بعد سقوط لحج وقاعدتها الجوية (العند) بيد الحوثيين يوم الأربعاء (25 مارس 2015م)، انتظرت الشعوب الخليجية والعربية والإسلامية بفارغ الصبر، قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وأشقائه قادة دول الخليج، وأتى القرار فعلاً لا قولاً بعملية حاسمة (عاصفة الحزم). هذه العملية تأتي استجابةً لنداء الرئيس اليمني الذي حوصر في عدن، وبمباركة جامعة الدول العربية، وبدعم من المجتمع الدولي وعلى رأسها القوة العظمى الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذه هي اللغة التي تفهمها طهران، وهذا هو الرد الأمثل تجاه تحالف الحوثي – صالح، الذين أخطأوا في حساباتهم، وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم، فسلط الله عليهم بذنوبهم من ينتصر للشعب اليمني الشقيق، ويعيد الحق إلى أهله، ويخلص اليمن من دنس إيران وأذنابها. العملية بدأت فجر الخميس (6 جمادى الآخر 1436ه الموافق 26 مارس 2015م) بمشاركة(10) دول عربية وهي، المملكة العربية السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، قطر، الأردن، المغرب، مصر، السودان، باكستان)، وبدعم لوجستي من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقد حدد القادة السياسيون بقيادة المملكة العربية السعودية، (معيار بداية الحرب) بمحاولة الحوثي السيطرة على عدن وتصفية الرئيس هادي. العملية بدأت ولن تنتهي حتى تحقيق أهدافها المعلنة (إعادة الشرعية، استعادة المؤسسات الحكومية، استعادة الجيش وقوات الأمن لدورها الوطني، بسط الأمن والاستقرار في اليمن)، وهذا ما يُسمى في العلم العسكري (معايير نهاية الحرب). هذه العملية مكونة من خمس مراحل، المرحلة الأولى تحديد مراكز الثقل السياسية والعملياتية والتكتيكية، وقد نُفذت هذه المرحلة قبل بدء العمليات الفعلي (ساعة الصفر). مراكز الثقل السياسية للعملية (عبدالملك الحوثي، وعائلة صالح)، وأما مراكز الثقل العملياتية فهي مراكز القيادة والسيطرة والعمليات، القواعد الجوية، سرايا الدفاع الجوي، القواعد البحرية، وبالنسبة لمراكز الثقل التكتيكية فهي مراكز عمليات الألوية والكتائب، مخازن الأسلحة، أرتال الدبابات، مضادات الطائرات الفردية. المرحلة الثانية، مرحلة (الإسكات الإلكتروني)، ويتم خلال هذه المرحلة تحييد جميع القدرات الإلكترونية لدى الخصم، وهذه المرحلة لا تنتهي إلا بانتهاء تدمير قدرات الدفاع الجوي ومراكز القيادة والسيطرة ومراكز توجيه الصواريخ البالستية لدى العدو. المرحلة الثالثة، هي مرحلة الضربات الجوية، وتتكون هذه المرحلة من (3)مراحل فرعية، وهي مرحلة البدء، ومن ثم مرحلة السيطرة، وأخيراً مرحلة الهيمنة الجوية. مرحلة البدء وتعبر عن الغارات الجوية الأولى، وتمثل رأس الحربة في الضربات الجوية، وهي الأكثر خطورة نظرا لتأهب قوات الدفاع الجوي المعادية للتصدي لطيران التحالف. المرحلة الفرعية الثانية من المراحل الجوية، مرحلة السيطرة، وتمثل قدرة طيران التحالف على السيطرة على كامل مسرح العمليات مع وجود بعض الطائرات المعادية ومضادات الدفاع الجوي. المرحلة الفرعية الأخيرة للضربات الجوية وهي مرحلة الهيمنة، التي من خلالها تصبح الطائرات الصديقة مسيطرة كلياً على كامل مسرح العمليات مع عدم وجود أي تهديد معاد محتمل ضد قواتنا الجوية. المرحلة الرابعة هي مرحلة الحسم، ويكون الجهد الرئيسي فيها للقوات البرية والممثلة في القوات الموالية للرئيس هادي، والقبائل الرافضة للانقلاب، وبإسناد جوي من قبل قوات التحالف. وهذه المرحلة هي أصعب المراحل، وأكثرها عرضة للخسائر البشرية والمادية، ويجب أن يترافق مع هذه المرحلة جهد إعلامي لتهيئة الرأي العام لدى قوات التحالف بتوقع وقبول الخسائر المادية والبشرية، واعتبار ذلك ثمنا طبيعيا لأي حرب عبر التاريخ. المخططون على المستوى الإستراتيجي والعملياتي وكذلك على المستوى التكتيكي يستطيعون من خلال إحكام الخطط وتدقيقها ومراجعتها تقليص مستوى الخسائر قدر الإمكان. تعتمد مدة هذه المرحلة على مقدرة الخصم على المقاومة، والمناورة، وكذلك على مخزونه من الأسلحة والذخيرة. المرحلة الخامسة، وهي مرحلة إعادة الانتشار وقد تستغرق من (15-30) يوماً، وهو أن تعود قوات التحالف إلى مواقعها الأساسية قبل بدء العمليات، مع إبقاء ما يضمن تحقيق المرحلة السادسة وهي مرحلة إعادة الأمن والاستقرار. المرحلة السادسة، يكون الجهد الرئيسي فيها للقوات البرية، وأجهزة الأمن والاستخبارات، والمؤسسات المدنية التي سيكون لها دور كبير في الصحة والتعليم وإعادة بناء الدولة. هذه صورة شاملة لطبيعة العمليات، وسنحاول في التقرير القادم، تقييم الموقف السياسي والعسكري لهذه العملية، واستشراف الموقف الإيراني، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم التطرق لأي معلومة قد تمس أمن وسلامة قوات التحالف أو تؤثر بشكل سلبي على عملياتها العسكرية.