في هذا الحوار يكشف الأستاذ الدكتور منصور بن محمد الغامدي المشرف على الإدارة العامة للتوعية العلمية والنشر بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومدير البرنامج الوطني للمحتوى الرقمي الكثير من المحاور حول النشر العلمي في المملكة وأهميتها، خصوصًا بعد أن نظمت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ونيتشر الطبعة العربية ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب، ندوة حوارية تحت عنوان «أضواء على وضع النشر العلمي في المملكة العربية السعودية – نيتشر الطبعة العربية نموذجاً» وذلك بالقاعة الرئيسية في المعرض. * بداية كيف تجد النشر العلمي بالمملكة؟ - تتقدم المملكة الدول العربية في النشر العلمي العالمي المحكم حسب إحصائيات "تومسن رويترز" وهو مؤشر مهم لما وصلت إليه المملكة في مجال التقدم العلمي. هذا النوع من النشر العلمي يخدم العلماء والباحثين والمتخصصين الذين في الغالب يشكلون 1% من أفراد المجتمع، وتبقى شرائح المجتمع الأخرى من عامة القراء والطلاب والأطفال التي تحتاج هي أيضا إلى محتوى علمي. حسب إحصائية نشرتها المجلة العربية مؤخرا، فإن نسبة ما ينشر في المملكة في المجالات العلمية كالطب والهندسة والكيمياء والرياضيات والفيزياء والأحياء لا تتجاوز 3% من إجمالي النشر في كافة المجالات وهي منخفضة كثيرا مقارنة بما يقابلها في الدول المتقدمة التي تصل إلى 30%. هذا يتطلب جهودا مكثفة من جميع الجهات سواء الناشرين أو المؤلفين أو القراء، ولعل أهم حلقة هنا هي الأسرة والتي يشكل المنزل 80% من المكان الذي يقرأ فيه الأفراد الكتاب حسب الإحصائية السابقة، فإذا كانت الأسرة محفزة لأفرادها على قراءة الكتب العلمية فإن الطلب سيزداد على هذا النوع من الكتب مما يدفع بالناشرين للبحث عن مؤلفين في هذا المجال فينتعش النشر العلمي ويزداد. *ما هي جهود المدينة في اثراء المحتوى العلمي العربي؟ - مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية كغيرها من المؤسسات العلمية العالمية، مثل: وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" ووكالة العلوم والتقنية اليابانية و"يوروساينس" الأوروبية، تهتم بتوعية المجتمع ونشر الثقافية العلمية بين أفراده لعدة أسباب من أهمها أن المجتمع هو الذي يخرج العلماء والباحثين والمفكرين الذين يمدون هذه المؤسسات بما تحتاجه فيعود خيرهم عليها وعلى المجتمع. وتبذل المدينة جهودا في إثراء المحتوى العربي عبر عدد من القنوات منها الإثراء المباشر للمحتوى العلمي كما في "ويكي عربي" و"نول" ونشر الكتب العلمية والمجلات المتاحة مجانا للجميع على موقع المدينة الإلكتروني، وكذلك إثراء مقاطع الفيديو والصوت، كما عملت على تحفيز مختلف الجهات على المساهمة في إثراء المحتوى العربي وعقد المؤتمرات وورش العمل. وقد وصلت مساهمة المملكة في إثراء المحتوى العربي على الإنترنت 28% كأول دولة عربية حسب إحصائيات مركز مدار للبحث والتطوير. * ما أهمية التوعية بالنشر العلمي وما أثر ذلك على المجتمع؟ - نشر الثقافة العلمية وتوعية المجتمع علميا أساس مهم لبناء مجتمع المعرفة الذي بدونه لا يتحقق الاقتصاد القائم على المعرفة. الفرد الواعي علميا قادر على تجاوز المعوقات ولديه الإمكانات لتوفير حياة كريمة له ولأفراد أسرته بسبب اتخاذه قرارات صائبة مبنية على خلفيات علمية أهلته لذلك. وعندما يكون المجتمع مكونا من أفرد لديهم خلفية علمية جيدة يستطيع التقدم على كافة المجالات كالصناعة والزراعة والتجارة وغيرها والدخول في منافسات عالمية رابحة. * تتبنى المدينة الطبعة العربية لدورية "نيتشر" العلمية، كيف تصف لنا أهمية ذلك؟ - مجلة "نيتشر" الأم عمرها ما يقرب من قرن ونصف وتنشر أسبوعيا وهي المجلة الأولى عالميا من حيث الاقتباس والرجوع إليها لما تتمتع به من دقة في المعلومات ومتابعة لآخر التطورات العلمية. وترجمتها إلى اللغة العربية مكسب لكل قارئ عربي وخطوة مهمة في توفير المعرفة للقراء العرب. تصدر "نيتشر" الطبعة العربية شهريا في عشرة آلاف نسخة ورقية توزع على الجامعات والمؤسسات البحثية والمهتمين. ويطلع عليها إلكترونيا عبر الإنترنت ما يقرب من (90) ألف قارئ شهريا كما يتابع تغريداتها في "تويتر" و"فيس بوك" أكثر من مئة ألف متابع، ولها مقاطع "فيديو" على اليوتيوب لتوفير مزيد من وسائل الوصول إلى القراء وتوضيح الظواهر والإنجازات العلمية. فهي تحظى بشعبية بين المهتمين رغم أنها حديثة الصدور فعمرها لم يتجاوز العامين والنصف. وهي مرجع مهم للمعلومات العلمية ومتابعة مستجدات العلوم إذ أن موقعها الإلكتروني يحدث أسبوعيا حتى لا يتأخر وصول المعلومات العلمية إلى القارئ العربي. هذه المجلة حجر زاوية في بناء مجتمع قائم على المعرفة.