ينظر العرب للسياحة على أنها ترف وقتي آخذ بين اللعب والترف والأجواء الممتعة مع البذخ المالي والمطاعم والأسواق كما هو دارج في دبي، بينما الزوار الأوربيون والآسيويون المترفون ينظرون للسياحة على أنها استطلاع واكتشاف يصاحب الترفيه، فيجمعون بين هذا وذاك لعلو ثقافتهم وبعد نظرتهم. في المملكة يقولون ليس لدينا سياحة، ولا أدري بأي منظار ضيّق قيموا هذه النظرة بالرغم أن السياحة لدينا كانت اجتهادات بين المناطق، كل يديرها بحسب جهده بين الطائف وأبها وجدة والشرقية وغيرها.. حتى أنشئت الهيئة العليا للسياحة لتنظم وتجمع بين الفكر الأكاديمي المخطط والمنظم وبين النظرة البعيدة لتحقيق لغة السياحة عبر الأماكن التراثية وآثارها العتيقة والمواقع الإسلامية التي انطلق منها التوحيد بدءاً بالبيت العتيق والمدينة المنورة، إضافة إلى تهيئة الأماكن السياحية التي تتمتع بتحقيق المتطلبات الأسرية إلى حد كبير. وعندما تحولت السياحة من مكتب صغير إلى تولّي عاشق الآثار والأفنية الطينية والأصالة والتراث القديم والإبداع الأمير سلطان بن سلمان - الصبور والمتجول - تحركت السياحة انطلاقاً من عدة أمور؛ منها الحفاظ على الهوية الإسلامية القديمة وجعل الأماكن ذات الأجواء الجميلة قادرة على الاستيعاب والتنظيم في كل المجالات وتعدد الرحلات الجوية الداخلية وتهيئة الأسباب لتحقيق الرفاه للأسر والأطفال والمشاركة بالرأي والتخطيط والتطوير في التجمعات الموسمية كالأعياد إلى أن وصل بها الأمر إلى ترميم الجدران المتهدمة في الدرعية وجدة ذات التاريخ العريق وغيرها. هذه النظرة العامة والشاملة للسياحة تستحق أن تتحول معها الهيئة إلى "وزارة السياحة والآثار الإسلامية" تجمع بين لغة السياحة عربياً وعالمياً وبين الآثار الإسلامية التي انطلقت منها دعوة الأنبياء عليهم السلام وخاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم من هذه البلاد الغالية، ويستوجب الأمر منح الجامعات ذات التخصص الإعلامي في كليات الإعلام لفتح أقسام تعنى بهذا الأمر لتستحدث تخصص "الإعلام السياحي" يدرس فيه كل العلوم المتخصصة بالسياحة بين المهنية والإعلام المتجدد. الإبداع الذي حدث في الدرعية بين الهيئة العليا للسياحة وبين هيئة تطوير الرياض مشكورين بمشروع البجيري الذي دشنه الملك سلمان - حفظه الله - مؤشر كبير على أن السياحة قادمة بقوة وأنها بدأت تخرج من العناية المركزة كما قال أمير السياحة عنها منذ انطلاقتها. السياحة بدأت بالتعافي وبدأ سلطان يرسم هويتها الواقعية وعلينا أن نستوعب تطورها السريع ونأخذ بهذا المشروع الوطني الكبير الذي سيعيد لنا تاريخاً كاد أن يندثر. فالواجب أن يواكب هذا المنعطف الحيوي وهذه النقلات الضخمة إعلام سياحي حرفي مهني بعيداً عن التغريدات ونشر الأخبار والأفلام المرئية الرتيبة، رغم اجتهادات ونجاحات الإعلام فيها، إلى أن يتجاوز بالشمولية في كل وسائل الاتصال والحملات الإعلامية ومزج الجهود والتركيز في الوسائل التي تجذب الناس بكل أعمارهم مع مراعاة اختيار النصوص والرسائل الأكثر جذباً وتجنب المبتذل في البث اليومي أو الحملات ذات الطابع الاعتيادي والدخول مع الشباب والشابات في أماكن تجمعاتهم العلمية والترويحية. من هنا نستطيع بإذن الله أن نقنع البشر ونعرفهم بسياحتنا ونمنحها مزيداً من الحرية التي لا تتجاوز هويتنا وعاداتنا وأخلاقياتنا مع المتعة الأسرية الراقية. ولابد أن يواكب وزارة السياحة والآثار الإسلامية تدريس في الجامعات أو دبلومات متخصصة لتدريس ما يسمى بالإعلام السياحي للجنسين.. وأعتقد بعد هذا السرد سيكون من الجميل لو نظر لهذا المطلب المجلس الاقتصادي والتنموي الذي يخطط ويبدع دوماً وفقهم الله.. وللحديث بقية.