مستشهداً ببيانات الاستهلاك اليومي للطاقة في المملكة الذي ارتفع من مقدار يقل عن مليون برميل نفط مكافئ في عام (1401ه)، إلى نحو (4.2) ملايين برميل نفط مكافئ حالياً، يشير صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز نائب وزير البترول والثروة المعدنية رئيس اللجنة التنفيذية للمركز السعودي لكفاءة الطاقة، ورئيس شرف جمعية الاقتصاد السعودية في حلقة نقاش ترأسها سموه عن كفاءة استخدام الطاقة ضمن اللقاء السنوي الثامن عشر لجمعية الاقتصاد السعودية الذي عقد في مدينة الرياض الأسبوع الماضي إلى النمو في استهلاك الطاقة لدينا على نحو مفرط، أفضى إلى الهدر الكبير في ثروتنا الطبيعية الناضبة من النفط، مبيناً سموه أن معدل استهلاك الطاقة في المملكة يزيد على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، على عكس ما يحدث في الدول المتقدمة، الأمر الذي دفع المملكة بناءً على تلك المؤشرات لأن تشرع على نحو لا يقبل التأجيل في العمل على الحد من الهدر الكبير في الطاقة منذ صدور قرار مجلس الوزراء في شهر ذي القعدة عام (1431ه) بإنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة، لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة بالمملكة وتوحيد الجهود بين الجهات المعنية بهذا الشأن، موضحاً سموه بأن من أبرز المهام المنوطة بذلك المركز هو وضع برنامج وطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وفقاً لمنظومة عمل شمولية تستهدف قطاعات الصناعة والمباني والنقل البري لاستهلاكها مجتمعة (90%) من استهلاك الطاقة في المملكة. توقعات سمو نائب وزير البترول والثروة المعدنية من هذا البرنامج الوطني لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة بالمملكة، لا تبدو بالقدر من الطموح الذي ربما كان يتصوره البعض، حيث لن يزيد مقدار ما يمكن تحقيقه من وفر في الطاقة المهدرة عن مقدار مليون ونصف المليون برميل نفط مكافئ يومياً بحلول عام 2030م، وذلك عند اكتمال تنفيذ جميع أنشطة هذا البرنامج، وهو وفر بلا شك له اعتباره، إلا أنه لا يمثل سوى خفض في الاستهلاك بنحو (19%) فقط، على مدى عشرين عاماً من عمر هذا البرنامج المكثف الجهود. في الواقع لا أعلم لماذا حين ترد للذهن حقيقة وجود ما يزيد على (18000) تجمع سكاني لدينا في المملكة، لا تمثل المدن والمحافظات بل والمراكز أيضاً سوى (8%) منها فقط، بينما البقية لا تعدو أن تكون قرى وهجرا نائية، لا تمثل عبئاً فقط على الإنفاق الحكومي بسبب ما تطالب به من مستوى معين من الخدمات والمرافق التي لا يتناسب وحجمها السكاني، وبالتالي الهدر في الموارد المالية، ينشأ اعتقاد بأن لها إسهام أيضاً في مقدار ما يهدر من طاقة، سواء من خلال التكاليف التشغيلية لإيصال الطاقة الكهربائية لتلك القرى والهجر، أو حتى الوصول إليها، التي لا يخفى أن كثيرا منها لا تستند لأي مقوم اقتصادي في نشأتها، فما بالك في تكاليف إدارة وتشغيل خدماتها ومرافقها، مما يبرز أهمية إدخالها كأحد العناصر التي ينبغي دراستها ضمن معادلة اقتصاديات الطاقة في المملكة.