كم من مرة ذهبت فيها إلى مكان يتعاطى مع الجمهور. مكتب للحجز مثلاً، أو دائرة حكومية، أو نحو من ذلك، وأحسست بأن هناك تعثراً في الخدمة. قد يكون هذا التعثر بسبب إشكالية تقنية. «الكمبيوتر عطلان»، «السيستم داون». أو بسبب تباطؤ الموظف وقلة دبرته، أو عدم إحساسه بأهمية الوقت بالنسبة للمراجعين. في ظل وضع كهذا قام شخص سيىء الخلق، يمكن أن نصطلح على تسميته ب «بجحيح» وفي رواية «وسيع وجه»، و«زَف» الموظف بموشح، أو قدم وصلة «ردح» من النوع المخجل. في معظم الحالات تتسهل أمور سيىء الخلق هذا، فينتابنا شعور بأن هذا السلوك هو الذي يسهل أمورك. وستقول لنفسك: لو كنت بجيحاً لما احتجت أن أنتظر ساعات لتخليص ورقتي أو الحصول على حجزي... وين كلايبوف مؤلف كتاب: «كن لطيفاً.. وإلا..» يتحدث عن إحساسك هذا بوضوع فيقول: « في أغلب الأحيان نجد أن سيئي الخلق يحظون باهتمام وخدمة أفضل من أولئك الذين يتحلون بالصبر وحسن الخلق. فيبدو أن من يتصف بالعدائية والإلحاح في طلبه مؤهل لأن يتحقق له ما يريد، أو أن ينجز عمله، ولكن عندما تفكر في هؤلاء العدائيين الذين يلجؤون إلى الصوت العالي والبذاءة حتى يحظوا بالاهتمام والخدمة الفورية، اٍسأل نفسك: هل هم متفوقون حقاً؟ وهل يعني كونهم يحصلون على الخدمة بشكل أسرع ممن تحلى بالصبر أنهم أكثر قيمة؟!» وينقل كلايبوف قصة عن قصاص يدعى سي دبليو ميتكالف، تحدث فيها عن حكاية رجل في المطار كان يتعدى باللفظ على موظف تذاكر لإحدى شركات الطيران. كانت الرحلة فاتت المسافر بسبب مشاكل ميكانيكية، ولكن المسافر بالغ بشكل واضح في التعبير عن غضبه بصوت عال ومتجنٍ على الموظف المسكين، الذي لا يد له في أعطال الطائرة. اتجه ميتكالف إلى الرجل البذيء وسأله: هل يمكنني أن أحصل على توقيعك في دفتر اوتوجرافاتي؟ تعجب الرجل وسأله مرتبكاً ومندهشاً: لماذا تريد توقيعي؟ فأجابه ميتكالف: لأني لم ألتق بمركز هذا الكون من قبل! أرجو ألا أكون بذيئاً إن قلت: لو عاش ميتكالف بيننا... لملأ دفتر أوتوجرافاته!