حملت الأوامر الملكية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في تفاصيلها ملامح إدارة جديدة عازمة على وأد بيروقراطية اتخاذ القرار. ومن خلال قرار إلغاء عدد من المجالس العليا والهيئات نستشرف التوجه لآلية إدارة القرارات الاستراتيجية بطريقة تتجاوز بيروقراطية العمل الحكومي لصالح سرعة الإنجاز. ويعكس القرار الرؤية الجديدة نحو رصد مكامن تعثر الكثير من القرارات الحكومية والعمل على إصلاحها لتأتي الثمار متوافقة مع سمة العصر المتسارع في تطوراته والمتلاحق في أحداثه، وصولاً إلى "القرار الرشيد". ويرصد المتابعون تعثر الكثير من القرارات وتأخر دراستها في المجالس العليا بالإضافة إلى ممارستها في بعض الأحيان لاختصاصات أصيلة لمجلس الوزراء، ومجلس الشورى، بالإضافة إلى انتفاء الحاجة إلى الكثير منها. كما يرصد المتابعون تعطل الكثير من القرارات الاستراتيجية، التي مازالت رهن تعقيدات تلك المجالس والهيئات العليا التي تواجه صعوبات عديدها أبرزها صعوبة التزامها بالانعقاد بشكل دوري والتداخل فيما بينها وبين جهات تنفيذية وتشريعية أخرى. ويضع القرار "حكومة الكفاءات" الجديدة أمام تحدي تحقيق رؤية الملك سلمان بن عبدالعزيز في اختصار إجراءات اتخاذ القرار ووضع مجلس الوزراء أمام مسؤولياته في رسم السياسة الداخلية والخارجية والمالية والاقتصادية والتعليمية والدفاعية وجميع الشؤون العامة للدولة والإشراف على تنفيذها. كما يفرض القرار على "حكومة الكفاءات" مسؤولية مواكبة التوجه الجديد نحو اختصار اجراءات العمل الحكومي وصولاً إلى "الحكومة الإلكترونية" وتسهيل الخدمات الحكومية الذي بات خياراً وحيداً لضمان أعلى درجات الشفافية والسرعة في الإنجاز والتخفيف على المواطنين مشاق الإجراءات الطويلة والمعقدة. وبالإضافة إلى شمولية القرارات الملكية؛ جاءت قرارات إلغاء هذه المجالس فارقة مع قرار اختصارها في مجلسين الأول للشؤون السياسية والأمنية والثاني للشؤون الاقتصادية والتنموية وعضوية جميع الوزارات ذات العلاقة، وهو الأمر الذي يعكس الرغبة الأكيدة في القضاء على التداخل في المسؤوليات بين المجالس السابقة وضمان أعلى درجات التنسيق نحو اتخاذ القرارات الرشيدة. ويستهدف القرار رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق تفادياً للازدواج وتحقيقاً للأهداف المرسومة بما يؤدي إلى تكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات، وبما يواكب التطورات والمتغيرات المتسارعة التي طرأت في مختلف المجالات. كما يعطي القرار تفويضاً بالصلاحيات للوزير المعني فيما يتعلق بأعمال وزارته، كما أنه تحميل له بالمسؤولية عن نتائج إدارته وهو الذي يسهل متابعة الأداء لكل وزارة. يشار إلى أن الأمر تضمن التوجيه بتشكيل لجنة فنية من الديوان الملكي، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ووزارة المالية، ووزارة الخدمة المدنية، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، ومعهد الإدارة العامة؛ لدراسة وضع منسوبي الأجهزة الملغاة، وإبداء المرئيات المناسبة والرفع للملك. يذكر أن الأجهزة التي تم إلغاؤها هي اللجنة العليا لسياسة التعليم، واللجنة العليا للتنظيم الإداري، ومجلس الخدمة المدنية، والهيئة العليا لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومجلس التعليم العالي والجامعات، والمجلس الأعلى للتعليم، والمجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، والمجلس الاقتصادي الأعلى، ومجلس الأمن الوطني، والمجلس الأعلى لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، والمجلس الأعلى لشؤون المعوقين.