يخشى البعض من هروب الاستثمارات من المملكة بسبب سياسات السعودة.. لكن تقرير المؤسسة العربية لضمان الاستثمار عن مناخ الاستثمار في الدول العربية للعام الماضي 2004 أوضح أن المملكة هي أكثر الدول العربية - على الإطلاق- جذباً للاستثمار فقد حصلت على المركز الأول في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وكذلك على المركز الأول في الاستثمارات العربية البينية وذلك بالمقارنة مع أي دولة عربية أخرى.. وهذا يدل على أن الحديث عن الآثار السلبية للسعودة على جذب الاستثمارات الأجنبية لايخلو من المبالغة. فالمستثمر الأجنبي الذي يأتي إلى المملكة للاستفادة من المزايا التي يقدمها الاقتصاد السعودي لن يعيقه توظيف نسبة من السعوديين لاتزيد على ثلاثين بالمئة.. اللهم إلا إذا كان السبب الرئيسي للاستثمار هو المزج بين مزايا الاقتصاد السعودي واستقدام عمالة وافدة رخيصة. هناك من يريد أن يصنع من سياسة السعودة مشجباً يعلق عليه كل مشكلات الاقتصاد.. فأي فشل أو تعثر لمنشأة أو لنشاط اقتصادي يود هذا البعض ان ينسبه إلى السعودة وكأن الإنسان السعودي لا يمكن أن يكون إنساناً منتجاً ولا يمكن الاعتماد عليه في أداء أي عمل! إن البيئة الاستثمارية الجاذبة لرأس المال الأجنبي، والمشجعة لرأس المال الوطني، هي البيئة التي تتوفر فيها عناصر لا تقتصر على عنصر القوى العاملة فقط، وإنما أيضا القوانين الواضحة والإجراءات السريعة وغير ذلك من العناصر التي لا يمكن اختزالها بعنصر واحد هو العمالة كي يقفز أصحاب ذلك الرأي إلى الاستنتاج الخاطئ بأن «السعودة» هي أساس كل مشكلة يواجهها الاقتصاد السعودي! ومن حيث المبدأ، فإن الاقتصاد السعودي يملك من عوامل القوة الشيء الكثير.. وهذه الحقيقة لم تكن خافية على المستثمرين الأجانب الذين فضلوا المملكة على غيرها من البلدان العربية، ولم تصرفهم «السعودة» عن الاستثمار في المملكة. إنني أدرك أن المقارنة لا ينبغي أن تكون بالضرورة مع دول عربية أخرى.. فنحن يجب أن نتطلع إلى منافسة من هم أكثر نجاحاً منا.. ليس ذلك فحسب وإنما يجب علينا أيضا أن نقارن بين ماحققناه وما كان يمكن أن نحققه من نجاح. غير أن ذلك يجب ألا يحجب الحقيقة وهي أن المملكة استطاعت أن تتبوأ المركز الأول عربياً في جذب الاستثمار رغم الشكوى المرة التي نسمعها ليل نهار من السعودة وتطلع البعض إلى توظيف عمالة وافدة بدلاً من عمالة وطنية. باختصار، إذا كانت السعودة تقلق أحداً فإن السعودية تظل هي الأفضل - عربياً- على الساحة الاقتصادية حتى مع هذه السعودة.. ونحن نتطلع إلى أن يأتي اليوم الذي تكون فيه السعودية هي الأفضل بسبب السعودة وليس على الرغم منها.