أجمع عدد من علماء الاجتماع والمختصين في تنمية المجتمعات وعدد من الشخصيات البارزة في "العوامية" على أهمية الأمن والاستقرار وتحقيق الأمن الاجتماعي في "العوامية" وفي أي مجتمع مدني متحضر، مؤكدين أن "التنمية" لا تتحقق في ظل انعدام الأمن الذي هو أساس كل بناء واستقرار ونماء لأي مجتمع. ويرى المختصون أنه من الطبيعي أن يرفض أبناء أي مجتمع المخربين والمجرمين في أوساطه، بل وينبذهم، حيث يشدد أهالي بلدة "العوامية" التي تحتضن ما يزيد على ال30 ألف نسمة على أهمية الأمن والأمان والاستقرار ونبذ العنف، وحالات السطو المسلح والجرائم التي يتم استخدام السلاح فيها أياً كانت. وفي جولة قامت بها "الرياض" لرصد الحياة العامة داخل أحياء "العوامية" التقينا بمجموعة كبيرة من رجالات "العوامية" الذين أجمعوا على أن خط التنمية لا يتحقق في ظل انعدام الأمن، مؤكدين على أن الأمن مطلب لقاطني البلدة، وهو أهم المقومات التي تحقق تنمية المجتمع ونموه نحو الأفضل، بما يعزز المجتمع المدني في البلدة التي تتميز بكفاءاتها وطاقاتها الكبيرة بين بلدات القطيف، وبخاصة أن البلدة بها تميز أكاديمي، إذ ينخرط كثير من شبابها في برنامج الملك عبدالله للابتعاث وهو ما سينعكس إيجاباً على المجتمع، كما هي الحال بالنسبة للشباب السعودي الذي يدرس الآلاف منهم في عدد من دول العالم. قلب الوطن يتسع للجميع وبالوعي نتصدى لمحاولات هزّ وحدتنا وأمننا كما تتميز "العوامية" بالعديد من المقومات الأخرى في هذا المجال منها الحضور الصحي القوي عبر الأطباء الاستشاريين الذين يمثلون أعلى معدل لتجمع في بقعة جغرافية على مستوى محافظة القطيف، كما تتميز بكثرة الأدباء والشعراء الذين يحققون الإنجازات الأدبية، رافعين راية الوطن في المحافل الأدبية في العالم العربي، وبخاصة في الخليج، إذ حقق غير شاعر وقاص المركز الأول في جوائز دبي، وفي الشارقة والدوحة وغيرها من العواصم الخليجية، فيما ترشح 4 من شعرائها لخوض غمار مسابقة أمير الشعراء، ما يشكل نحو 75% من مجموع السعوديين المتأهلين لخوض غمار المسابقة التي بدأ بث أولى حلقاتها التسجيلية الأسبوع الماضي، كما تتميز البلدة بحضور قوي في جوانب الفن التشكيلي، والخط العربي الذي حققوا فيه إنجازات عربية مهمة. وعلى الصعيد الرياضي تميز أبناء العوامية على مستوى المملكة، إذ ساندوا وطنهم في مجالات عدة عبر المنتخب السعودي، مثل تمثيل تسعة لاعبين في الدراجات لمنتخب المملكة في البطولة الخليجية، وتوزع اللاعبون في الفريق الأول، والشباب، والناشئين، كما تحظى منشآت نادي السلام بالعوامية باهتمام رعاية الشباب، إذ تمكن النادي من تدشين أكبر صالة على مستوى المملكة للعبة التنس الطاولة، ، وتشير التقديرات لإزالة نحو 400 وحدة سكنية تقع في نطاق المشروع التنموي الذي تجاوب معه قاطني المسورة عبر تعبئة الاستمارات الخاصة، تمهيدا لحصولهم على تعويضاتهم، ما يفتح البلدة ويجعل التنقل أسهل بكثير، كما يتم العمل في مشروع "طريق التحدي" الذي يسهم في تحقيق ذات الهدف وقد تسلم بعض مالكي العقارات تعويضاتهم. فاضل النمر سلمان الفرج علي تحيفه معوقات تنموية وعلى صعيد معوقات التنمية ترى نخبة العوامية بأن أفضل وسيلة لتحقيق التنمية البشرية في المجتمع العوامي تكمن في حلحلة المعوقات ومن تلك الملفات قضايا القتل والسطو المسلح على بعض المحال التجارية، والقضايا الأخلاقية التي اجتمع أهالي البلدة لحل إحداها في اجتماع عام دعت له أسرة طفل كان ضحية اعتداء، وتشدد النخبة على أن مثل هذا الملف لا يعالج إلا بتحقق نعمة الأمن والأمان، ونيل المجرم أياً كان جزاءه عبر إلقاء القبض عليه، وتسليمه للعدالة في نهاية المطاف. ويحتاج الملف الأمني من وجهة نظرهم إلى معالجات غير تقليدية، وذلك بتعاون الجميع وتحقيق رؤية مشتركة تصنع الشراكة في مكافحة الجريمة بين أبناء المجتمع والجهات الأمنية، علماً أن نسبة الجريمة في البلدة كما يؤكدون ليست ظاهرة متفشية في المجتمع إذ ما قُورنتْ بمناطق أخرى. وتشدد النخب على رفضها القاطع لبعض الممارسات السلبية التي تتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مثل تويتر وغيره من قبل بعض أصحاب الأسماء المستعارة، داعين إلى مراعاة الله عز وجل وعدم قذف مجتمع كامل وشيطنته عبر التحريض على المجتمع في العوامية بسبب جريمة هنا أو هناك، وتضخيم الجرائم في المجتمع الذي يعشق العيش بسلام وفي أمن وأمان. بيان رجالات القطيف رد على العابثين بالأمن ودعاة التأجيج..الجميع ينبذ الإرهاب صدارة الأحداث وعلى الرغم من وقوع حالات إجرامية لم تخل من حمل السلاح، وهو ماجعل البلدة الهادئة المسالمة بارزة على الصفحات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، بيد أن المهندي جعفر الشايب عضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف يرى أن البروز الحقيقي للبلدة جاء بعد حصول مواجهات صدامية مستمرة بين مسلحين وقوات الأمن، والتي ظلت إلى اليوم جرحاً دامياً ينزف من جسم وطننا الغالي، مضيفا :"تأتي تلك التطورات المؤسفة بعد أن تصاعدت في البلدة مسيرات شبابية منذ نحو ثلاثة أعوام، مشيراً إلى إن "العوامية" مثلها مثل أي بقعة في وطننا ينبغي أن نتناول ما يحدث فيها بهدف المعالجة، وليس لغرض التأجيج والإثارة والانتقام وردود الأفعال الارتجالية. ومن واقع معرفته بأهل العوامية يقول: "إن أبناءها تميزوا بحبهم للعلم والمعرفة، فمنهم أكاديميون وأطباء وشعراء وعلماء دين بارزون على مستوى الوطن"، مشيراً لموقع البلدة الجغرافي بقوله: "إنها تقع ضمن منطقة محصورة ومحاطة ببلدات مجاورة، وتمر على أطرافها أنابيب النفط الواصلة لموانئ التصدير على سواحل الخليج العربي، ويخترقها شارع وحيد يوصلها بما حولها من مدن وبلدات، ما يعني أهميتها الكبرى للوطن". وكراصد دقيق لما حصل من أحداث مؤسفة في البلدة يقول: إن أهل "العوامية" يدركون أن هناك اتجاهين بارزين الأول اتخذ من الجريمة وسيلة لترويع الآمنين ونشر