جاء التحذير من الكذب، في آياتٍ كريمةٍ وأحاديث شريفة، وكم حذَّر من الكذب العلماء والدعاة والناصحون، وبينوا خطره في الدنيا، وسوء عاقبته في الآخرة، ويزداد الكذب شناعة، عندما يكون مخلخلاً للمجتمع؛ مفكِّكاً له، في سعي من الكذبة لتفريق كلمة المسلمين، وتمزيق صفِّهم، وإدخال الوهن عليهم، ولكن المؤمن كيِّسٌ فطنٌ، لا ينساق وراء الأخبار الكاذبة، ولا يروِّج لها، بل يدفعها ما أمكنه ذلك، خصوصاً في زمن الحروب والفتن في هذا الزمن الذي انتشرت فيه القنوات الإعلاميَّة، المسموعة منها والمكتوبة والمرئيَّة، والتي يغلب عليها الكذب إلا ما ندر، حيث إنَّ الإعلام بشتى وسائله، أصبح أداةً كبرى من أدوات الحرب، ومُشعِلاً نيران الفتن والحروب؛ لمصالح سياسيَّةٍ أو لمصالح اقتصاديَّة، أو غيرها، الهدف منها شنُّ الحرب على المسلمين في العالم العربي الإسلامي، وهذا ما نراه واضحاً في مجريات الأحداث الحاليَّة. لذا كان لزاماً على عموم المسلمين في هذا الوقت أخذ مزيدٍ من الحيطة والحذر ممَّا يشاع في الإعلام، والنظر بعين الاعتبار في أهداف بعض الأخبار الإعلاميَّة، وعدم التسليم لما يقال فيها، ولا لما يتناقله الناس من شائعات؛ فنحن في وقت فتنٍ وحروب، خصوصاً وأنَّ بلادنا –حرسها الله وزادها قوةً إلى قوتها- تخوض حرباً على أعداء الإسلام من الحوثيين والخونة من أذناب إيران، وقد فاق الكَذَبَة هذا الزمن الكذبة السابقين، وعمَّ فيه تزوير الأخبار صوتاً، وصورة، وتمثيلاً، ومخادعة؛ للتلبيس على الناس، والمكر بهم، قال تعالى: "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً". قال البغوي في تفسيره: قال قتادة: لا تقل: "رأيت ولم تره، وسمعت ولم تسمعه، وعلمت ولم تعلمه". وقال مجاهد: "لا ترم أحداً بما ليس لك به علم". وقال القتيبي: "لا تتبعه بالحدس والظن". وحقيقة المعنى: "لا تتكلم أيها الإنسان بالحدس والظن". قال ابن القيم رحمه الله: "إيَّاك والكذب؛ فإنَّه يُفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه، ويُفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس، فإنَّ الكاذب يصور المعدوم موجوداً والموجود معدوماً والحق باطلاً والباطل حقاً والخير شراً والشر خيراً، فيُفسد عليه تصوره وعلمه عقوبةً له، ثم يصوِّر ذلك في نفس المخاطب المغتر به الراكن إليه، فيُفسد عليه تصوره وعلمه". فالحذر كل الحذر من تصديق وترويج الأخبار الصادرة من الأعداء وغيرهم، ممن يضادون حربنا في عاصفة الحزم على الحوثيين وأعوانهم من الخونة في اليمن، والمسلمون يعلمون مدى ما وصل إليه هؤلاء من الكذب والافتراء، والتلبيس والتدليس والفجور، فقد فاقوا في ذلك غيرهم من الأعداء، وشاهدٌ على ذلك قنواتهم الفضائيَّة بمختلف أنواعها، ومواقعهم على الشبكة الحاسوبية التي أَجْلَت الغشاوة عن أعين كثيرٍ من المغرر بهم. وخلاصة المراد من هذه المقالة: أنْ نحفظ ألسنتنا عن كلِّ ما من شأنه الإضرار بنا في حربنا ضدَّ أعداء الدين من الحوثيين وأعوانهم ومموليهم، وأنْ لا نروِّج لتلك الشائعات، حزماً وحسماً؛ لاستئصال سرطان الشر؛ لئلا يستشري في بلدان الأمَّة الإسلاميَّة وخصوصاً قلبها النابض. فلا يؤتى الإسلام من قبلك أيها المؤمن. حفظ الله بلادنا، وولاة أمرها، وعلماءها، وأهلها، وزادها أمناً إلى أمنها، وقوةً إلى قوَّتها، وتمسُّكاً بالدين إلى تمسُّكها، وتمكيناً في الأرض إلى تمكينها، وحفظ الله اليمن وأهلها وعلماءها، ونصر الله جنودنا في عاصفة الحزم وأهلنا في اليمن على الحوثيين وأعوانهم من الخونة وممن يمولهم ويناصرهم.