٭ كم أتمنى أن أرى اليوم الذي يتمكن فيه الإداريون في هيئات الدولة الرسمية من تحسين وتطوير إجراءات العمل في أجهزتهم بما في ذلك توزيع الصلاحيات على من هم تحت إشرافهم الإداري مما سيتيح لهم الوقت الكافي لمراجعة ومعالجة مشاكل العمل إن ما أخطه هنا من مشاعر وخواطر تمت صياغتها بصورة تمنيات لابد أن بعضها أو كلها كامنة في ذهن وضمير معظم أو كل مواطن من أبناء هذه الأرض الطيبة التي مَنَّ الله عليه فيها بالخير والأمن والأمان في ظل قيادتها الحكيمة وفقها الله في كل مساعيها الحميدة. ٭ كم أتمنى أن يمد الله في عمري لأرى اليوم الذي يصل فيه حسن التنظيم والإدارة في مختلف هيئات الحكومة الرسمية بما يغني المواطنين عن الحاجة للتجمع أو التكتل أمام أبواب بعض هذه الأجهزة لقضاء حاجاتهم أو إنهاء إجراءات معاملتهم.. وإن أحوجت الضرورة القصوى لذلك فلابد أن يتم الترتيب اللازم والتنظيم ليتم ذلك بأسلوب حضاري سليم بحيث يقضي كل منهم حاجته وفق دوره في الترتيب المتبع. ٭ كم أتمنى أن أرى اليوم الذي يكون فيه رأس أي مواطن مرفوعاً وهو يدخل أو يغادر بوابة الدائرة الحكومية عندما تحوجه ظروفه أو عمله لمراجعتها بحكم أنه: - لقي المعاملة الحسنة من كل موظف مختص وقف هذا المواطن أمامه. - تم إنهاء إجراءات معاملته أو الأمر الذي يراجع فيه بكل يسر وروح طيبة ودون كلل أو عناء من قبله أو دفق ماء وجهه ليتحقق مطلبه. - لأنه لم يجد أي ضرورة أو حاجة للتسلح في مسعاه بواسطة من قريب أو وجيه. ٭ كم أتمنى أن يكون من ضمن ما يلقاه المواطن من عناية واهتمام في الدوائر الحكومية التي راجعها، في حالة استحالة إنهاء إجراءات معاملته في حينه أن يحاط من قبل أقسام استقبال المراجعين التي أنشئ عدد منها في بعض أجهزة الدولة كالداخلية، والخدمة المدنية (ويجب أن ينشأ فيها جميعاً) أن بامكانه العودة إلى مقر معيشته أو منطقته وأن معاملته ستتبعه وسيحاط بما تم عليها دون عناء منه. وباختصار فإن مبدأ أن المعاملة تتبع المواطن لا العكس يجب أن يكون هو القاعدة لا الاستثناء في العمل الإداري الحكومي. ٭ كم أتمنى أن أرى حقيقة لا غبار عليها وهي أن يقوم كل موظف في قطاعات الدولة المختلفة بواجبه تجاه إخوانه المواطنين بكل أمانة وصدق ودون توقع مقابل لذلك بأي حال من الأحوال. ٭ كم أتمنى لو يضع كل إداري قيادي نفسه في موقع الحكم والتجرد في النظر لأي خلاف أو قضية قد تنشأ بين أي مواطن ساقته ظروفه نحو دائرته وأحد من العاملين تحت إمرته. ٭ كم أتمنى أن أعيش لأرى أن الكثير من القضايا التي تعرض أمام المسؤولين في دوائرنا الرسمية والمتعلقة بنزاعات بين الأفراد، والتي غالباً ما يكون مصيرها الدخول في تيار أوراق المعاملات المتحركة وهي تنتقل من مكتب إلى مكتب ومن إدارة إلى إدارة ومن هيئة حكومية إلى أخرى، بما في ذلك المحاكم، أتمنى أن أرى توجهاً جديداً لدى المسؤولين حيالها ألا وهو السعي الدائب لمعالجة أكبر قدر ممكن منها بأسلوب يعطي الجانب الشخصي دوره في العملية.. وذلك قبل دخول معاملات الأفراد دوامة الحركة التي قد تكون لها بداية إنما في معظم الأحيان لا نهاية لها في خضم الروتين الإداري.. ففي اعتقادي ان المسؤول المعني بامكانه تخصيص جانب من وقته اليومي - أو تكليف لجنة من كبار معاونيه - أو سواهم من الشخصيات المعروفة للالتقاء بأطراف القضية المعروضة للنظر والسعي لحل الاشكالات القائمة بينهم بطريقة ودية.. والحقيقة التي لا مناص منها هي أن البعض منها قد لا تؤدي هذه المعالجة إلى