بلادنا الحبيبة في بناء تنموي متسارع على أيدي أبنائها المخلصين، ووزارة المياه والكهرباء هي القلب النابض للحياة في جميع المجالات الخاصة والعامة، والجميع يقدر الجهد المبذول والخدمة المقدمة لنا جميعاً ولا أحد ينكر هذا، ولهم الشكر والتقدير من معالي الوزير إلى رجل الأمن الذي يحرس تلك المرافق الحيوية. عندما يرى المواطنون سيارة رسمية لجهة خدمية تقف في قريتهم يستبشرون خاصة عندما يترجل منها فريق بأجهزتهم ومساطرهم الطويلة وكأنها رماح المحاربين يفرحون ويُقْبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون من ذكرهم بقريتنا؟ أي قطاع يتبعون؟ ما هي الخدمة التي أكرمنا الله بها؟ وهكذا، ثم تطرح الأسئلة على الضيف الغريب وعندما يكون عجمياً يصبح التفاهم صعباً كحالنا في يوم الخميس الموافق 20/6/1436ه عندما جاءتنا سيارة تحمل الرمز (NCC) وكان فريقها هندياً يتكلم بعض المفردات العربية مع لغة الإشارة وقد كتب لنا قائدهم رقم جوال مديرهم وعلى الفور اتصلنا بالأستاذ الذي بين لنا أن أبراج الضغط العالي سوف تبنى على النقاط المعلمة على الجبلين المتقابلين في قريتنا وكانت الصدمة قوية جداً لأن الجميع يعرف خطر الأبراج على كل شيء.. كل شيء بدون تفصيل، وبين لنا أن إدارة أملاك شركة الكهرباء في عسير عندها الحل. وقع الخبر علينا كالصاعقة، وسبح الخيال في النتائج إن كتب الله لهذه الأبراج الإقامة فوقنا فإنها ستهلك الحرث والنسل ولن يجرؤ عاقل على البناء تحتها أو بالقرب منها، والكل يعي الخطر ويعرف النتائج وقد كتب د. محمد سعد عبداللطيف عن مخاطر المعيشة بجوار خطوط الضغط العالي، وفي المملكة ودول أخرى يمنع السكن والزراعة على مسافة 400 متر خاصة في الأماكن الريفية، وهذه أقل مسافة آمنة من بين الدراسات الموجودة. وقد نشر يوم الأحد 21/3/1423ه وفي عيادة الرياض موضوع: "سكان المنازل الواقعة تحت أبراج الضغط العالي معرضون للإصابة بسرطان الدم والدماغ" وهذا الموضوع نشر عنه الكثير في المرئي والمسموع والمقروء وعلى الشبكة العنكبوتية ولم يعد أحد يجهل فتكه بالإنسان. لذلك ذهبنا إلى إدارة أملاك الشركة في عسير وقابلنا أحد الموظفين وعندما ذكرنا له الأبراج؛ أسرع إلى درج مكتبه وصور ورقة وناولنا إياها وهو يقول: "عندكم صك؟ نعوضكم عن الأرض". نعم عندنا صكوك ورقية وصكوك حسّية -رفات الأجداد وأجداد الأجداد- وصكوك وروحية تقول لن نهجر بيوتنا وننفصل عن جذورنا التي شقت الصخر وتجذرت في الأعماق وعرفها المكان قبل الكهرباء بمئات السنين. دخلنا مكتب مدير الإدارة وكان خلوقاً وحسن التعامل فبين لنا أنه مسؤول عن الأرض والتعويض.. شكرناه وخرجنا نبحث عن مسؤول يهتم بالإنسان الذي خرج من القائمة، ومن المنطلق الديني والإنساني والوطني نتمنى أن يضع المسؤول نفسه مكان المواطن ويقف بنفسه في المكان ويتصور أبناءه وأسرته في قرية سبل بني مالك عسير تحت أو بالقرب من الأبراج العملاقة التي تريد الشركة إقامتها.. وآخر القول نحن في عهد الأبواب المفتوحة وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين المليك المفدى سلمان بن عبدالعزيز ووفق الجميع لكل خير.