تُشير التقارير الاقتصادية إلى أنّ المملكة العربية السعودية تُعد ثاني أكبر دولة في العالم مصدرة لتحويلات العمالة الوافدة تجيء مباشرة بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتؤكد التقارير أيضاً إلى ارتفاع حاد في تحويلات العمالة الوافدة خلال الفترة من 2004 إلى عام 2014م بنسبة يعتبرها المحللون الاقتصاديون (غير طبيعية) .. وبقدر ما يعتبر الوطن نفسه موطناً للاستفادة والإفادة من خبرات العنصر الأجنبي أياً كان إلاّ أنّ هذه الأرقام والنسب تُعتبر خللاً في البناء الاقتصادي الوطني. وتُعد المملكة أيضاً أكبر دولة مصدرة للنفط على مستوى العالم، بل إنّ كلمتها في الشأن النفطي تستطيع (وهكذا أثبتت الأيام) تغيير بوصلة الاقتصاد العالمي. كما تتميز المملكة بعدد سكان يُعد الأضخم على مستوى منطقة الخليج العربي وبعض دول العالم العربي أيضاً. وعند النظر إلى المشاريع الضخمة والمبالغ المالية الهائلة التي تُصرف عليها تشييداً وصيانة منذ سنوات.. فإننا نُدرك يقيناً انها الأضخم أيضاً على منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وعند التمحيص في مستوى دخل الفرد السعودي وانعكاسات هذه المؤشرات الاقتصادية الإيجابية فإنّ المحلل منا يصاب بشيء من خيبة الأمل ذلك أنّ هذه المؤشرات لم تنعكس إيجاباً على تحقيق التنمية المجتمعية الوطنية. ولعلّ مما يُبشر بمستقبل ناهض بحول الله ما تم تشكيله في العهد الجديد (عهد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله) حينما تم إلغاء العديد من المجالس وتوحيدها في مجلسين فقط لتحقيق مزيد من المركزية في صياغة القرار ودراسة الشأن الوطني المرتبط به.. ولعل مجلس الشؤون الاقتصادية والاجتماعية - الذي يقود دفته باقتدار الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع، رئيس الديوان الملكي، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين - سيكون بحول الله قادراً على ربط خيوط الشأن الاقتصادي بما يحقق تنمية وطنية شاملة.. ولعلّ من ابرز ما يُقترح دراسته عاجلاً من خلال هذا المجلس المتميز برئاسته وأعضائه وشمول أهدافه النقاط التالية: تبني صناعات محلية برأس مال مشترك (تحاكي تجربتنا في الجبيل وينبع) للاستفادة من مورد النفط الذي تتذبذب أسعاره بين وقت وآخر، ودراسة ما نبيعه من نفط خام بأسعار زهيدة ثم نستورده من تلك الدول كمنتجات صناعية بمبالغ مرتفعة تجعل من المنطقي جداً التفكير بقوة وعمق حول تبني الوطن لصناعة مثل تلك المنتجات بحيث توفر فرصاً وظيفية لأبناء وبنات الوطن الذين يشكلون أحد معطيات النهوض الاقتصادي، وتحقق دعماً اقتصادياً للوطن العزيز. بحث ودراسة حجم استفادة المواطن السعودي بشخصه أو كمنشأة تجارية أو صناعية من هذه المشاريع الضخمة التي يضخها الوطن بشكل مستمر. التنسيق مع القطاعات المعنية كمؤسسة النقد مثلاً حول تحويلات العمالة الوافدة والتأكد من صحة ودقة مصدر تلك الأموال التي يتم تحويلها، لأنّ ذلك (في نظري) توسيعاً لمشاركة الشباب السعودي في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، حيث إنّ كثيراً منها لا يعدو امتلاكه للسعودي أكثر من اسمه ومبلغ مالي زهيد يحصل عليه، بينما هو في الواقع ملك لغير السعوديين بطريقة غير نظامية. أعتقد أنّ مثل هذه القضايا تُعد ملحة لهذه المرحلة الزمنية وهذا العهد الجديد، كما أنها قادرة من خلال الخبرات والكفاءات الوطنية المحلية المشاركة في عضوية مجلس الشؤون الاقتصادية والاجتماعية أو لجانه المنبثقة على دراسة وإيجاد الحلول للكثير من قضايانا العالقة التي يرتبط الشأن الاقتصادي فيها بالتنمية المجتمعية.. وأجزم أنّ عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- سيجعلنا نحقق تنمية وطنية شاملة قادمة بقوة.. ودمتم.