كثر النقاش والجدل في الصحف المحلية حول تحويلات العمالة الوافدة في المملكة والتي تتراوح بين 100-120 مليار ريال سنويا. وقد اعتبرها البعض نزيفا للموارد المالية للمملكة. ومع احترامي لهذه الآراء فإنها غير مبنية على أسس اقتصادية وعلمية. من وجهة نظر اقتصادية لا تعتبر التحويلات المالية للعمالة الوافدة بأنها بدون مقابل أو عائد اقتصادي بل تعتبر ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني السعودي. وهنا يجب أن نفرق بين تحويلات العمالة الوافدة الرسمية التي تتمتع بإقامة وعقود عمل قانونية وبين العمالة الوافدة السائبة التي تعمل في القطاع غير الرسمي أو في اقتصاد الظل. فالعمالة الوافدة من النوع الأول تعتبر تحويلاتها مشروعة وقانونية وهي ذات قيمة اقتصادية مضافة من خلال زيادة إنتاج السلع والخدمات. أما تحويلات العمالة الوافدة غير المقيمة بصفة مشروعة ولا تملك عقودا قانونية والتي يعمل معظمهم في القطاع غير الرسمي فيمكن اعتبار تحويلاتهم نزيفا للموارد المالية للمملكة. ومن حسن الحظ أن معظم تحويلات العمالة الوافدة هي تحويلات نظامية تتم من خلال البنوك السعودية مما يستدعي عدم التضييق على العمالة الوافدة النظامية لكي لا نضطرهم لتحويل مدخراتهم في السوق السوداء فيكون الضرر أكبر. وعلينا ألا ننسى أن تحويلات الوافدين تساهم في تخفيف الفقر وتساهم في التنمية الاقتصادية في بلدانهم وهذه ميزة تفتخر بها المملكة بأنها تساهم في تخفيف المعاناة الاقتصادية في عدد من البلدان العربية والإسلامية والصديقة من خلال تحويلات المغتربين مما يساعد في تمتين العلاقات السياسية والاقتصادية مع هذه البلدان وتحسين صورة المملكة على المستوى الدولي. كما علينا ألا ننسى بأن المملكة في توجهها نحو التنمية المستدامة ما زالت بحاجة إلى العمالة الوافدة الماهرة. ولكي نخفف من وطأة النزيف المالي في الاقتصاد السعودي الناجم عن تحويلات العمالة الوافدة، من المفيد تعديل قانون الاستثمار الأجنبي في المملكة لكي يسمح باستثمار مدخرات الوافدين داخل المملكة من خلال الاستثمار المباشر في السوق المالي السعودي وفي تأسيس المشروعات المنتجة وامتلاك العقار وهذا من شأنه توليد فرص عمل جديدة للعمالة الوطنية وبالتالي نكون قد حولنا الليمونة الحامضة إلى شراب حلو المذاق.