تتنوع الممارسات السلبية لاستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات لتشكل في مجملها خطراً يهدد الأمن بمعناه الشامل، بدءا من جرائم الاعتداء على حقوق الملكية الفكرية، مروراً بأعمال القرصنة وإفشاء الأسرار والتشهير بالآخرين وحتى السطو على المؤسسات المالية والأنشطة التجسسية.. إلى قائمة أخرى طويلة من الجرائم التي تهدد أمن الأفراد والمؤسسات وحتى الدول، وتفرض تحديات كبيرة لمواجهة هذه الجرائم وما تمثله من تهديدات أمنية. وفي ظل التطورات الهائلة لتكنولوجيا المعلومات، ونظراً للعدد الهائل من الأفراد والمؤسسات الذين يرتادون هذه الشبكة، فقد أصبح من السهل ارتكاب أبشع الجرائم بحق مرتاديها، سواء أكانوا أفراداً أم مؤسسات أم مجتمعات محافظة بأكملها، من قبل مجرمين تعدت جرائمهم من التشهير وتشويه سمعة ضحاياهم، إلى السطو على البنوك، والإرهاب، وهو ما حدا بالعالم للتحرك، حيث وقعت (30) دولة على الاتفاقية الدولية الأولى لمكافحة الإجرام عبر الإنترنت. وقد أظهرت هذه الاتفاقية مدى القلق العالمي من جرائم الإنترنت، إلا أنها اصطدمت بتيارين، أولهما حكومي طالبت به أجهزة الشرطة، وهو الرقابة الصارمة على مستخدمي الإنترنت، والتيار الثاني رفض المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان والصناعات المعنية ومزودي خدمات الإنترنت الحد من حرية الأفراد في استخدام الإنترنت. مليارات ضاعت! وقد ذكرت تقارير أنّ المصارف حول العالم فقدت مليارات الدولارات، بسبب الاحتيال المصرفي، وإزاء تعدد جرائم الإنترنت، تم إنشاء المركز الدولي، وهو كناية عن نظام التبليغ وإحالة شكاوى الناس في الولاياتالمتحدة والعالم أجمع ضد جرائم الإنترنت. ويخدم المركز، بواسطة استمارة للشكاوى مرسلة على الإنترنت، وفريق من الموظفين والمحللين، ووكالات فرض تطبيق القوانين الأميركية والدولية، التي تحقق في جرائم الإنترنت. ويشير تقرير مركز شكاوى الاحتيال عبر الإنترنت إلى أن خسائر الاحتيال عبر الإنترنت في الولاياتالمتحدة قد وصلت إلى رقم قياسي بلغ264.6 مليون دولار في العام 2008م، وكانت الخسائر بسبب جرائم الاحتيال على الإنترنت قد بلغت 239.1 مليون دولار في العام 2007م، مقارنة بحوالي 18 مليون دولار فقط في العام2001م. مسرح الإنترنت وتقع جرائم الإنترنت ضمن فئات متعددة، تحكمها بعض الأسس والمعايير لعدة معطيات أبرزها جرائم تتعلق بمعطيات الحاسوب، كإتلاف وتشويه البيانات والمعلومات وبرامج الحاسوب، والتحوير والتلاعب بالمعلومات المخزنة داخل نظم الحاسوب واستخدامها، كتزوير المستندات المعالجة آليا واستخدامها وجرائم تتعلق بالشخصيات أو البيانات المتصلة بالحياة الخاصة، وتشمل جرائم الاعتداء على المعطيات السرية أو المحمية، وجرائم الاعتداء على البيانات الشخصية المتصلة بالحياة الخاصة وجرائم ترتبط بحقوق الملكية الفكرية لبرامج الحاسوب ونظمه (جرائم قرصنة البرمجيات)، وأشهرها نسخ وتقليد البرامج والصفحات والمعلومات والتصميمات، وإعادة إنتاجها من دون ترخيص، والاعتداء