الحياة مسرح كبير مليء بالأحداث التي تتقلب فيها أحوالنا، ونمضي ولا نعلم ما الذي يخبئه لنا القدر. وانطلاقاً من هذا التساؤل واحتمالات الإجابة عليه، ربما ألمّ بالإنسان عارضٌ صحي بضعة أيام، ومعه لم يعد بإمكانه التنقل من مكان إلى آخر إلا بصعوبة بالغة، وباتت حاله مختلفة تماماً عمّا كانت عليه من ذي قبل؛ حيث الشعور بالوَحدة والوحشة أثناء لزوم السرير الأبيض وكأنما الإنسان أسير مقيد بين جدران أربعة لا يرى شمساً أو يشم هواءً. اعتدنا سماع بعض الجمل: "لا يشعر بطول اليوم إلا المريض، ما نحس بالعافية إلا لما نفتقدها، وما يردد على ألسنة كثير من العامة من قولهم: يا ربحك يا معافى".. جمل من هذا النحو تطرق آذاننا على الدوام وربما مرت على مسامعنا مروراً دون أن نعيرها أدنى اهتمام. تباين واختلاف بين إنسان يرفل بالنعم ويتمتع بكامل قواه الجسدية والعقلية ويعيش في فسحة من الأمل، وبين واهن ضعيف أقعده المرض وخارت معظم قواه، وانقلبت حاله رأساً على عقب وأذاقه الألم مر النوم وبات يمكث طويلاً في قضاء حوائجه، وبات من يراه يحنّ عليه ويرقّ، وهنا مكمن العافية التي دون ريب لا نشعر بفقدها إلا حين يحلّ بنا المرض. الأبدان والأعضاء قد تصاب فتتعرض للأذى والضرر، فتحيل أيامنا الصافية إلى بؤس وكدر.. وكم من معافى فإذا به فجأة بقدرة الله في عداد المرضى والعكس صحيح، فلا ضمان إذن لبقاء أي إنسان صحيحاً أو عليلاً على الدوام ولا اعتراض على قضاء الله. لذا فإن الوقوف مع النفس والنظر نظرة المتأمل إلى ما أنعم الله به علينا، يجعلنا نستشعر ما نحن فيه ونحصي ما لدينا من النعم.. ونحدث أنفسنا بالعافية، ونقيّد كل تلك النعماء ونتوجه للخالق بالشكر قولاً وعملاً.