عجزت المشاعر عن كبت ما بها من الحزن والأسى على الفقيد الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يرحمه الله -وبقدر الحزن الذي يكتسب الوجوه ويعتصر القلوب نرفع أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى أن يتقبله القبول الحسن وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجازيه الجزاء الأوفى على ما قدمه لدينه ووطنه. ونحمد الله سبحانه وتعالى الذي هيأ لنا في أمرنا الرشاد والصواب وأنعم على بلادنا بالثبات والاستقرار ووفقنا إلى الانتقال السلس للسلطة من السلف إلى الخلف في صورة حضارية فريدة من نوعها أشاعت الطمأنينة في الداخل والخارج وسوف يسطر التاريخ وحدتنا وتكاتفنا بأحرف من نور حيث هبت جموع الشعب السعودي المتلاحم مع قيادته تبايع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على السمع والطاعة وتبايع ولي عهده وولي ولي العهد. نعم بايعنا سلمان بن عبدالعزيز ملكا فهو منا وفينا، رجل ذو مهابة ووقار فيه حكمة وتواضع، كريم الأخلاق، قوي العزيمة، لا يخشى في الله لومة لائم، ومع قوة شخصيته ومهابته فهو إنسان بمعنى الكلمة يحوي بين جنباته سلامة الفطرة ونقاء النفس والسريرة. ولي بعض الذكريات مع هذا الجانب الإنساني المضيء في حياة ملكنا المحبوب فعندما كنت الأمين العام المكلف لجمعية البر الخيرية تحت رئاسة سموه - وقت أن كان أميرا على منطقة الرياض - حيث رأيت فيه عن قرب الجدية والحزم والدقة في المواعيد والحرص على مصالح الفقراء والمحتاجين يتفقد الفقراء ليتأكد من حُسن رعايتهم وعنايتهم وتخفيف أعباء المعيشة عنهم وأمضى - يحفظه الله - مع هذه الجمعية أكثر من خمسين عاما وهو يحيطها بالرعاية والعناية منذ أن أنشأها كصندوق خيري بسيط هذه النبتة الصغيرة التي رعى غرسها وقادها بالحكمة وحُسن التوجيه حتى غدت دوحة وارفة الظلال بفروعها العشرة المنتشرة في أحياء الرياض تمد يد العون للفقراء والمحتاجين من الأرامل والأيتام والعجزة والمرضى لسد حاجاتهم وتنمية قدراتهم وإكرامهم في غير مذلة، ومن جوانب الخير والإنسانية التي عايشتها في شخصه الكريم هو ما قام به - يحفظه الله - من إنشاء جمعية أخرى هي جمعية الأمير سلمان للإسكان الخيري لإيجاد السكن الملائم للمحتاجين عن طريق تأمين وحدات سكنية لتنميتهم وتدريب وتعليم الساكنين فيها حتى يصبحوا معتمدين بعد الله تعالى على أنفسهم وتزخر منطقة الرياض بعدد وافر من المجمعات السكنية التي أنشأتها هذه الجمعية. ولا تنسى الذاكرة إنشاءه - يحفظه الله - لجمعية الشيخ عبدالعزيز بن باز الخيرية لمساعدة الشباب والشابات على الزواج وذلك لصونهم وحفظ عفافهم بتيسير سبل الزواج لهم وتذليل المصاعب التي يواجهونا لتحقيق ذلك. ولا أستطيع في هذا الحيز المحدود أن أعدد مناقبه ومحامده في خدمة المجتمع ورعاية المحتاجين بإنشائه ورعايته ودعمه المادي والمعنوي للعديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية المتعددة الأغراض فقد كان بقلبه الكبير وإنسانيته وفطرته السليمة يحتوي كل المناشط الخيرية ويدعمها ويرعاها ويحث المواطنين ورجال الأعمال على الانخراط في الأعمال الخيرية والتطوعية لخدمة المجتمع حتى تزداد اللحمة بين المواطنين ويشيع بينهم روح المحبة والإخاء والعطاء وكان في اجتماعاته مع رجال الأعمال أول من يبادر بالتبرع لهذه الجمعيات. ونتوجه إلى الله العلي القدير أن يعينه ويحفظه وينصره وأن يجري على يديه الخير لديننا ووطننا وأمتنا وأن يوفق ويعين ولي عهده وولي ولي العهد. *رجل أعمال ومستثمر عقاري