النتيجة المطلوبة، ولكن الاحتمال وارد أيضاً أن البعض الآخر منها سيتم حلها عن طريق هذا الأسلوب بحكم طبيعة الناس في بلادنا وتقديرهم للجوانب الشخصية بصورة ملحوظة ومعروفة.. فوجاهة المسؤول الإداري أو من يكلفهم بهذه المهمة لابد أن يكون لها التأثير المطلوب لدى نسبة عالية من الأطراف المعنية بالقضية. ٭ كم أتمنى أن أرى اليوم الذي يتمكن فيه الإداريون في هيئات الدولة الرسمية من تحسين وتطوير إجراءات العمل في أجهزتهم بما في ذلك توزيع الصلاحيات على من هم تحت إشرافهم الإداري مما سيتيح لهم الوقت الكافي لمراجعة ومعالجة مشاكل العمل عن طريق الاتصال الشخصي ومقابلة المرؤوسين ممن يختبئ الضعيف أو غير المنتج منهم وراء رزم الملفات والأوراق التي تقف سداً مانعاً بين المشرف الإداري وأمثال هؤلاء الأفراد، ممن لا يتيح هذا الطوفان الجارف من الورق فرصة للإداري لتقييمهم شخصياً ومعرفة حقيقتهم على الوجه الأصح ومعرفة الغث من السمين منهم.. علاوة على ما سيتيحه توفر الوقت من مقابلة أعداد أكبر من المواطنين من أصحاب المصالح مما قد يعينه في معرفة ما قد يكون هناك من مواطن الخلل والقصور في الهيئة التي يشرف عليها وأعمالها. ٭ كم أتمنى أن أعيش إلى اليوم الذي لا يرى فيه المرء، وهو يسير على طرق مدننا، من يرمي المعلبات ومحارم التنشيف وسواها مما يشين جمال شوارعها ومظهرها الحضاري.. والأمر ذاته ينطبق - وبشكل أشد ضراوة - على ما تعاني منه المواقع البرية من وديان وأشجار حينما ترتادها الأسر في المواسم الربيعية والممطرة.. حيث تحتشد أمام أنظارها الآلاف المؤلفة من جيوش الذباب والحشرات الأخرى المتجمعة على أكداس المخلفات من لحوم وجلود وعظام ومعلبات وزجاج ومحارم الورق.. الخ مما يحرم آلاف الأسر من الاستمتاع بنزهاتهم في عطلهم الأسبوعية وخاصة في المواسم الربيعية والماطرة. فإذا حرموا من هذه المتع البرية - الطلعات - فماذا يتبقى لهم لقضاء أوقات طيبة في رحلاتهم للترفيه عن أنفسهم رجالاً ونساءً وصغاراً مما يوجب أن تنتبه له وسائل الإعلام باختلافها، وكذلك الأئمة ومعلمو المدارس عن طريق التوجيه بأهمية اتباع الأسلوب السليم لحفظ ونقل المخلفات في نهاية هذه - الطلعات - ووضعها في الصناديق المخصصة لذلك، لأن عليهم واجب معرفة أن حقهم في الاستمتاع بأجواء البر المنعشة لا يعني حرمان سواهم من إخوتهم المواطنين وأسرهم صغاراً وكباراً من الحق ذاته والمتعة ذاتها. ٭ كم أتمنى أن أفتح عيني صباح يوم لأقرأ في بعض الصحف أن آخر الإحصاءات المتعلقة بالهجرة السكانية من الأرياف والبادية للرياض (وسواها من المدن) بدأت تأخذ مجراً معاكساً، وأن توفر الخدمات كالهاتف والتلفزيون ومشاريع التنمية في القطاعات الصحية والتعليمية والزراعية والصناعية وخلافها أصبحت تغري أعداداً متزايدة من السكان لأخذ هذا الاتجاه عائدة أدراجها نحو قراها ومزارعها ومناطق معيشتها باختلافها، إذ أن خلاف ذلك واستمرار عملية تكدس السكان عن طريق الهجرة الداخلية والخارجية للمدن الكبرى بدأ يترك أثره على نوعية وطبيعة المعيشة (QUALITY OF LIFE) في هذه المدن وأن استمرار هذا التدفق من السيل البشري لها كفيل بأن يجعل كل إنسان فيها بسبب تلوث البيئة والازدحام والضغط على المرافق جحيم في جحيم. وختاماً أضع هذين البيتين من الشعر أمام ناظر كل إداري يقرأ هذه السطور.. لما فيهما من الحكمة الأزلية: إن الكراسي لا تدوم لواحد إن كنت لا تدري فأين الأول فاجعل من الفعل الجميل فضائلُ فإن عزلت فإنها لا تعزل