قرار دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة هي وزارة التعليم يعتبر الأبرز في التشكيل الوزاري الجديد، وعبارة (دمج) مصطلح إداري وإجرائي سليم ومعبر لكنه في الحقيقة إلغاء لوزارة التعليم العالي والوريث لها وزارة التعليم إذ إن التعليم العالي ليس بالضرورة أن تكون له وزارة وهذا معمول به في كثير من دول العالم فهي ليست مصلحة خدمية ولا منشأة سيادية، وما يداوله الكثير خاصة من الأكاديميين بالربط بين إلغاء وزارة التعليم العالي واستقلالية الجامعات وإن إلغاءها ستستعيد معه الجامعات استقلالها الذي يجب أن يكون كما هو في العالم كله، ذلك ربط في غير محله لأن الجامعات كيان مستقل بذاته منذ أنشئت وحتى الآن وستستمر، وما يفسره البعض بالتدخل في أعمال الجامعات مرده أمران إما ما كان يمثله الوزير كنائب للمجلس الأعلى للجامعات الذي يرأسه الملك وهذا حق نظامي لأن المجلس الأعلى هو مرجعية الجامعات أو إن الجامعات نفسها تلجأ للوزارة لدعم مادي يتمثل في مشاريع أو مراكز بحثية أو خدمات مساندة، وهذا كله لم يسلب الجامعات استقلاليتها في يوم من الايام. الآن لم يعد لوزارة التعليم العالي وجود والأيام القليلة القادمة حبلى بالكثير من الإجراءات والقرارات التنظيمية يعمل عليها أصحاب الاختصاص، ننتظرها ويحدونا أمل وفأل وبشائر خير إن شاء الله، ولأننا في محطة الانتظار فلا بأس من التأكيد على وجود رابط واحد لقيادة التعليم العالي إشرافاً ومتابعة، لا يسلب السيادة ولكن يقود الاستراتيجية العامة ويكون مرجعاً ملزماً بقراراته للجامعات والكليات الحكومية والأهلية وضابطاً لمخرجاتها وتصنيفها، وليكن بصيغة مجلس للجامعات يضم في عضويته مديري الجامعات وممثلين من قطاعات ذات علاقة بما فيها القطاع الخاص ويرأسه وزير التعليم أو يعينه وزير التعليم ليرأس مجلس إدارته، ولن نختلف على المسمى ومن يرأسه المهم أن قيادة التعليم العالي واستراتيجيته تختلف تماماً عن التعليم العام لذا فلابد أن يكون منفصلاً عنه ومتفرغاً لدوره التكاملي مع قطاعات التنمية الأخرى، ومرجعه المجلس الوزاري لشؤون الاقتصاد والتنمية المنبثق عن مجلس الوزراء الموقر. بهذا نضمن سلامة الأداء ووضوح الرؤية فيما يتعلق بقطاع يمثل شريحة كبيرة من المجتمع ليس بالكم فقط بل وبحساسية هذه الشريحة العمرية وهي شريحة الشباب.. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.