الفساد والعبث بمصالح المواطنين والتعدي على مؤسسات الدولة ومنشآتها، وأبناء المجتمع أدركوا خطورة هذا التوجه الذي استغل صعوبة الوصول إلى البلدة وانتشار المزارع فيها ليمارس مختلف أشكال الجرائم هناك بعيداً عن أعين الرقابة والمتابعة، مضيفا إن هذه الحالة جعلت الأهالي والشخصيات الاجتماعية يطالبون الجهات الأمنية باتخاذ إجراءات رادعة لضمان الأمن والسيطرة على عمليات تهريب وبيع السلاح والمخدرات وغيرها من أشكال الجرائم المستنكرة. وعن الاتجاه الثاني يقول: "جاء متفاعلاً مع بعض الأحداث الخارجية ومتبنياً لمطالب اجتماعية قائمة، وعبر عن ذلك بمسيرات ما لبثت أن لقيت صدى وتفاعلاً في مختلف مدن المحافظة، إلا أنها استجابت مع إجراءات الدولة بمنعها ومواقف الشخصيات الاجتماعية والدينية ورجالات العوامية وتوقفت عن النهج الصدامي منذ حوالي عام، ومع العلم أن جهات رسمية عديدة التقت ببعض هذه الوجوه لتداول الرأي معهم حول مطالبهم، وشكلت لجاناً لتحديد هذه المطالب ومعالجتها، مشيراً إلى أن المشكلة كانت في تداخل الاتجاهين مع بعضهما، ومحاولة جماعات الإجرام الاختفاء حول الاتجاه المطلبي وأخذه كذريعة لمواصلة أعمالها الجنائية التي لم يسلم منها الأبرياء من المواطنين، بل ودفع كثير منهم جراء مواقفهم المعارضة لذلك أثماناً باهظة. الشراكة مطلب ويشدد "م. الشايب" على أن كثيرا من الخطباء والعلماء والكتَّاب في المنطقة لم يتوقفوا عن الحديث عن رفضهم لكل شكل من أشكال العنف واستخدام السلاح ضد المواطنين أو ضد أفراد الأمن، بل وصدرت عدة بيانات بهذا الخصوص من شخصيات لها مواقعها الإعتبارية في المجتمع ولدى الدولة، مضيفا "جاء البيان الذي أصدرته شخصيات من رجالات القطيف بعد مقتل أحد رجال الأمن كرد واضح على هؤلاء الذين يعبثون بأمن البلاد ويستهدفون الأبرياء باستخدام السلاح"، مستدركا: إن ما يهمنا هنا هو التفكير في معالجة جادة لهذه القضية معتمدة على حالة من الفهم المنفتح والقادر على المعالجة بعيداً عن أجواء التحدي والمواجهة، فالبيانات والخطابات الإعلامية لم يثبت جدواها، والتوجه الأمني منفرداً أثبت أنه مكلف على الجميع، ولا بد من السعي المشترك لمعالجة الموقف بصورة حازمة ومخلصة تراعى فيها هيبة الدولة وأمن المواطنين، وفي الوقت الذي ندين فيه أي شكل من أشكال العنف والإرهاب، فإننا ندعو في ذات الوقت إلى التواصل مع العلماء والشخصيات من أبناء المنطقة لتفويت الفرصة على من يتصيد في المياه العكرة، ولوضع حد للتساهل في أرواح الناس ورجال الأمن ودمائهم. الحراك الثقافي يقول "فريد النمر" – شاعر وأديب- بأن العوامية بلدة ثقافية مسالمة عريقة في هذا الوطن تميز حضورها بأنها مركز تاريخي هام منذ الزارة عاصمة المنطقة، مضيفا :"امتدت ثقافة أهلها بذاك الامتداد التاريخي فعاصرت كل مستجدات العصر الحديث، ونمت بها قدرة علمية كبيرة يشار لها بالبنان على جميع الأصعدة"، مستدركا إن العوامية لم تحظ بالتطور الخدماتي الذي يواكب