لاحق الجوع بعض الناجين من كارثة امواج المد العاتية في القرى النائية باندونيسيا امس الخميس فيما ارتفع عدد القتلى الاجمالي في دول المنطقة الى اكثر من 226 الفاً. وقال مسؤولون بالصليب الاحمر إن بعض البلدات بجزيرة سومطرة لم تصلها المساعدات وما زالت مئات الجثث تنتشل يوميا وذلك رغم مرور نحو أربعة أسابيع من كارثة امواج المد المدمرة التي قتلت اكثر من 166 الفا في اندونيسيا وحدها. وقال لانجدون جرينهاو من الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الاحمر في مؤتمر صحفي في باندا اتشيه عاصمة الاقليم الذي تقطنه غالبية مسلمة وتضرر بشدة من الكارثة عند الطرف الشمالي لجزيرة سومطرة «أعتقد أنه يمكن القول إن هناك جيوبا صغيرة من المجتمعات التي لم تتلق مساعدة دولية بعد». وقال قائد بارز في الجيش الامريكي إن القوات الامريكية تستعد لإنهاء عمليات الإغاثة في المحيط الهندي غير أنه لم يكشف عن جدول زمني محدد للانسحاب. وأقيمت الصلاة للمرة الأولى منذ وقوع الكارثة عند الشروق احتفالا بعيد الاضحى في مسجد متضرر بشدة من جراء قوة امواج المد التي ضربت بلدة مطلة على البحر على ساحل جزيرة سومطرة بشمال البلاد التي تقع مباشرة في مسار الامواج التي وقعت يوم 26 ديسمبر (كانون الاول). وازدحمت المتاجر في باندا اتشيه وأخذ الباعة يبيعون الأناناس والطماطم والفلفل الاحمر واللحم بمناسبة عيد الأضحى. غير أن كثيرين في مناطق أخرى من المنطقة لم يكونوا سعداء الحظ الى هذه الدرجة. وقالت الممرضة الامريكية المتطوعة لينلي يورك إنها سمعت تقارير من اندونيسي يعمل معها مفادها ان الناس في مخيم في قرية بيوراوانج الواقعة الى الشمال من باندا اتشيه كانوا يأكلون أوراق الأشجار. وأضافت «بالتأكيد الجوع منتشر هنا. اذا أكلت أوراق الأشجار فإنك جائع بالتأكيد». وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إنه يجب زيادة مساعدات الطوارىء زيادة حادة تجنبا لحدوث مجاعة في المناطق النائية. وصرح جرينهاو بأن «الأغلبية الساحقة تتلقى المساعدات» وأن من لم يمكن الوصول اليهم بعد هم في «جيوب صغيرة بها مئات لا آلاف». واذا أدى ذلك الى حدوث مجاعة وانتشار الأمراض فيمكن أن يزيد العدد المهول لقتلى امواج المد التي نجمت عن زلزال بلغت قوته تسع درجات هز قاع المحيط الهندي قبالة ساحل سومطرة. ورفعت وزارة الصحة الاندونيسية يوم الأربعاء عدد قتلاها الى 166320 مضيفة عشرات الآلاف من الأشخاص الذين صنفوا فيما سبق كمفقودون. ورفع الرقم الجديد العدد الاجمالي لقتلى امواج المد الى 226,566.ويجري انتشال ودفن عشرات الجثث يومياً. وقالت وزارة الخارجية الاندونيسية إن 92,721 جثة دفنت حتى الآن في اتشيه بينها 1408 جثث دفنت يوم الأربعاء وحده. وفي ميولابو التي قتل فيها فيما يبدو ثلث سكان البلدة البالغ عددهم 120 الفا خفقت اعلام اندونيسيا التي علقت على عصي وقضبان وتشير الى الأماكن التي ما زالت الجثث مدفونة فيها تحت المنازل المنهارة أو أكوام من قطع الاخشاب والمعدن الملتوية. وذكر مسؤولون أنه حتى في قلب العاصمة باندا اتشيه بدأ العمال بشق الأنفس تطهير مناطق كبيرة من المنازل والمباني التي سويت بالأرض ومن المرجح أن يتم العثور على مزيد من الجثث.وفي الوقت الذي أعلن فيه الصليب الأحمر أن بعض البلدات النائية لم تتلق المساعدة قال قائد القوات الامريكية في المحيط الهادي إنه يستعد لإنهاء جهود الإغاثة. وكانت وزارة الدفاع الامريكية (البنتاغون) قد أرسلت اكثر من 16,500 من أفراد الجيش الى الدول التي اجتاحتها أمواج المد. وكان مسؤولون اندونيسيون قد طالبوا بخروج معظم القوات الأجنبية بحلول ابريل (نيسان). ولم يحدد الاميرال توماس فارجو قائد القيادة الامريكية في المحيط الهادي جدولا زمنيا غير أنه أشار الى أنه بحلول اواخر فبراير (شباط) سيكون قد مر وقت كاف على الأرجح لتسليم العمليات للحكومة ومنظمات الإغاثة. وقال فارجو في تصريحات في ماليزيا «تجاوزنا مرحلة الإغاثة الفورية بكثير ونتحرك بسرعة نحو ما يمكن أن نسميه إعادة التأهيل وإعادة البناء». وقال بعض الناجين من كارثة امواج المد في اقليم اتشيه إنهم لا يتعجلون رؤية القوات الأجنبية ترحل. وقال عبد الرحمن (39 عاما) وهو عامل بناء فيما كان ينشر بعض الألواح الخشبية لبناء منزله الجديد في بلدة كروينج رايا على بعد 30 كيلومترا شمال شرقي باندا اتشيه «الجنود الأجانب يسقطون المساعدات الينا مباشرة. الجنود الاندونيسيون يحتفظون بها أولا في مبنى». وأعلنت وزارة الصحة الاندونيسية أن 617,159 شخصا ما زالوا مشردين في سومطرة بشمال البلاد. ومن المقرر أن يزور الرئيس سوسيلو بامبانج يودويونو المنطقة اليوم حيث يحاول الناجون الاحتفال بعيد الأضحى. وقالت زايدة مرزوقي وهي متطوعة من جزيرة جاوة بوسط اندونيسيا وقد تعالى صوت الآذان من مسجد ببلدة اولي لهيو «نظفنا المسجد وأردنا أن نصلي هنا». وجاء إعلان العدد المذهل للقتلى فيما عبرت اندونيسيا عن أملها في إجراء محادثات مع المتمردين في اتشيه حيث تشن حركة اتشيه الحرة معركة دامية منذ ثلاثة عقود من أجل الاستقلال عن جاكرتا. وأثرت المخاوف السياسية أيضا على جهود الإغاثة في سريلانكا حيث ينتظر شمال شرق البلاد الذي يسيطر عليه متمردو التاميل ليرى ما اذا كان سينال جزءا من برنامج الحكومة لإعادة الإعمار بعد امواج المد والذي بلغت قيمته 3,5 مليارات دولار. وقال جيهان بيريرا مدير مجلس السلام القومي في سريلانكا «أمواج المد لم تزل الانقسامات السياسية. حقيقة الأمر أنها قد تكون زادتها سوءاً. «نعيش هنا لحظة ستحدد عملية السلام والسياسة لسنوات قادمة».