أقيمت مساء أول من أمس ندوة بعنوان "المملكة في كتابات المفكرين والمؤرخين المصريين" بقاعة الندوات بمقر الجناح السعودي، وذلك بمشاركة الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيّع، والدكتور يوسف حسين نوفل أستاذ الأدب بجامعة عين شمس، بمشاركة الدكتور عبدالحكيم الطحاوي أستاذ التاريخ المعاصر والعلاقات الدولية، وعميد معهد الدراسات الآسيوية بجامعة الزقازيق مديراً للندوة. بدأ الربُيّع حديثه بالقول: "إن العلاقات السعودية- المصرية تمتد بجذورها إلى عصور بعيدة حدث فيها التواصل بين الشعبين المصري والسعودي، لما بينهما من تفصيلات مشتركة سياسية واجتماعية وتاريخية"، مشيرا إلى أن مصر كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالمملكة السعودية بعد توحيدها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وقامت بعقد معاهدة صداقة بين البلدين وهو المذكور في «موسوعة تاريخ الملك عبدالعزيز الدبلوماسي» للدكتور فهد السماري. وأضاف الربيّع أن الملك ظل يردد قصة زيارته الشهيرة لمصر عام 1946 والتي استغرقت 13 يوماً، وزار خلالها مدينة السويسوالقاهرة والإسكندرية وأقيمت له احتفالات رسمية وشعبية وثقافية؛ حيث ألقى الدكتور مصطفى مشرفة كلمة فى الحفل الذي أقيم في جامعة القاهرة تكريماً للضيف، كما زار الملك عبدالعزيز خلال رحلته الجامعة العربية وصلى في الجامع الأزهر، وقال الملك المؤسس عن مصر في هذه الرحلة: "لقد أحببتها وأحببت أهلها حباً جماً، ولم أجد ترحيباً وحفاوة وتكريماً مثلما رأيت في مصر، ولقد سمعت عن مصر الكثير، وكل ما رأيته قد فاق الوصف، وما مصر والمملكة سوى بلد واحد". وأشار الربيّع إلى الشواهد في كتابات الأدباء والمثقفين المصريين ممن كتبوا عن حياة الملك عبدالعزيز والعلاقات المصرية السعودية ومنهم الكاتب: محمد رشيد رضا، والدكتور عبدالرحمن عزام – أمين الجامعة العربية -، والكاتب خليل ثابت، والكاتب محمود عزمي، والكاتب فكري أباظة، بالإضافة لثلاثة من كبار الأدباء المصريين وهم: إبراهيم عبدالقادر المازني وعباس محمود العقاد وطه حسين، مشيرا إلى "موسوعة الملك عبدالعزيز في الشعر العربي" التي حققها، ورصد فيها الشعراء الذين كتبوا عن الملك عبدالعزيز، وجاء منهم 70 شاعراً مصرياً، أغلبهم من كبار الشعراء في مصر منهم عباس محمود العقاد له قصيدتان يمتدح فيهما الملك، ومحمد الأسمر، أحمد فتحي، أحمد البحيري، على محمود طه. العقاد برفقة الملك المؤسس وأضاف الربيّع أن العقاد مؤلف ومؤرخ العبقريات الإسلامية، كانت كتاباته عندما يكتب عن الشخصية يتلمس مفاتيح العبقرية لدى من يكتب عنه، فكان يرصد أحاديث الملك عبدالعزيز خلال ثلاث جلسات يومياً على مدار 13 يوما فقال العقاد عن صفات الملك عبدالعزيز: "رجل حكيم يتسم بالتواضع والرحمة وإنصاف الخصوم، قوي الذاكرة، طلاقة الحديث، وفي المسامرة صاحب فكاهة.." مضيفا: "وقد رسم الصورة المتكاملة للملك عبدالعزيز حيث قال في صفاته: في طباعه مباسطة جلسائه، يرفع التحفظ والكلفة ويتسم بالصراحة، فضلا عن الصرامة في مواعيد طعامه". العميد في المملكة وأشار الربيّع إلى أن طه حسين زار المملكة العربية السعودية عام 1974، وكان رئيساً للجنة الثقافية للجامعة العربية، وجاء ضيفاً على وزير المعارف السعودي، وحظي باهتمام كبير من قبل المثقفين والمفكرين السعوديين، مضيفا أن طه حسين له عدة مقولات عن المملكة منها «إني أسعد الناس وأعظمهم غبطة بأننى أتحدث الآن في بلاد العرب، حيث لكل مسلم وطنان، وطنه الذي ولد به، وهذا الوطن المقدس الذى ينتمي بوجدانه إليه، وأن هذه الدولة المقدسة، جادة بأن ترد للبلاد العربية عزتها وكرامتها" فضلا عن قوله "أحس أقوى الإحساس بأننى في بلد آخذ بسريع الخطى