثنين: الزول زوله والحلايا حلاياه والفعل ماهو فعل وافي الخصايل وإلى سوانح قادمة بإذن الله. * مستشار سابق في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية