"السكون الذي ترقد تحته العاصفة "كان عنوان أول مقال كتبه الصحفي (الشاب) "محمد حسنين هيكل" في أول أيام ثورة يوليو عام 1952 في مصر أي قبل أكثر من ستة عقود مادحا صفي روحه جمال عبدالناصر. "هيكل" يدخل اليوم ال92 من عمره المثخن بالضجة والإثارة وعلاقاته الغامضة ظل مثيرا للسؤال والتعجب طيلة مسيرته. والمؤكد أن لا شيء مؤكداً في حياة "هيكل" ولا معلوماته، فكلّما أصدر كتابا أو سطر مقالة أو أجرى حوارا إعلاميا ظهرت الأصوات المشككة والمفندة والمكذبة ولكن "هيكل" مستمر والإعلام الناصري لا يذكر اسمه مطلقا بل يكتفون بلقبه "الأعظم!" عندهم وهو "الأستاذ" وهكذا نقرأ ونسمع: الأستاذ قال والأستاذ يرى وهكذا. الشيء الثابت في هذا الإنسان "المتحول" هو كرهه العميق للسعوديين نظاما وثقافة وحضارة بل ووجودا. وفي كتبه ومقابلاته وتحليلاته يتحدّث عن السعوديين كما يشاء، ساعده على ذلك أن السعوديين لا يتكلمون ولا يفضحون ما يعلمون وليس لديهم مدارس وقيعة وترصد من تلك التي يعتبر "هيكل" أحد أساطينها. أمّا "هيكل" ربيب عبدالناصر الأول فكانت أخص مهماته هي "لقاء" رجال المخابرات الأجانب وترتيب حملات التدمير المعنوي للمنافسين والخصوم. وكان أول قرابين "هيكل" هو الرئيس "محمد نجيب" الذي أطلق عليه هيكل سهامه وهو الرجل العف النزيه ليفسح المكان للبكباشي عبدالناصر لرئاسة مصر. وحين انطلقت ماكينة الدعاية التي يديرها "هيكل" لتشويه سمعة "نجيب" كانت القصص مضحكة مثل دعاوى أن "نجيب" لا يصلح لرئاسة مصر لأن أمه سودانيّة، أو أنه يتلقى رشاوى. وقد اضطر "هيكل" لتكذيب نفسه في السبعينيات في صحف: الديلي تلغراف والأهرام والنهار اللبنانيّة خشية الإدانة القضائيّة. وعن عاصفة الحزم التي نشّطت "خريف الغضب" عند "هيكل" يقول "الأستاذ" إن دوافعها سعوديّة داخليّة، ممتعضا كون القرار "السعودي" سبق اجتماع قمة شرم الشيخ. وليس الغريب أن يقول "هيكل" هذا الكلام وغيره، ولكن السؤال: لماذا على محطة "CBC" التي يملكها محمد الأمين الذي ظهر من "العدم" فجأة ليمتلك 14 قناة مصريّة في شهر واحد؟ المحبون لهيكل يقولون إنه ممتعض من الهبّة السعوديّة لأنها خطفت الضوء من مصر، وبعضهم يقول: إن نجاح السعوديين في القرار السياسي والفعل العسكري يذكّر الناصري "العجوز" بخيبة ولي أمره "عبدالناصر" في اليمن في الستينيات والتي انتهت بإهانة الكرامة الناصريّة وهي في أوج جنونها. من يُذكّر "القومجي" هيكل أن "السكون" السعودي الذي سبق عاصفة الحزم كان لحكمة القرار المؤكد أن أرض الجزيرة العربيّة "بتتلّكم عربي" لتقتلع عاصفة الإرادة عمائم أصدقائه في طهران، ولتحرّر "لثغة" لسان خليله "نصر الملالي" في "الضاحية" لينطق بالشتائم الفارسية. والاشتراكي "هيكل" الذي كان يستقبل ضيوفه في عز "الاشتراكيّة" الناصريّة في شقته ذات ال 16 غرفة والمطلّة على النيل هو أيضا "والد" "أحمد" "وحسن" هيكل اللذين حلّا "بالكفاح" ضمن قائمة ال50 ثريا عربيا الأوائل عام 2010. ما أصدق الشاعر العربي زُفَرُ بن الْحَارِثِ حينما وصف حال أمثال هيكل قائلا: وَقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعىَ عَلَى دِمَنِ الثَّرَى وَتَبْقَى حَزَازاتُ النُّفوسِ كما هِيا! * مسارات قال ومضى: للخصوم وسوم.. فما أكثر الوسوم على قسماتك! لمراسلة الكاتب: [email protected]