ربط التلفزيون السعودي علاقته مع المشاهدين منذ قديم الأزل وانفرد بتقديم البرامج المسجلة وبرامج الهواء حتى أصبح متمكناً بين منافسيه في الدول العربية في عرض كل ما هو جديد وإنتاجه بشكل استثنائي أعطى فخامة وهيبة للإنتاج التلفزيوني في ذاك المبنى الذي ضم أفضل وأكبر الاستوديوهات، حتى وُصفت تلك الفترة ب"الزمن الذهبي" للتلفزيون السعودي. استفاد التلفزيون في ذلك الوقت من الكوادر الوطنية وعدد الاستوديوهات والأجهزة الحديثة ما نتج عنه استخدام كل المساحات المتاحة في المبنى حيث برزت عدد من البرامج منها "تحت الأضواء" على مسرح التلفزيون الذي استضاف عدداً من رموز الفن والرياضة كالأمير عبدالرحمن بن سعود والموسيقار محمد الموجي "رحمهما الله" ومحمد عبده وماجد عبدالله وغيرهم، والبرنامج الشهير "بنك المعلومات" وغيرها من البرامج الجماهيرية. هذا المسرح أسس ليضاهي أكبر الاستوديوهات والمسارح حتى في وقتنا الحاضر، قبل إهماله، وأيضاً استديو "A" و"B" و"C" التي قدم من خلالها عددا كبيرا من البرامج منها "حروف" لماجد الشبل، عدا استوديوهات الأخبار المتناثرة في جنبات مبنى التلفزيون واستديو "D" الكبير الذي يتسع لإنتاج أضخم المسلسلات لكنه أقفل نهائياً وجُعل مستودعاً ولم يفعل وحول المسرح إلى استديو "D"، قبل أن يؤسس التلفزيون أستديوهات جديدة للقنوات الاخرى ك "الثقافية والرياضية والإخبارية وغيرها. مبنى التلفزيون السعودي صُمم في ذلك الوقت من شركة فرنسية ليكون خلية نحل منتجة على نطاق واسع وليكون مدينة إعلامية متكاملة، حيث بإمكان التلفزيون أن يستثمر استديوهاته ويسوق برامجه للقنوات الأخرى، مثل التلفزيونات الاخرى الأضعف قدرة إنتاجية ومالية. وبعد أن تولت هيئة الإذاعة والتلفزيون زمام الأمور استبشر السعوديون خيراً متوقعين استثماراً للأستديوهات والمبنى بشكل عام وعودة جديدة للإنتاج التلفزيوني المميز، كانوا يظنون أن البرامج ستعود كما كانت، يتذكرون أن القائمين على التلفزيون في ذاك الوقت استثمروا حتى المطعم في برج التلفزيون وجعلوه استديو. التلفزيون السعودي يمتلك قيمة كبيرة من القدرات الفنية من الموظفين والمساحات الكبيرة داخل التلفزيون والأجهزة الحديثة، تساعد أي تلفزيون أن يتبوأ مكانة عالية في الإنتاج التلفزيوني، لكن مثل هذا لم يحدث إطلاقاً بل عاد التلفزيون السعودي تحت ظل الهيئة وكأنه ناشئ جديد يتلمس إنتاج الشركات الخارجية ويشتري مواداً لا ترتقي باسم التلفزيون ولا بالمشاهدين. تعطلت الاستوديوهات الداخلية للتلفزيون وتم منح شركات إنتاج داخلية وخارجية التعميدات لإنتاجات فقيرة في أستوديوهات خارجية أقل إمكانات مما يملكه مبنى التلفزيون، بل إن بعض البرامج تم إنتاجها في غرف صغيرة مثل برنامج "جلسات الدانة". ولو استثمر التلفزيون استوديوهاته وصور برامجه بنفسه داخل مبناه الكبير، لما احتاج للميزانية الكبيرة التي تصرفها الدولة عليه، إذ يستطيع من خلالها القائمون على التلفزيون أن ينافسون أعتى وأهم القنوات العالمية إذا استثمرت بشكل مهني وجاد، لكن مثل هذا لم يحدث للأسف، والسبب يعود إلى ضعف في الجانب الإداري والتسويقي الذي يحتاجه العمل التلفزيوني الناجح. ببساطة.. لا يمكن أن تسأل أحد عن القنوات السعودية ويأتيك رد يثلج الصدر، وأقل ما سيقوله "إنه لم يبرمجها على جهازه"!. هكذا هو التلفزيون الذي لا يريد استثمار طاقاته الذاتية مفضلاً الاستعانة بشركات تنتج برامجها في أستوديوهات خارجية، وكأنه يحب أن يكون خارج دائرة الضوء، يعمل خلف الكواليس ولا يعلم عنه أحد!. جمهور كثيف في أحد البرامج المنفذة في أستوديوهات التلفزيون