أحدث القرار الذي أصدرته "وزارة التعليم" مؤخراً بالاتجاه نحو تطبيق اليوم الدراسي الكامل، أو "إطالة اليوم الدراسي"، حالة من الجدل بين العديد من أوساط المجتمع؛ نظراً لما لهذا الاتجاه من تأثير مباشر عليهم، حيث يقضي الاتجاه إلى زيادة الساعات الدراسية، بحيث يمكن الإفادة منها كحصص للتقوية، أو حل الواجبات المنزلية، أو ممارسة الأنشطة اللاصفيَّة، وهو اتجاه أحدث جدلاً كبيراً على مستوى منسوبي التعليم وبعض المهتمين بتطوير التعليم وتربية النشء، وتضمن هذا الاتجاه تمديد اليوم الدراسي لجميع مراحل التعليم العام حتى الساعة الثانية والربع ظهراً، على أن تكون هناك فترتان خلال اليوم الدراسي يتم تخصيصها للفسحة، إلى جانب تخصيص وقت لأداء صلاة الظهر، ممَّا يعني خروج طلاب المرحلة الابتدائية عند الساعة الواحدة و(25) دقيقة ظهراً، وطلاب المرحلة المتوسطة عند الساعة الثانية و(10) دقائق ظهراً، في حين يتم خروج طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية في تمام الساعة الثانية و(15) دقيقة ظهراً. وجاء في التعميم طلب إدارة تعليم الأحساء من منسوبي مدارسها للبنين والبنات تعبئة أداة استطلاع، وأخذ رأيهم حول "إطالة اليوم الدراسي" بكل شفافية؛ نظرًا لأهمية الإدلاء برأيهم حول هذا التوجيه، الذي كان موجهاً إلى جميع مدارس المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية التابعة للإدارة، وتطبق أداة الاستطلاع على كامل أعضاء الهيئة الإدارية والتعليمية، وتطبيقه كذلك على الطلاب والطالبات، بحيث لا تقل عن (50)، ولا تزيد على (100) أداة، على أن يطبق كذلك على المرحلة الابتدائية للصفين الخامس والسادس فقط، وكذلك على أولياء الأمور، بحيث لا تقل عن (50)، ولا تزيد عن (100). وكان عدد من المدارس بإدارة تعليم الأحساء بادرت لتطبيق هذا القرار، الأمر الذي أدَّى إلى تذمّر عدد من العاملين في ميدان التعليم من طلاب وطالبات ومعلمين ومعلمات، إلى جانب استياء العديد من أولياء أمور الطلاب، وكذلك سائقو حافلات نقل الطالبات، حيث دعا الجميع إلى إعادة النظر في هذا القرار، موضحين أنَّ غالبية المدارس لا يوجد بها مصليات أو حتى أماكن مناسبة للتفسّح، حيث أنَّ الساحات الداخلية للمدارس غير مكيفة، الأمر الذي سيلقي بظلاله سلباً على الطلاب والطالبات والمعالمين والمعلمات، خصوصاً في الصيف، مُشيرين إلى أنَّ "المقاصف" ليست مؤهلة لتقديم تغذية جيدة للطلاب، مُشددين على ضرورة توفير سبل الراحة والرفاهية للطلاب قبل تطبيق هذا القرار بشكل نهائي، مُضيفين أنَّ تطبيقه سيجعل خروج الطلاب والطالبات في الوقت الذي يخرج فيه موظفو الدولة الآخرون من أعمالهم، الأمر الذي سينتج عنه حدوث اختناقات مرورية في العديد من الشوارع والطرقات. آثار سلبية وتساءل "محمد البراقي" عن الهدف من وراء هذا القرار الذي يبقي الطالب من الساعة السابعة صباحاً حتى الثانية والربع ظهراً؟