لا غرو أن يظل بيلي جو كابشو عاطلاً عن العمل وخاضعاً للعلاج من الاكتئاب الحاد وأن يمضي عامه الثالث عشر في تلقي الرعاية الصحية في مجال الطب النفسي، وذلك برغم مرور أربعة وعشرين عاماً على ما أسماه بالهروب من الجحيم. فقد عاش كابشو البالغ من العمر 42 عاماً في كابوس رهيب ومخيف جثم على صدره لمدة 18 شهراً سيم فيها سوء العذاب وتعرض خلالها لأبشع صنوف الإهانة وأشنع ضروب التعذيب على يدي القاتل التسلسلي سيئ الذكر وآكل لحوم البشر المدعو جيفري دامر والذي لقي حتفه غيلة في عام 1994م داخل معهد كولومبيا الإصلاحي (لتصحيح السلوك) في بورتيج بولاية وسكنسن، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 936 سنة اثر إدانته بالتعذيب والسلوك المخل والقتل وآكل لحوم 17 رجلاً وهم في ريعان الشباب ومقتبل العمر. بيد أن شبح دامر لا يزال يطارد كابشو حتى الآن. وقد أدلى كابشو بتصريحات صحفية أشار فيها إلى أن الفترة التي كان داهمر يؤدي خلالها الخدمة العسكرية في بوهولدر بألمانيا ربما شهدت مقتل سبعة ضحايا آخرين على يديه الملطختين بدماء الأبرياء وأن هذه الجرائم قد مرت دون عقاب أو حساب. ويقول كابشو في هذا الخصوص: «لقد عشت مع دامر في ظروف بالغة القسوة لمدة 18 شهراً عندما كنا نخدم سوياً في نفس الوحدة العسكرية بالجيش الأمريكي بألمانيا. وقد أجبرت على العيش معه في غرفة واحدة. وما هي إلا فترة يومين أو ثلاثة أيام من وصولي إلى المعسكر حتى بدأ مسلسل الرعب عندما بدأت الهجمات تنهال عليّ من كل حدب وصوب. فقد كان دامر يسرف كثيراً في معاقرة المسكر حتى الثمالة، وكان في حالة سكر دائم كما كان يرغمني أيضاً على تناول الخمر. وعندما أفيق أجد نفسي وقد تعرضت للضرب وعندما أبدي أي اعتراض كان ينهال عليّ بالضرب مرة أخرى. فقد تعرضت للاعداء من دامر 75 مرة على أقل تقدير خلال تلك الفترة». وأردف كابشو يسرد تفاصيل مأساته قائلاً إنه استسلم للأمر الواقع ورضخ لسطوة وجبروت دامر الذي كان مهيمناً عليه ومسيطراً على شخصيته بالكامل. وبدا داهمر وكأنه غول في نظر كابشو الذي كان وقتها في السابعة عشرة من عمره وكان مفرط السمنة ويبلغ طوله خمسة أقدام وعشر بوصات. وكان كابشو يعاني بألم ويتألم في صمت وهو يقاسي الأمرين من سادية دامر الذي كان يتلذذ بتعذيبه. ووصف حياته مع دامر قائلاً: «لقد عشت معه عيشة عبودية حقيقية ملؤها الرعب والذعر. ولم يكن أمامي أي سبيل للخلاص. فقد حاولت الهروب من هذا الجحيم وتحدثت في هذا الصدد الى رؤسائي في العمل ولكن لم أجد منهم آذاناً صاغية. فقد جعلني الجيش تحت رحمة هذا الوحش الكاسر» ووصف كابشو دامر بأنه قوي جداً وأن طوله يبلغ ستة أقدام وبوصتين وكان في العشرين من العمر. ويتحدث كابشو بحسرة وهو يقول إن جميع ضحايا دامر من الشباب الذين أشبعهم ضرباً وأوسعهم تعذيباً وحطم حياتهم وأزهق أرواحهم كانوا سيظلون على قيد الحياة لو أن مسؤولي الجيش استمعوا إليه وقتها. فهو يقول إن دامر كان يسيطر على كل لحظة من حياته وإنه كان يتمنى الموت حتى يتخلص من العذاب. وأعرب عن اعتقاده أن السبب الوحيد الذي دفع دامر لعدم قتله هو أنه كان ألعوبة بين يديه ويفعل به ما يرغب. يشار إلى أن الشرطة عندما ألقت القبض على هذا المجرم الشرير في نهاية المطاف عثرت في ثلاجته على رؤوس مصلومة وأعناق مقطوعة وجثث مهترئة في أوعية مليئة بأحماض؛ كما تم العثور على تمثال منحوت من الشموع وجماجم البشر. وفي هذا الخصوص يقول كابشو: «أعتقد أن دامر كان يقتل الناس في ألمانيا أيضاً بسبب نهمه وتعطشه للدماء. فقد كان يخرج من المنزل لعدة ساعات ثم يعود ويداه وملابسه ملطخة بالدماء. وخلال تلك الفترة تعرض سبعة أشخاص للقتل بالقرب من القاعدة العسكرية ومن ضمنهم شابة مجندة تم التمثيل بجثتها. وكان دامر يحتفظ بثلاجة في غرفتنا وكانت هذه الثلاجة مغلقة على الدوام. والآن أدركت ما عثرت عليه الشرطة في الشقة». وأفاد كابشو بأنه عندما عاد إلى القاعدة العسكرية بألمانيا بعد أن غادرها لأداء أعمال ميدانية، وجد أن دامر قد تم فصله من الجيش بسبب تهم تتعلق بتعاطي الخمر. وبرغم أن كابشو يعتبر نفسه محظوظاً بأن ظل على قيد الحياة فإنه يقول إن الهواجس ما زالت تنتابه والمخاوف تلازمه بأن دامر حي يرزق وأنه أسير له».