تلك الطاقات الهائلة لدى أبنائها، فهناك قصور متمثل بالفروع المهمة للخدمات، مثل فرع بلدية متكاملة الخدمات، فرع لمكاتب الاتصالات، فرع لمصلحة المياه، فرع لبنك كما كان سابقا"، وعلى صعيد البنية التحتية يقول: "تفتقر العوامية إلى التنمية في الشوارع، والمدارس غير كافية، وكذلك الحدائق عامة، والمركز ثقافي، والمكتبة العامة، مؤكدا أن كل تلك الأمور مهمة في حياة المواطن والفرد، وهي من الأمور التي تجعل البلدة منفتحة كمدينة صفوى والقطيف، خاصة أننا نتحدث عن مدينة يقطنها 30 ألف نسمة. التنمية مطلب المجتمع ويشدد شيوخ "العوامية" الذين عاشوا فترة ما قبل الكهرباء أن البلدة شهدت تطورا كبيرا في الخدمات، مؤكدين أنها بلدة ممتدة في الزمن، مشيرين إلى أن "حي المسورة" الذي ستنزع ملكيته من قبل المالكين الحاليين يعود لنحو 400 عام، بيد أن كثيرا من منازله أصبحت خربة وتهدد سلامة المارة، كما أن بعض المنازل لا تزال مأهولة حتى اللحظة، ويقول "أبو محمد سلمان الفرج" - أحد مشائخ البلدة- : "نملك عقار في نطاق المشروع، بيد أن كل همي منصب بشكل جماعي لتنمية العوامية وجعلها بلدة مزدهرة". بدوره يرى "أبو محسن سلمان محمد الفرج" – أحد كبار السن- بأن من المهم ان يعطى الشخص المعوض من أجل التنمية في البلدة قطعة أرض بديلة عن التي يملكها داخل المسورة ومبلغا يكفيه للبناء من أجل نقل العوائل بشكل سليم من موقعهم الحالي للموقع الجديد، مضيفا إن أهل البلدة عامة وقاطني الحي خاصة يتأملون في أن يحصل الجميع على تعويضه بشكل مرض، وبخاصة أن هناك عقارات تقل عن 30 مترا مربعا وبها نحو خمس عوائل"، الأمر الذي أيده فيه "عبدالله النمر" – أحد كبار السن وخبير بالأراضي- إذ يقول: "إن الذين سيحصلون على التعويضات لا يعرفون حتى اللحظة ما إن كان التعويض سيفي لنقلهم إلى سكن ملك جديد، خاصة أن أسعار العقارات كبيرة"، مشيرا إلى أن الجميع مؤمن بعدالة الدولة حفظها الله. الرامس وليس بعيداً عن حرص مَنْ التقتهم "الرياض" في جولتها في حب الوطن يشدد "مهدي الفرج" على أهمية العمل في المشاريع الصحية المتعثرة، مثل مركز صحي العوامية في حي الجميمة، مطالبا بضرورة فتح قسم للإسعاف فيه، ويضيف "لا بد أن تتحسن الخدمات في البلدة فهناك مساحات نفتقر لها، كالحدئق، ورصف الطرق كما كان في حي العوينة حيث عملت البلدية على رصف الطرق مشكورة، وعن التكاتف الاجتماعي يقول: "منذ القدم هناك تكاتف اجتماعي، فالأجداد عملوا بجد حتى تمكنوا من شراء أكبر أرض زراعية ووقفها، وهو الرامس أكبر وقف في العالم، إذ يبلغ مساحته نحو 8 ملايين متر مربع، وتم وقفه وقفا عاما لجميع أهالي العوامية أوقفها الشيخ سلمان بن محمد بن حسين بن صالح الفرج رحمه الله، إذ تم شراؤه مرتين بموجب صكوك تثبت حدود الرامس وملكيته لأهالي العوامية. سوق الجمعة بالعوامية مهدي الفرج يتحدث للزميل منير النمر خلال جولة «الرياض»الميدانية احد الطرق في القطيف بعد التطوير جانب من المسورة القديمة