بدأ وزير الدفاع الفرنسي جان-إيف لودريان زيارة أمس إلى لبنان للإشراف على تسليم الدفعة الأولى من الأسلحة الفرنسية للجيش اللبناني بتمويل من المملكة، وبحضور السفير السعودي في بيروت علي عوّاض عسيري والسفير الفرنسي باتريس باولي وقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي. وأقيم احتفال التسليم في مطار "رفيق الحريري الدولي"، حيث ضمّت هذه الدفعة 48 صاروخاً من نوع ميلان مضادّة للدّروع وسواها من الأعتدة، وستتلاحق الدفعات بعد شهر ونصف الشهر ولغاية ال4 أعوام، وذلك لأن بعض الأسلحة تحتاج الى تصنيع في المعامل العسكرية الفرنسية. وجال الوزير لودريان في الناقورة حيث تفقد قوات "اليونيفيل" الفرنسية في دير كيفا، علما أنه يعمل في الجنوب اللبناني وفي إطار قوات الطوارئ الدولية قرابة ال900 عنصر وضابط فرنسي. في هذا الإطار قال مصدر دبلوماسي رفيع ل"الرياض" رافق وفد وزارة الدفاع "بأن فرنسا ملتزمة بأمن لبنان وسيادته واستقراره، وأن تسليح الجيش بتمويل من المملكة سيساعد المؤسسة العسكرية اللبنانية على الحفاظ على الحدود ومحاربة الإرهاب. والتقى لودريان رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام ووزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي. وقال لودريان في احتفال التسليم "يتعرض لبنان اليوم لضغوط غير مسبوقة من تنظيم داعش وجبهة النصرة (فرع تنظيم القاعدة في سورية) ما يجعل من مراقبة الحدود والتحكم بها تحديا حيويا لأمنه". واعتبر ان "أحداث عرسال جاءت لتشهد على ذلك والجيش اللبناني دفع ثمنا باهظاً في هذه المعركة وانا افكر هنا بشكل خاص بالرهائن وعائلاتهم"، في اشارة الى مواجهات بلدة عرسال الحدودية بين الجيش ومسلحين قدموا من سورية ومن مخيمات للاجئين في البلدة، انتهت بخطف تنظيم داعش وجبهة النصرة 29 عنصرا عسكريا، تم قتل اربعة منهم فيما لا يزال 25 اخرون محتجزين. وقال لودريان "لبنان هذا البلد الذي يعرف ثمن الحرب لا يريد ان ينجر الى الفوضى التي تحيط به وفرنسا ساعدت وستساعد لبنان للحؤول دون ذلك"، مؤكدا اصرار بلاده على ان يبقى لبنان "عامل استقرار في ظل الفوضى التي تعم المنطقة". عسيري: الدعم مُقدم لجيش «شرعي» يؤمّن الاستقرار رغم كل التحديات واشار الى ان "قوى الجيش تلعب اليوم دورا مميزا لا يقتصر على الدفاع عسكريا عن البلاد وهذا ما تفعله اليوم بكل شجاعة وعزم وتصميم امام عدو ارهابي قرر ان يزرع بذور الفتنة في لبنان، فإنها تضمن ايضا لحمة المجتمع المدني اللبناني". واكد ان "تحديث وهيكلة الجيش كانت الاهداف التي استرشدنا بها في مسعانا طوال هذا المشروع". واضاف ان وصول هذه الشحنة الاولى "يشكل بداية مرحلة جديدة تدخل لبنان وعلاقاتنا الدفاعية الثنائية في بعد جديد". وقال نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل من جهته ان زيارة لودريان "تواكب بداية تسليم اولى شحنات الاسلحة الفرنسية في اطار الهبة السعودية والتي يحتاجها الجيش لمواجهة الهجمات الارهابية وحماية الحدود". واعتبر ان "انتصار لبنان بمواجهة الارهاب هو انتصار لكافة الدول القريبة والبعيدة