على العلامة التجارية وبراءة الاختراع وانتحال شخصية أخرى بطريقة غير شرعية على الإنترنت، وذلك بهدف الاستفادة من مكانة تلك الشخصية، أو لإخفاء هوية المجرم، لتسهيل ارتكابه لجرائمه والمضايقة والملاحقة، وهما نوع حديث من الجرائم المتزايدة باستمرار مع كل تحديث يطال برامج الحوارات والدردشة برسائل تهديد وتخويف، لإحكام السيطرة والتحكم في الضحية والتغرير والاستدراج، وهما من أشهر جرائم الإنترنت وأكثرها انتشارا، وخاصة بين أوساط صغار السن من مستخدمي الشبكة، وهذه الجريمة تقوم على عنصر الإيهام في تكوين علاقات من قبل المجرمين والتشهير وتشويه السمعة. وتعتبر شبكة الإنترنت مسرحا غير محدود، لأنها تتلقى كل ما يدرج عليها من دون قيد أو رقابة، لذا تنشأ عنها حالات سلبية شاذة من أشخاص تم التشهير بهم عبر إيراد معلومات مغلوطة وصناعة ونشر الإباحية، ما يحضُّ القاصرين على أنشطة جنسية غير مشروعة، وصناعة الإباحية من أشهر الصناعات الحالية وأكثرها رواجا، وخاصة في الدول الغربية والآسيوية والنصب والاحتيال، نظرا لأن الإنترنت مجال رحب تمارس فيه جميع أشكال التعاملات، إلا أنّ هذه الميزة شابتها سلبيات عديدة، أبرزها إمكانية النصب والاحتيال بخرق هذه التعاملات. تزايد مستمر وأكّد الفريق الدكتور عباس أبو شامة -عضو هيئة التدريس بجامعة نايف للعلوم الأمنية- أنّ أشكال الاستخدام السلبي لتقنيات المعلومات والتي تمثل خطراً على الأمن، في تزايد مستمر بسبب اتساع نطاق التعامل مع هذه التقنيات في جميع دول العالم.. ويكفي للدلالة على ذلك أن عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة وحدها يتجاوز عشرة ملايين مستخدم، يمثل الشباب الجزء الأكبر منهم.. هذا بالإضافة إلى امتلاك شرائح كبيرة من المستخدمين للخبرات التي تتيح لهم قدرات هائلة في التعامل مع هذه التقنيات.. هو ما يفسر التزايد الكبير لجرائم المعلومات الذي تعاني منه جميع الدول بلا استثناء.. والأخطر أن كثيرا من الجرائم الإلكترونية لا يتم الإبلاغ عنها ولا تصل إلى علم الجهات الأمنية. وأضاف أنّ مكافحة جرائم المعلوماتية وآثارها السلبية على الأمن والاستقرار، تتطلب إيجاد آليات للوقاية من وقوع هذه الجرائم وذلك من خلال التربية الصحيحة داخل الأسرة والمؤسسات التربوية، لأن الأجهزة الأمنية يبدأ دورها في حال وقوع الجريمة والإبلاغ عنها.. لكن تظل الوقاية الحقيقية مرتبطة بثقافة المجتمع لتعظيم الاستفادة من تقنيات المعلومات فيما ينفع الفرد والمجتمع وليس فيما يمثل تهديداً لأمنه وسلامته، مبيّناً أنّ الأنظمة والقوانين لها فعاليتها في التصدي لجميع أشكال الجرائم المعلوماتية، إذا ما وصلت هذه الجرائم إلى علم الجهات المختصة وتم التحقيق فيها ونظرها أمام المحاكم.. لأنه يمكن في كثير من الأحيان إثباتها تقنياً، وتقديم الأدلة على ارتكابها من خلال التعاون بين جهات التحقيق والجهات المعنية بتقنية المعلومات. سهولة الحصول على معلوماتك الخاصة خطر يهددك يجهل الكثير أنّ هناك من يترصد لهم إلكترونيا