خلال لقاء مفتوح نظمته مؤسسة الملك خالد الخيرية، استعرض أصحاب المبادرات الثلاث الفائزة بجائزة الملك خالد لشركاء التنمية في دورتها الماضية؛ تجاربهم في معالجة القضايا المجتمعية الملحة، ومواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع السعودي، ورصد مدى تأثيرها على الشرائح المستهدفة. ويأتي هذا اللقاء بعد تتويجهم بجائزة شركاء التنمية من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الحفل الذي أقيم في شهر ربيع الأول لتكريم الفائزين بجائزة الملك خالد في فروعها الثلاثة. وقد استعرضت الدكتورة سارة العبدالكريم صاحبة المركز الأول لجائزة شركاء التنمية مبادرتها "أحضان"، التي تستهدف الأطفال ذوي الظروف الخاصة لمساعدتهم في مواجهة النبذ الاجتماعي، حين بدأت برفقة مجموعة من زميلاتها اللاتي آمنّ بضرورة القرب من هذه الشريحة لإشباع حاجة الأطفال عاطفياً بالحضن والاستماع اليقظ، عوضا عن أسلوب تلقي الهبات والهدايا، والعطاء المادي بكل أشكاله. وتحدثت العبدالكريم عن العقبات التي واجهت مبادرة "أحضان" التي لم تلقَ الترحيب فور البدء بها نظراً لغرابتها، ثم ما لبثت أن أصبحت بديلاً لفقدانهم حنان أبويهم، وساهمت في صنع شخصيات مستقرة متوازنة إيجابية تشعر بالأمن وبالمساواة وتقبّل المجتمع لهم. كما روت عائشة الشبيلي، الفائزة بالمركز الثاني لجائزة الملك خالد لشركاء التنمية قصتها بإقامة "مركز ابداع المرأة السعودية لصناعة الأثاث والديكور" في جازان، وكيف ساهم المركز في تمكين وإيجاد باب رزق مستمر عبر توظيف شريحة من السيدات الأرامل والمطلقات واليتيمات، والنساء في الأسر النازحة من الحد الجنوبي وذلك عبر تعليمهنّ مهناً عزف عنها الشباب. مشيرة إلى تمكّنها من تغيير مفهوم المجتمع تجاه بعض المهن الحرفية، كون مهنة النجارة والتنجيد وغيرها مقتصرة فقط على الرجال، حيث أثبتت هذه المبادرة أنه بإمكان النساء الإبداع فيها. وأضافت الشبيلي أنها عبر مسيرة مبادرتها واجهت بعض الصعوبات والتحديات وبفضل إصرارها بالاستمرار، تحولت المبادرة من مجرد فكرة بدأت بمركز واحد لتدريب الفتيات على التنجيد وبعض أعمال النجارة الخفيفة، إلى أن وصلت حاليا إلى 13 مركزاً للتدريب منتشرة في محافظات منطقة جازان. وقدم أيضاً صالح الناصر، الحاصل على جائزة المركز الثالث لجائزة شركاء التنمية، عرضاً عن مبادرته التي ألهمه إليها وجود موارد طبيعية محلية سبقه إلى توظيفها معماريون معاصرون في مصر، وأشار الناصر خلال استعراضه إلى كمية المواد المهدرة على حساب مواد مستوردة وعالية الكلفة. حيث استخدم الرمل وبعض المخلفات المعاد تدويرها في بناء أول نموذج لمشروعه، ثم اهتدى إلى فكرة البلاط الرملي المركب وحصل على براءة اختراع من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، سارداً تجاربه في إجراءالفحوصات والبحث عن المعامل الحيوية لتصنيع نماذج مبنية على أسس علمية. الأمر الذي يوفر الكثير من التكاليف عند استخدامها في البناء، حسب الناصر، ويعيد تدوير مخلفات البيئة في صناعة المساكن وبالتالي تيسيرها للمواطن بأسعار معقولة. يذكر أن جائزة شركاء التنمية هي أحد فروع جائزة الملك خالد الثلاثة، وتهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف أبرزها: تقدير وتكريم مبادرات الأفراد وتشجيعهم على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات الاجتماعية، وتعزيز إنجازات المواطنين الرائدة ومناقشة الدروس المستفادة منها وكيفية الحفاظ على استدامتها وتطوير مسارها في المستقبل، كما تسعى إلى إبراز أصحاب المبادرات كنماذج وقدوات رائدة ملهمة قادرة بنفسها على التغيير الإيجابي في المجتمع.