المهددة بإرهاب لا يرتبط بدين أو جيش". وتوجه مقبل بالشكر الى المملكة التي شارك سفيرها في لبنان علي عواض عسيري في احتفال التسليم، مثمنا الهبة "لتأمين الأسلحة الفرنسية الحديثة اللازمة للجيش"، كما شكر فرنسا على "فهمها العميق لكافة المخاطر التي تهدد لبنان من الناحية العسكرية عند الحدود او في الداخل جراء تدفق اللاجئين الذي يهدد الاستقرار عامة". وقال السفير عسيري على هامش حفل تسليم الاسلحة "يواجه لبنان اليوم تحديات اكثر من اي وقت مضى وهذا ما جعل المملكة تقدم هذه الهبة التي ستدعم الجيش اللبناني والشرعية في لبنان". واضاف "هذا الدعم يأتي لجيش شرعي يؤمن الاستقرار في ظل ظروف وتحديات يواجهها لبنان امنيا". ويبلغ عديد الجيش اللبناني نحو 70 الف عنصر، لكنه يعاني من تقادم عتاده ومن نقص كبير في الاسلحة والذخائر. وليست المرة الاولى التي يتلقى لبنان دعما عسكريا خارجيا. وقدمت الولاياتالمتحدة مساعدات عسكرية منذ عام 2006 تخطت قيمتها اكثر من مليار دولار. كما اعلنت ايران في وقت سابق نيتها المساهمة في تجهيز الجيش اللبناني، لكن هذا الاقتراح لا يلقى توافقا على الساحة اللبنانية. وعلى الرغم من اهمية السلاح الجديد، لن يكون كافيا لسد حاجات الجيش الذي تتوزع مهامه بين ضبط الشارع اللبناني الذي يشهد توترات عدة على وقع الانقسامات المذهبية والسياسية، وحماية الحدود، على خلفية النزاع السوري. ويقول الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ارام نرغيزيان ان الجيش "سينتقل من اداء دور الشرطة الى قوة عسكرية قادرة على الدفاع عن الحدود في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية". لكن المحلل العسكري اللبناني العميد المتقاعد هشام جابر يشير الى حاجة الجيش اللبناني بشكل ملح الى تجهيزات اخرى، بما فيها طائرات مروحية قادرة على نقل قوات النخبة وضمان سرعة تحركها. ويقول ان كلفة التجهيز الاجمالية المطلوبة تصل الى عشرة مليارات دولار اميركي. ويتضمن المشروع في دفعته الاولى تسليم لبنان، وفق ما اعلن لودريان العشرات من العربات المدرعة القتالية وللمناورات وست طائرات مروحية للنقل المسلح، ومدفعية حربية حديثة على غرار مدافع سيزار. كما سيسمح بتحديث لم يسبق له مثيل للامكانات البحرية اللبنانية وتحسين القدرات الحساسة لمراقبة وامن الحدود. ويتضمن كذلك شقا يتعلق بمكافحة الارهاب وتعزيز الاستخبارات يستجيب لاحتياجات هندسة امنية متكاملة ترقى الى مستوى التحديات التي يواجهها لبنان اليوم. وتشمل صفقة السلاح الفرنسية للجيش اللبناني 250 آلية عسكرية وسبع مروحيات من نوع كوغار وثلاثة زوارق سريعة والعديد من معدات الاستطلاع والاعتراض والاتصال. جنود لبنانيون يستعرضون جانباً من الأسلحة التي استلموها (أ ب) أحد عناصر الجيش اللبناني يفحص الأسلحة الفرنسية (أ ب) الأسلحة الفرنسية تشمل العديد من الصواريخ ومعدات الاستطلاع والاعتراض والاتصال (أ ب) سفير خادم الحرمين لدى لبنان علي عوض عسيري يشارك وزيري الدفاع الفرنسي واللبناني حفل تسليم الدفعة الأولى من الأسلحة الفرنسية المهداة للبنان بتمويل سعودي (أ ف ب)