، مُضيفاً أنَّ هذا القرار ليس له أيّ جدوى، موضحاً أنَّ آثاره السلبية ستشمل المعلم والطالب وولي الأمر، إلى جانب انعكاس ذلك سلباً على حركة المرور بالاختناقات المرورية التي ستشهدها الطرق، لافتاً إلى أنَّ كثيراً من قرارات "وزارة التعليم" لا تتناسب مع حاجة الميدان التعليمي. ودعا "وزارة التعليم" إلى مراجعة كثير من قراراتها التي تصطدم بواقع لا يتناسب مع هذه القرارات، بما في ذلك هذا القرار الذي يقضي بتمديد اليوم الدراسي، متمنياً أن تُشرك العاملين في الميدان التعليمي من معلمين وإداريين في قراراتها، إلى جانب أخذ رأي أولياء الأمور والطلاب؛ لكي تكون هذه القرارات شاملة كل من له علاقة مباشرة بالتعليم، معرباً عن أمله في أن يؤخذ مقترحه بعين الاعتبار. أجواء صعبة ووصف "سعد البخيت" مناخ المملكة بالقاسي، حيث تصل درجة الحرارة إلى (50) درجة مئوية تقريباً في فصل الصيف، متسائلاً: "أيّ طالب سيستوعب الدراسة في أجواء صعبة وقاسية كهذه؟"، مُضيفاً أنَّ ظروف شريحة من الطلاب تجبرهم على الذهاب لمنازلهم سيراً على الأقدام، وبالتالي كيف سيكون وضع هؤلاء وهم سيجدون أنفسهم مُجبرين على السير تحت أشعة الشمس الحارة عند الساعة الثانية والربع ظهراً، محذراً من المخاطر الصحية عليهم نتيجة احتمال تعرضهم لضربة شمس. أضرار صحية ولفت "البراقي" إلى أنَّ كثرة "الفسح" ستدفع الطالب لتناول أطعمة هو ليس في حاجتها لسد الفراغ خلال هذه الفترة، مُضيفاً أنَّه سيعرض نفسه في هذه الحالة لبعض الأضرار الصحية. وفي هذا السياق تساءل "خالد الخليفة": "أين هي المقاصف أو المطاعم في المدارس التي توفر للطلاب الأكلات والمشروبات المناسبة؟"، مُشيراً إلى أنَّ مقاصف كثير من المدارس في حالة يرثى لها، فكيف يراد لها أن تقدم وجبات مناسبة في هذه الحالة التي سيتم فيها تمديد اليوم الدراسي؟. عناصر جذب وأوضح "عامر بن إبراهيم البارقي" أنَّ نسبة ليست بالقليلة للمعلمين هم ممَّن تتراوح أعمارهم ما بين (40 – 55) عاماً، مُتسائلاً: "كيف سيتحمل هؤلاء المعلمون ممَّن أمضوا حوالي (25) سنة في هذا المجال العمل وسط هذه الظروف في ظل بلوغ نصاب العديد منهم من الحصص (24) حصة في الأسبوع؟". وأشار "الخليفة" إلى أنَّ كثيراً من مدارسنا تفتقر لعناصر الجذب والراحة للطلاب، مُبدياً تعجّبه من إبقاء طلاب الصفوف الأولية ممَّن تصل أعمار معظمهم ست سنوات إلى الساعة الواحدة والنصف ظهراً، مؤكداً على أنَّهم لن يحتملوا أجواء اليوم الدراسي الطويل. عدم التركيز وبيَّن "حمزة بن سلام العلي" –طالب- أنَّه على الرغم من أنَّ فصل الصيف لم يدخل بعد، إلاَّ أنَّه هو وزملاؤه الطلاب بدأوا يعانون من عدم التركيز أثناء الحصص الأخيرة وأصبح تركيزهم أقل من السابق، خصوصاً خلال الحصص السادسة والسابعة والثامنة، مُضيفاً أنَّه هو وزملاؤه بدأوا يشعرون بالتململ منذ تطبيق هذا القرار، مُرجعاً ذلك إلى طول اليوم وعدم توفر أماكن مريحة يقضون فيها وقت الفسحة. وأكَّد "حسن المعيبد" –طالب- على أنَّ وصوله إلى المنزل في نهاية اليوم الدراسي يكون سيراً على الأقدام، ممَّا انعكس عليه سلباً، في ظل تمديد اليوم الدراسي، كم تمنى الطلاب "حسين أمين الغافلي" و"عبدالله الشبعان" و"عبدالعزيز العبدالمحسن" أن تتم إعادة النظر في هذا القرار وإعادة اليوم الدراسي إلى سابق عهده. الطلاب لم يتحملوا أجواء اليوم الدراسي العادي فكيف بتمديده؟ مبانٍ مستأجرة وقال "نزار العبدالمحسن": "إنَّ قرار تمديد اليوم الدراسي لا يتلاءم مع واقعنا في المدارس، في ظل قسوة الظروف المناخية وتقلّب الأحوال الجوية"، موضحاً أنَّ العديد من المدارس، سواءً القديمة أو تلك التي في مبانٍ مستأجرة تفتقر للكثير من البيئة الصحية والتربوية المناسبة، مُشيراً إلى أنَّ التكييف سيء للغاية في كثير من المدارس، كما أنَّ بعض المدارس مفتوحة أمام جميع الظروف الجوية، مُتسائلاً: "أين سيقضي الطلاب فسحتهم في درجة حرارة تصل إلى (49) درجة مئوية؟". مقارنة ظالمة وأشار إلى أنَّه من غير المعقول أن يتم تطبيق بعض الأنظمة المعمول بها في بعض الدول الأوروبية أو أمريكا، ومن ثمَّ نقلها للمملكة، مستشهداً في هذا الشأن ببقاء طلاب وطالبات المدارس في كندا بمدارسهم حتى الساعة الثالثة عصراً، لافتاً إلى أنَّهم يحصلون هناك على وجبة غداء، كما أنَّهم يدرسون في أجواء لا تتجاوز حرارتها (20) درجة مئوية، مؤكداً على أنَّ المقارنة مع تلك الدول تُعدّ ظالمة على المعلم والطالب. اختناقات مرورية واستعرض "محمد بن خليفة الصالح" -مدير مدرسة- وصفها بالمهمة أغفلها صانعو القرار، ومنها أنَّ الطلاب في المدارس الحكومية يجلسون على كراسي خشبية صلبة لمدة ست ساعات، كما أنَّ غالبية المدارس لا يوجد بها مصليات أو حتى أماكن مناسبة للتفسح، حيث أنَّ الساحات الداخلية للمدارس غير مكيفة وتتحول في الصيف إلى أشبه ما يكون بالأفران -على حد رأيه-، مُبيِّناً أنَّ "المقاصف" ليست مؤهلة لتقديم تغذية جيدة. وشدَّد على ضرورة توفير سبل الراحة والرفاهية قبل تطبيق مثل هذا القرار، مُضيفاً أنَّ تطبيق النظام الجديد سيجعل خروج الطلاب والطالبات في الوقت الذي يخرج فيه موظفو الدولة الآخرون من أعمالهم، الأمر الذي سينتج عنه حدوث اختناقات مرورية في العديد من الشوارع والطرقات. أمر صعب وتحدث عدد من سائقي حافلات توصيل الطالبات عن هذا القرار، مُشيرين إلى أنَّهم تضرروا كثيراً نتيجة تطبيق هذا القرار، حيث أوضح "عبدالله العبود" -سائق حافلة- أنَّه أصبح بعد تطبيق هذا القرار لا يصل إلى منزله إلاَّ عند الساعة الرابعة عصراً، حيث يكتمل ركوب الطالبات في الساعة الثانية والنصف ظهراً، ومن ثمَّ يعمل بعد ذلك على إيصالهنَّ إلى منازلهنّ، الأمر الذي يستغرق أكثر من ساعة كاملة، مُبيّناً أنَّ آخر طالبة لا تصل إلى منزلها إلاَّ عند الساعة الثالثة والنصف، وهذا أمر صعب جداً على الطالبات وعليهم كسائقين. أمراض مزمنة وأكَّد "أحمد البلادي" -مرشد طلابي- على أنَّ لتمديد اليوم الدراسي أثراً سيئاً جداً على الطلاب، خصوصاً من يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون لأخذ العلاج في الوقت المحدَّد، مُشيراً إلى أنَّ إطالة اليوم الدراسي إلى ما بعد فترة الظهيرة بوقت طويل يشعر الطلاب بالإرهاق، ومن ثمَّ عدم التركيز وضعف المخرجات التعليمية، موضحاً أنَّ عدد الطلاب الكبير في الفصل الواحد في ظل ارتفاع درجة الحرارة يصيبهم بالإعياء والتعب وانتشار الأمراض. تعدّد الفسح ولفتت بعض المعلمات إلى أنَّ تعدد الفُسح يشكل عبئاً كبيراً على أولياء الأمور من ذوي الدخل المحدود، حيث سيضطر أبناؤهم للشراء من المقصف أكثر من مرة في اليوم؛ ممَّا يثقل كاهلهم مادياً، كما أنَّ الدوام الطويل يُشكل عبئاً كبيراً على المستخدمات والمستخدمين في تنظيف المدارس، خصوصاً أنَّهم من كبار السن، وهذا الأمر فوق طاقتهم، مُشيرات إلى أنَّ الغالبية العظمى من المعلمات متزوجات، وبالتالي سيصعب عليهنَّ إعداد وجبة الغداء لأسرهنَّ في حال تأخرهنَّ في الخروج من مدارسهنَّ. تهيئة المقاصف المدرسية مطلب ضروري قبل تطبيق القرار تمديد اليوم الدراسي يتطلب اهتماماً أكبر بتهيئة البيئة المدرسية محمد البراقي سعد البخيت حسن المعيبد حسين الغافلي عبدالله الشبعان عبدالعزيز العبدالمحسن محمد الصالح حمزة العلي أحمد البلادي