نحو التطور، وبلد ستشيع الكرامة حوله". أما إبراهيم عبدالقادر المازني الذي اشتهر بالسخرية زار المملكة في عهد الملك عبدالعزيز وكتب كتابا بعنوان "رحلة الحجاز". من جهة أخرى فكانت للدكتور فؤاد حمزة له مقابلاته مع الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- قائلا: "التقيته وهو في الرابعة والعشرين من عمره، وكان ثوبه أبيض ناصعا وعليه سترة رمادية ويتدثر بعباءة سوداء ذات نسيج صوفى شفاف ويعتمر العقال، يجتمع في وجهه اللين والصلابة والرقة والقوة واختلاط ذلك كله هناك زاوية يُغيّب فيها الأمير خواطره، يميل إلى التعقل والهدوء والابتعاد عن الحرب والنزاع ليتثنى له أن يصلح أموره ويرتب دولته بقدر ما تسمح له موارده". أما نوفل فقال خلال مشاركته في الندوة: "إن أول كتاب نقدي سعودي كان بعنوان "المرصاد" وكتبه في مصر، مشيراً إلى أن الحركة الثقافية المصرية والسعودية تفاعلت وبلغت ذروتها بدءاً من سنة 1942 إلى 1952، وأشار إلى العلاقة الوثيقة التى كانت تربط بين المفكر السعودي غازي القصيبى والناقد المصري عبدالقادر القط. في حين أوضح الطحاوي أن هناك عدداً من المؤرخين المصريين صدرت لهم عدة مؤلفات عن تاريخ المملكة العربية السعودية مثل الدكتور محمد شفيق والدكتور حافظ وهبة والدكتور سيد أحمد يونس ومحمود سروحي ورأفت الشيخ وجمال حجر، ونازك ذكي إبراهيم، ومحمود متولي ومحمد حلة، منها كتاب "العلاقات السعودية ودول شرق آسيا"، وكتاب "جهود الملك فيصل في استقلال إمارات الخليج"، وكتاب "جهود الملك فيصل في دعم الأقليات المسلمة"، وكتاب نازك زكي "الحياة الاجتماعية في المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبدالعزيز". حافظ موهبة والملك المؤسس من جهة أخرى نوه نوفل إلى أن حافظ وهبة يعدُّ المؤرخ المصري الوحيد الذي صاحب الملك عبدالعزيز وألف خلال تلك الفترة كتابين هما "خمسون عاما في جزيرة العرب" وكتاب "جزيرة العرب في القرن العشرين" ورصد خلالهما كثير من الجوانب التى تحيط بشبه العربية، ذهب إلى شبه الجزيرة العربية حتى بدأ الملك عبدالعزيز عام 1923 ووصلت ثقة الملك عبدالعزيز في حافظ وهبة أن عينه سفيراً للملك عبدالعزيز في لندن، ثم مستشارا للملك، وطُبع كتاب "جزيرة العرب في القرن العشرين" ثلاث طبعات ونفدت، تحدث فيه عن موقع الجزيرة العربية وسكانها والكيانات السياسية المجاورة للسعودية في عهد الملك المؤسس وأفرد في كتابه جزءا مهما وهو الحديث، كما رصد في كتابه الإصلاحات التى نفذها الملك عبدالعزيز في السعودية مثل: تأسيس النظام الحكومي للمملكة عام 1926 وبداية تأسيس الوزارات، وتحدث عن التعليم والنهضة الصحية والعلمية وتأسيس الجيش السعودي على النمط الحديث. وفى تعقيب للمؤرخ الدكتور محمود متولي أستاذ الأدب العربى أكد أن هناك عنصرا خفياً لابد من أن نفهمه ونتمسك به وهو أن العلاقات المصرية السعودية على مر التاريخ كانت هى الدرع الواقي لعدم سقوط وتردي الأمة العربية، فقد حاول الاستعمار إفساد هذه العلاقة مرارا لضرب التضامن الإسلامي العربي ولكنه لم ينجح فى ذلك، مشيرا إلى أن وصية الملك عبدالعزيز لأبنائه كانت دائما هى "أن مصر ستظل فى قلب العالم العربى بشكل عام والسعودية بشكل خاص". فيما أشار الدكتور هاني الفرنوانى عميد الآداب جامعة أسيوط إلى لفتة إنسانية للملك عبدالعزيز قائلا: "إنه عندما قامت ثورة يوليو في مصر، حافظ الملك عبدالعزيز على علاقته مع النظام الجديد ولكنه لم ينقلب على الملك فاروق وظلت نفقاته هو وأولاده على حساب الملك عبدالعزيز طوال حياته وكانت وصيته لأولاده من بعده أن يقدموا كل دعم لأولاده". وفى ختام الندوة تم توزيع بعض الهدايا التذكارية من الجناح للمحاضرين والحضور. جانب من الحضور