لكل فعل ردة فعل معاكسة في الاتجاه، مساوية في القوة بكل دقة متناهية في الروعة يتمثل الأصيل في نهايات البحر السرابية.. وشيئا فشيئا مع اختباء الشمس تتكشف السواتر والخلق مفتون بروائع الجمال الخلابة فالسماء تضحك بتوشح الليل وعقود النجوم المتناثرة في فضاء السحرية. وبين تلك وذاك عين دامعة حالمة.. رسمت لأفقها لوحات قمرية وفضاءات حرية، وبين الخيال والواقع صرخة مرعبة ايقظتها فذبلت ملامح الأنثى في لؤلؤتيها وسارت مسيرة بخطوات عرجاء الى هاوية المصير.. - أتطلبني بشيء؟ - أطلبك؟ أنا آمر لا اطلب. عزة النفس أقوى فلم تعتذر. ينظر اليها باحتقار يرمي قطعة ملابس بلى عليها الزمن: - اغسلي هذا. - لكنك لا ترتديها. - ما شأنك. صمتت.. اخذت القطعة وهمت خارجة: - اغسليها بيدك. - الجو بارد. - أعلم، هذا ما يجعلها انظف!. تستدير ثم يبتسم ابتسامة ذئبية ويطرف عينيه.. ليرسم تخيلات الظلم التي سينحتها على وجنتي عهد.. ٭٭ على الحائط.. ومع عوامل الزمن اصطفت ذكريات.. توالت.. وتوالت وتوالت حتى.. توالت اشعة الشمس بالدخول من النافذة المطلة على العالم الآخر. نهضت اخذت بترتيب نفسها ومضجعها ثم وقفت امام المرآة: - يا إلهي هل انا انثى حقاً؟ تتنهد تلامس شعرها: - حتى هذا قصة ليل اخرى.. المعطف آخر أمل لإخفاء خرائط الوحشية على جسدها المرهق، تلتقطه، ويدوي الصوت المترنح: - اتركيه! - سأذهب للمدرسة. - لا مدرسة بعد اليوم! - لماذا؟! ماذا فعلت؟ - اتركي المعطف! - ولماذا؟ يقترب منها ويمسك شعرها بقوة ويسحبها للخارج لا تصرخ فلا منجد وهي لا تتعجل الأمور لتلقى مصيرها.. دفعها الى الحوض، امرها بالدخول فيه رفضت صفعها وحملها من قميصها، رماها في الحوض صرخت متفاجئة من برودة المياه حاولت الخروج اعادها، ثم: - هذا درس حتى لا تضعي الملابس في حوض الغسيل مع الماء البارد.. احسي بغيرك! ارتجفت عهد، فكأنما الكون ارتجف، ارتجفت فارتجفت معها المياه، معها الطيور، ومعها الورود.. توقدت لؤلؤتاها، أحس بحرارتهما، ارتجف.. اسقط قارورته. «رفقاً بالقوارير» صرخت بكل ثورية انسانية.. خرجت من الحوض اقتربت.. والأرض متشبثة به.. تجمد كل ما ينبض.. اختفت ملامح الحياة.. تسمرت عيناه وقفت.. امسكت يده وصرخ وصرخ.. ثم.. بكى.. توسل ترجى وقَبَّل يديها فاقتربت من وجهه «لماذا؟» تنحب.. دارت الأرض.. تمنى الموت الرحيل قتل الموقف.. لكن صرخة الإنسانية اقوى.. تهادى صوته ثم اختفى.. غاب.. ثم ضحكت.. فضحكت الأخرى ببطولية سكنت الواقعية، التفتت: - هل أخفت ذكر؟ بجذل: - وانتصرت.. - اين ستذهبين؟ - لا اعلم قد آتي اليك. - لكنهم رحلوا. - لا بأس سآتيك. - بصوت جاف: - نعم اذا جهزت حقائبك. - حقا؟! (بكل عفوية) - نعم وبعد ان يراك الطبيب. - مرحى! (بكل جذل) ٭٭ - دكتور.. لقد اخفت عصام في الصباح ثم مات بعد ان بكى! - حقاً؟، لماذا فعلتِ ذلك؟ - لأنه يعاملني كحيوان.. لا يعلم اني انثى! (بعبوس) يتنهد الطبيب.. ويعقد حاجبيه ويسأل: - وماذا حل بالصغيرة؟ تشبك اصابعها ببعض وتقول: - هي تنتظرني، قلت لها سآتي اليها وعبير تقول بعد ان احزم حقائبي سأذهب. يبتسم في محاولة تعيسة للسعادة، ينهي الجلسة، وبعد ان وضع رأسه بين كفيه قال: - يا إلهي.. ثلاث سنوات، مسجونة بتلك الأحداث وفي كل مرة تؤكد انها انثى ككل مرة تقول انها قتلته وتعود لطفلتها.. لا تعلم ان عصاماً مازال حياً بعد محاولتها خنقه.. لو علمت انه مازال حياً لماتت في مكانها رعباً.. انها انثى..