ليس تعبيراً عن الإحباط ولا قفزاً على الواقع حين القول بأن الرياضة السعودية تعيش اليوم أسوأ أحوالها، ليس على مستوى كرة القدم فذاك مما لا يمكن إخفاؤه حيث بتنا خارج المشهد العالمي، وفي مؤخرة الركب الآسيوي، ونتعثر في خطواتنا في مضمار السباق الإقليمي، وإنما على مستوى كل الرياضات وفي كل الفئات، وهو ما لا يليق باسم المملكة العربية السعودية، لا من حيث مكانتها الدولية، ولا وفقاً لما تملك من قدرات بشرية ومقدرات مالية. هذا الواقع الذي نقف عليه ونتألم له في كل استحقاق تدخله المنتخبات الوطنية رغم محاولات التعمية عليه في وقت سابق اعترف به الأمير عبدالله بن مساعد في أول أيامه حينما تسلم مسؤولية الرياضة والشباب وفي أول اجتماع له مع رؤساء الاتحادات الرياضية حينما طرح سؤاله الصاعق: لماذا نتائج رياضتنا في الأولمبياد وأسياد آسيا لا تتناسب مع مكانة السعودية؟!، وهو السؤال الذي عقدت له ورشة عمل كبرى بحضور رؤوساء الاتحادات وانبثقت على إثره استراتيجية الرياضة السعودية. تطلعات الأمير عبدالله بن مساعد لمعالجة هذا الواقع الرياضي المنهك بالأخطاء كشف عن بعض ملامحها نائبه التنفيذي في اللجنة الأولمبية المهندس لؤي ناظر حين كشف عن أن هدف الرياضة السعودية المستقبلي هو حصد أكثر من 100 ميدالية في أسياد 2022 بما يزيد عن 93 ميدالية عن آخر مشاركة خاضتها الاتحادات الرياضية في أسياد إنشون والتي سجلت فيها فشلاً ذريعاً إذ عادت بلغة تكاد تكون فارغة لولا الميداليات السبع التي لم تحفظ ماء الوجه في التظاهرة الرياضية القارية الأكبر. ناظر الغارق في التفاؤل قال في تصريح صحفي: "حققنا في الدورة الأخيرة قبل أربعة أشهر في إنشون الكورية الجنوبية سبع ميداليات فقط، وطموحنا وهدفنا في 2022م هو أن نحقق أكثر من 100 ميدالية، وهذا ليس بالصعب"!، وأستغرب كيف لا يرى الأمر صعباً وهو في الواقع يتجاوز الصعب إلى المستحيل؛ عطفاً على المعطيات القائمة اليوم سواء المالية، أو الفنية؛ إذ تعاني ميزانية رعاية الشباب ومعها اللجنة الأولمبية من اختناق لا يجعلها قادرة على التنفس حيث تضغط على صدرها أعباء والتزامات وبنود كثيرة لا تبقي إلا الفتات لمخصصات الرياضة التنافسية، في وقت تعاني فنياً حيث ترقد غالبية الاتحادات في غرفة الإنعاش ولا استجابة؛ لاسيما من الاتحادات ذات الألعاب الفردية التي يعول عليها في زيادة غلة الميداليات، أما الألعاب الجماعية فهي في غيبوبة وحتى لا أقول إنها متوفية دماغياً، فضلاً عن غياب العنصر النسائي. تحقيق هذا الهدف أو حتى قريب منه وإن كان صعباً فلن يكون مستحيلاً إذا ما تم وضع استراتيجة الرياضة التي رسمها الأمير عبدالله بن مساعد في السكة الصحيحة ليقودها قطار العمل الصحيح إلى محطة الانجازات الكبرى، ولا سبيل لركوب هذا القطار إلا بمشروع وطني كبير يقوم على تطوير الرياضة في كافة تفاصيلها، ولعله يكون برنامجا باسم الملك سلمان الذي أعطانا منذ اليوم الأول لعهده كل المؤشرات التي تجعلنا ننطلق بأحلامنا نحو مستقبل واعد للوطن في كافة مجالاته الحيوية وليست الرياضة عنها بمعزل.