لطالما اشتهر العرب بميلهم للحزن ووصفه وحتى التغزّل بلوعاته وأوجاعه.. ولطالما تلذذوا بطروق الحرمان من الحبيب والعذاب الذي يخنق القلب من دونه، وزاد الوجع وجعاً.. وطغى وتهيمن مع الظروف القاهرة التي يَرضخ لها العالم العربي في أيّامنا هذه. هذه الأسباب وغيرها أدّت بمنتجي المسلسلات العربية وَالخليجية خصوصاً إلى الدق على الوتر الحساس لدى المشاهد.. واستجداء دموعه من بين ثنايا جفنه..والتركيز على مكامن الوَجع في نفوس المشاهدين وقلوبهم.. فتسيّدت قهقهة الحزن على الساحة الفنية في الفترة السابقة ، ظناً منهم أنها بلسمٌ والدمع الآسي ماء بارد يغسل القلوب والأرواح. فصارت المشاكل التي تصاحب المسلسلات الرمضانية أوكسجيناً يَتنفسه المشاهد واعتادت عليه الأعين وتبلّدت من بعده المشاعر. ولكن، مع كمّ الحزُن الثقيل في المسلسلات أدّى بالمشاهد إلى الإفاقة من غيبوبته التي يبدو أنها صارت من المسلّمات في حياته.. فلايكفي الحزن الذي يطوّق حياته ويَكاد يخنقها وعندما يُريد التنفيس ومشاهدة ما يسّره في التلفاز يزداد غيظه غيظاً وكومة بؤسه بؤساً أكبر. فعلى سبيل المثال، عندما استقبلنا شهر رمضان هذا كنّا نتطلّع بأمل إلى وداد الكواري التي سجّلت منذُ الحضور الأول تميزاً لايختلف عليه اثنان.. ولكنّ محوَر أعمالها ارتكز على ذر الملح على الجروح واستصراخ الآلام من مكامنها.. وقد انتقدت في السنوات السّابقة نقداً لاذعاً.. ولذلك تأمّل المشاهد من وداد أن تغيّر من اتجاهها قليلاً لتصير قاعدتها الجماهيرية أكبر.. ولكننا في المقابل وجدنا أنّ طوب الأسى قدْ كوّن قلاعاً مُظلمة وليلاً حالكاً لا نهار له. فهاهي المشاكل تطفو في المشاهد حتى تكاد أن تكوّن طوفاناً لا يهدأ.. والأبواب المغلّقة لا مفاتيح لها.. وكلّ ما قلنا هانت.. جدّ علم جديد. وفي خضمّ هذه المعمعة.. ها نحن نلحظُ استدراكاً جميلاً.. وتغييراً جذرياً ممتعاً، فقد تقدم طاقم عمل «فريج صويلح» بقيادة عبدالعزيز المسلّم بطرح كوميديا هادفة هزت شباك المرمى وصفق لها المشجعون، فناقشت بأسلوب كوميدي رائع مجموعة من القضايا والنقاط المهمة التي طرأت على المجتمعات الخليجية فبدلت من حاله وأحالته إلى مسخٍ لا ظلّ له. فريج صويلح نقلة في المسلسلات الرمضانيّه الدرامية و«الحزائنيّة».. فنبذ الفكر السائد عن المسلسلات الحديثة وبثّ الأمل في قلوب المشاهدين إلى غدٍ متطوّر ومتنوّع أكثر. فهاهوُ عبدالعزيز المسلّم بدور «صويلح» الذي تربّى على يد جده الفنان القدير«إبراهيم الصلال» على أسس ومبادئ الدين الإسلامي الحنيف وصار مثالاً للشاب العاقل المتدين، الذي يدْخُل صراعاً مع ابن نقدي «الفنان خالد النفيسي» الذي يُريد شراء الفريج لأغراض استثمارية في ظلّ تمسك إبراهيم الصلال «المالك» للمحافظة على إرثه وإرث أجداده، وفي حبكة كوميدية متقنة تتسلل مشاهد وَ مواقف مُضحكة ليغضّ بن نقدي الطرف عن رغبته. مسلسل يَستحقّ المشاهدة.. وهُو إبرة في كومة قش تستحق أن تجدها.