صعد نجم عزة الدوري -الساعد الأيمن للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين- من صبي يبيع قطع الثلج إلى أحد أشد الرجال مهابة. وقال رائد الجبوري محافظ صلاح الدين امس الجمعة إن الدوري -آخر من بقي من رجال صدام بعد الغزو الأميركي- قتل في عملية عسكرية. وأعلنت وفاة الدوري -الذي ولد عام 1942- عدة مرات من قبل. وبعد غزو العراق عام 2003 كان يحتل المرتبة السادسة على قائمة الجيش الأميركي التي تضم 55 مطلوبًا عراقيًا وعرضت مكافأة بقيمة عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود إلى اعتقاله، واتهمه مسؤولون أميركيون بتنظيم التمرد بين عامي 2005 و2007. ولم يتمكن أحد من اعتقاله أثناء الاحتلال الأميركي في الوقت الذي قتل فيه معاونو صدام الآخرون أو قدموا للمحاكمة. وبعد غياب طويل سمع العراقيون ما يبدو أنه صوت الرجل الذي لعب دورا في العديد من أسوأ الفظائع التي ارتكبت ضد الشيعة والأكراد والسنة، ودعت جميع العراقيين إلى توحيد الجهود من أجل "تحرير" البلاد. في هذه المرة بدا الدوري واقفًا في صف داعش وأثنى على المسلحين السنة الذين استولوا على أجزاء واسعة من البلاد وأعلنوا قيام الخلافة في نهاية المطاف. ويتكهن بعض المحللين بأن صدام حسين بعد فترة وجيزة من الاختباء وضع أساسًا لحركة تمرد ونشر مساعديه وبينهم الرجل الذي يضع فيه أكبر قدر من الثقة عزة الدوري ليخططوا لعودة حزب البعث. لكن محللين قالوا إن الانقسامات بين البعثيين أدت إلى إفساد تلك الخطط الطموحة ورأى الدوري فرصة في متشددي تنظيم داعش الذي يمتلك الأسلحة الثقيلة والدبابات. وطالب الصوت الذي يشبه صوت الدوري في تسجيلات صوتية صدرت باسمه العراقيين بالانضمام إلى صفوف المسلحين الذين قال إنهم حرروا نصف البلاد. وأضاف أن "تحرير" بغداد قاب قوسين أو أدنى وأنه يتعين على الجميع المساهمة لاستكمال ما قال إنه تحرير للبلاد. وقد وُصِف الدوري بأنه العقل المدبر للتمرد ضد الحكومة التي يقودها الشيعة، ولكن لم يظهر دليل ملموس على ذلك بل ظهرت مؤشرات على أن تحالف المصالح كان قصير العمر. وقال سكان وأقارب إنه في خلال ثلاثة أسابيع من السيطرة على الموصل بدأ متشددو تنظيم داعش اعتقال كبار الضباط السابقين في الجيش وأعضاء حزب البعث. وقال مسؤول مخابرات في وزارة الداخلية إنه يعتقد أن البعثيين بما في ذلك الدوري قاموا بتمويل داعش لكن الجهاديين المتطرفين أطاحوا بهم. وأضاف المسؤول "في بداية عام 2014 كان هناك زواج مؤقت بين المجالس العسكرية (البعثيين) وداعش، كان قصيرًا جدًا". وأضاف "اعتقد البعثيون أن بوسعهم استخدام داعش للوصول إلى بغداد لكن المتطرفين هم الذين استخدموا البعثيين لكسب تأييد الناس". مع ذلك، يقول مسؤولون عراقيون آخرون إن المسؤولين العسكريين السابقين الذين كان يحكمهم في السابق رجال مثل الدوري عملوا كمستشارين لتنظيم داعش الذين اتبعوا قواعد اللعبة التي مارسها صدام للتعامل مع المعارضين. ويقول سكان الموصل إن داعش لها خلايا وجواسيس في كل مكان بنفس الطريقة التي كانت تعمل بها الدولة العراقية في ظل مسؤولين مثل الدوري. وكان الدوري أحد المخططين للانقلاب الذي أوصل حزب البعث إلى السلطة في عام 1968. وفي عام 1998 نجا من محاولة اغتيال في مدينة كربلاء. لكن يبدو أن الحظ عانده هذه المرة عندما حاصرت مجموعة من قوات الأمن منطقة بعد ورود معلومات بأن "إرهابيين" موجودون فيها. وقال محافظ صلاح الدين رائد الجبوري إن من بينهم ثلاثة انتحاريين فجروا أنفسهم وأن جثة الدوري كانت بين الجثث. الجثة التي تنتظر فحصها بدقة