تعرض صاحب مصنع صابون لمشكلة كبيرة أصابت سمعة مصنعه وهددته بخسارة كبيرة، وكانت المشكلة عبارة عن أن بعض علب الصابون الذي ينتجه تكون فارغة بسبب سرعة المكينة أثناء التغليف، وجاء صاحب المصنع بخبراء لكي يجدوا لها حلاً، فقال له الخبراء: الحل الوحيد هو أن تأتي بمكينة ليزر توضع فوق خط سير الإنتاج وتكشف كل علبة تمر هل بداخلها صابون أم لا، وهذه المكينة يبلغ سعرها 200 ألف دولار. وخلال فترة جلوسه في مكتبه وتفكيره دخل عليه عامل صغير في مصنعه، وقال له: أعطني 100 دولار وسأجد لك الحل. تعجب صاحب المصنع من كلام العامل وأعطاه المبلغ، وفعلاً في الصباح أتى العامل بمروحة ووضعها أمام خط سير الإنتاج، وقامت المروحة بتطيير أي علبة فارغة ليس بداخلها صابون لخفة وزنها، والعبوات المعبأة تمر على خط الإنتاج بثبات لأنها مليئة وثقيلة. الحكمة: أنه مهما كان الشخص بسيطاً ربما لديه أفكار نافعة ليست لدى الخبراء. وهذه مقدمة لما سأقول هنا عن تعليم اللغة العربية للصم بصفتي خريج معهد الأمل للصم بالرياض وخريج جامعة قالوديت للصم ومقرها واشنطن، فما هو معروف أن 95% من الصم السعوديين خريجي معهد الأمل للصم بالرياض منذ بداية الدفعة الأولى عام 1395 هجرية حتى الأخيرة لا يجيدون لغتهم الوطنية الثانية العربية لكون أساتذتهم بمعاهد الأمل والدمج لا يجيدون اللغة الأولى للصم وهي لغة "الإشارة السعودية" لكي ينقلوا العلم والمعرفة بشكل منطقي لعقول هؤلاء الصم، ولننظر إلى ما يحدث في قسم التربية الخاصة -مسار الإعاقة السمعية بجامعة الملك سعود- حيث يقوم بتخريج طلاب لمرحلة البكالريوس والماجستير تخصص تعليم وتربية الصم ولا يلزم هؤلاء الطلاب بتعلم لغة الإشارة السعودية، بينما في الدول المتقدمة وبالأخص منها جامعة قالوديت لا تمنح شهادة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في مجال تخصص تعليم وتربية الصم ما لم يكن لدى هؤلاء الدارسين إلمام تام و"بشكل إجباري" بلغة "الإشارة الأميركية" لأن هؤلاء الخريجين سوف يذهبون عقب تخرجهم للعمل في تعليم وتدريس الصم بواسطة اللغة الأولى الخاصة بالصم ليتم نقل العلم والمعرفة إليهم، وجامعة قالوديت لا تعطي قبولاً للتخصص في هذا المجال ما لم يكن المتقدم ملما بلغة الإشارة الأميركية، وهذا الشرط "إجباري".. بينما قسم التربية الخاصة -مسار الإعاقة السمعية- لا يشترط هذا، ويقوم بتخريج دفعات كثيرة من حاملي شهادة البكالريوس والماجستير في مجال تخصص تعليم وتربية الصم وهم غير ملمين بلغة "الإشارة السعودية" ومن ثم يتم توزيع هؤلاء الخريجين للعمل بمعاهد الأمل والدمج. ولقد قدمت لهذا القسم رأيي هذا منذ عام 2008م وحتى الآن لم يتغير شيء، ولم يصبح الإلمام بلغة الإشارة السعودية شرطا أساسيا وإجباريا للقبول بمجال تخصص تربية وتعليم الصم مثلما تفعل الجامعات الأخرى في الدول المتقدمة.