النرجسية تعني حب النفس، وهو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور، والتعالي، والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين. وهذه الكلمة نسبة إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن نركسوس كان آية في الجمال وقد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء. هذا هو الوصف العام لهذه الشخصية، لكن ما هي نسبة النرجسية في "أنا" كل شخص طبيعي؟. وهل هي موجودة فعلاً؟. النرجسية الصحية أو الطبيعية هي الصدق مع الذات، وتحقيق الذات والتناسق مع الأشياء، والحصول على الإشباع الطبيعي من الآخرين، وهي موجودة لدى كل الأفراد وتعد التطور الطبيعي لمكون الحب في الفرد، ومن أبسط الأمثلة عليها الحب من الوالدين لطفلهما ومواقفهما تجاهه ورغبتهما بأن يكون الأفضل، فعند نجاح الابن يشعر الوالدان بالفخر لهذا النجاح، وعندها تقال كلمات مثل "أنت مثل أبيك، نجحت كأبيك"، وهذه عملية إحياء وإعادة إنتاج للنرجسية الخاصة بهما. إذن هي مطلب عادي لتستقيم الحياة ويشعر المرء بذاته وبكينونته، وهي المحرك الذاتي لإبداع الشخص وإنتاجيته، ولكنها قد تتحول إلى وحش كاسر يفتك بضحيته بلا أدنى خوف أو مشاعر، فتعيث بالنفس فساداً وتحوله إلى مسخ في نظر الآخرين وملك في نظر نفسه، وهذا المثال متواجد وللأسف بكثرة بيننا وإن كانت تتفاوت هذه النرجسية من شخص لآخر، والسؤال: هل يمكننا أن نطلق على التعصب الكروي كمثال أو التعصب لفنان بعينه، أو شيخ ما نرجسية؟. والى أي أنواع النرجسية تنتمي؟. الصحية أم المرضية؟. مما أرى وأسمع هي تصب في النوع الثاني بلا منازع فأن يصل الأمر إلى الأذى أحياناً، فهذه قمة النرجسية البغيضة التي يتعصب فيها حاملها إلى درجة أن يؤذي شقيقه لأجل ناد كروي، أو أن تحدث مخاصمة قد تصل إلى القطيعة بسبب فنان ما. وللنرجسية أشكال كثيرة لكنها تنطوي في مجملها على استغلال الآخرين دون الاعتبار لمشاعرهم أو رغباتهم أو مصالحهم، وكأنهم إنما خلقوا لتلبية رغباتهم والخنوع والرضوخ لهم، وقد يخضع الشخص الآخر لهم من باب الحب كخضوع الزوجة لزوجها أو الحبيبة لحبيبها أو العكس، وإن لم يوجد هذا الخنوع والاستسلام حقيقة قد يوجده هو افتراضياً، وهم لا يعترفون بوجود حدود بينهم وبين الآخرين، وينظرون للآخرين وكأنهم امتداد طبيعي لهم، وخدمتهم لهم هي أمر طبيعي وأنها جزء من وجودهم في الحياة. فالعاجز عن الحب سيبحث في أنا نرجسيته ليختلق أسباباً يكيلها للآخرين، وتكون هي سبب عجزه، الفاشل في عمله، يكيل اتهامات فشله على المجتمع وعلى كل من حوله. أما الحاسد فهو نرجسي بامتياز. من كل ذلك نخلص إلى أن نرجسية "الأنا" موجودة في كل فرد طبيعي لكن إذا زادت عن معدلها الطبيعي فإنها تتحول إلى سلاح فتاك يؤذي الجميع.