وجّه أمس الثلاثاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رسائل حادة لخصومه في المعارضة عندما قال إنه ماض في تنفيذ إصلاحاته السياسية وأنه لن يتراجع عن سياسته الإجتماعية رغم التدابير التقشفية التي أعلنت عنها حكومة عبد المالك سلال لمواجهة تدني أسعار النفط، المورد المالي الرئيس للعملة الصعبة بنسبة 98 %. وفي رسالة وجهّها للعمال بمناسبة الذكرى ال 44 لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين، كبرى النقابات العمالية في البلاد، بعث عبدالعزيز بوتفليقة رسائل طمأنة إلى الشارع الجزائري الذي قررت المعارضة فيه النزول في مسيرات احتجاجية بالموازاة مع الاحتفالات الرسمية بالذكرى، تضامنا مع سكان الجنوب الذين يرفضون قرار السلطة الشروع في عمليات التنقيب عن الغاز الصخري تمهيدا لاستغلاله ويطالبون بوتفليقة بالتراجع عنه مقابل أن يعودوا إلى بيوتهم. وفي محاولة منه لكسب تأييد الشارع الواقع تحت تأثير تحركات المعارضة طمأن بوتفليقة الجزائريين أنه "سيرفع من وتيرة تنفيذ الإصلاحات السياسية" وأنه "سيواصل كل المشاريع التنموية بالأخص في مجال السكن" وأن سياسة التشغيل ستبقى من أوليات السلطة، وقلّل من مخاوف الشارع المتوجس من تدني اسعار النفط وانعكاساتها على حياته اليومية بالقول: "إن سياسية التقشف وحدها لا تكفي للخروج من الأزمة" في تبرير غير مباشر إلى أن تدابيره لاستغلال الغاز الصخري بالجنوب هو خيار استرتيجي سيمكّن الجزائر من الاستفادة من ثرواتها الطبيعية. واعترف بوتفليقة في الرسالة أن بلاده تواجه تحديات أمنية كبيرة دون أن يذكرها، ثم شدّد على أن جيش بلاده "قادر على دحر كل تهديد" في إشارة إلى تململات الجنوب والحدود الملتهبة بفعل ازمات دول الجوار بالاخص ليبيا ومالي وبدرجة أقل تونس، لكن الرسالة بدت موجهة أيضا إلى المعارضة التي منعتها الداخلية من النزول إلى الشارع بدعوى مخاوف من انزلاق الوضع، وهو ما عاد لينبّه إليه أمس الثلاثاء الوزير الأول عبدالمالك سلال في خطاب أمام العمال غرب البلاد، حيث حذر مما أسماه "أطراف تحاول استهداف أمن واستقرار الجزائر" و "جهات تسعى لجرّ الشارع إلى الفوضى". ولم تفلح أمس المعارضة المنضوية تحت ما يعرف ب"تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" في السير بشوارع العاصمة بعدما طوّقت عناصر الأمن مداخل ساحة البريد المركزي، حيث كان من المفروض أن تنتهي إليه الوقفة الاحتجاجية فيما امتدت الاحتجاجات المتضامنة مع سكان الجنوب إلى كل من باريس وجنيف ولندن نظمها نشطاء معارضون في الخارج.