لا شك أنّ الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- من أبرز أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذين أوكلت لهم مهام كبيرة وله إسهامات كبيرة ودور بارز في إدارة دفة أركان البلاد وقد كان قريباً من والده المؤسس هذا الملك العظيم الذي سهر على تأسيس دولة لها مكانتها الراجحة والكبيرة في الشرق الأوسط عامة والعالم العربي خاصة. فالملك سلمان الذي عاصر حقبة تاريخية مهمة في تأسيس الدولة كان نتاج سمات شخصية متفردة انعكست آثارها على حياته العملية ونهجه الإداري الذي يعد مدرسة في حد ذاتها يستلهم منها المديرون والعاملون في جميع أنحاء المملكة مبادئ وأُسس الإدارة والعمل المخلص الدؤوب. لقد كانت حياته العملية يكتنفها الوقار والمهابة والحنو والعطف فهو عقل كبير وذهن متفتّح يحلّل ويراقب وقلب عطوف يرفق ويرأف وروح متوثبة معطاءة، شخصية بعيدة النظر وثاقبة الرؤية وذكية حدّ التوقّد وواسعة الإطلاع. هكذا كان سلمان بن عبدالعزيز كما عرفه القريبون منه والذين استلهموا من شخصيته كل هذه الدروس. عن هذه التجربة يحدثنا المستشار الخاص والمشرف العام على مكتب سمو أمير منطقة الرياض الأستاذ سحمي بن شويمي بن فويز الذي عاصر هذه التجربة الثرية ما يربو على ربع قرن شهدت أحداثاً ومواقف عميقة لا زالت راسخة في الذاكرة فيقول: أكثر من خمسة وعشرين عاماً قضيتها مع المليك المفدى في معترك العمل وكانت تجربة ناجحة وثرية لا يمكنك أن تحصل عليها في جامعة فهذا الملك هو جامعة بحد ذاته تعلمنا منه الكثير في مواقف كثيرة وكبيرة فعلى سبيل المثال تشهد إمارة منطقة الرياض كثرة كبيرة في عدد مراجعيها يفدون إليها من مختلف مناطق المملكة من شرائح مختلفة ومتعددة سواء من الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب يتراوحون ما بين 400 إلى 500 مراجع يستقبلهم يومياً على جلستين الأولى الثامنة والنصف صباحاً والثانية بعد الظهر في مجلس الإمارة في قصر الحكم دون كلل أو تذمّر تعلوه ذات البشاشة والرفق والروح الطيبة التي تنم عن حب لابن هذه الأرض وكان يتلمّس حاجة الصغير قبل الكبير ويعطي كل ذي حقٍّ حقّه -كما كان متعه الله بالصحة والعافية- رجلاً بسيطاً ووفيّاً في تعاملاته بشكل يدعو للإكبار والإعجاب وهو نهج وقيمة أخلاقية كان يركز عليها الملك كثيراً في أحاديثه إذ قال -حفظه الله- في إحدى المناسبات: "نهجنا والحمد لله في هذه البلاد على المحبة والتآخي والتعاون على البر والتقوى والوفاء وإعطاء كل ذي حق حقه وإكرام العاملين ومن عملوا ومن أدّوا واجبهم" ولذلك كان -حفظه الله- لا يتوانى عن تكريم كل مستحق والأمثلة كثيرة ولو حاولنا استذكارها لاحتجنا لأيام لسردها لكني سأورد لك مثالاً على هذا النُّبل والوفاء في شخصية هذا الملك العظيم، أذكر أنه عند افتتاح المحكمة الكبرى بحضور الراحل الكبير الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- التفت جلالته لوزير الشؤون الاسلامية وقتها الشيخ صالح آل الشيخ وسأله: هل تعرف أن هذا المكان كان مكان نخل القباع ثم وجه - حفظه الله - بأن يطلق على المسجد اسم "القباع" وهو موقف يعكس قيمة الوفاء عند هذا الملك أطال الله في عمره وسدّده. انضباطيته واحترامه للوقت في الدوام أخجلانا كموظفين.. ومحاسبته للمقصّر درس تربوي مُستفاد مراجعون من مختلف المناطق ما بين 400 إلى 500 يستقبلهم بذات البشاشة والرفق والروح الطيبة وعن انضباطية الملك سلمان ودقّته وحرصه على الوقت وأهميته يقول بن شويمي: كان يخجلنا كموظفين بدقته واحترامه الكبير والعميق للوقت، كنا نحن الموظفين الصغار آنذاك بإمارة منطقة الرياض نشق طريقنا في الحياة العملية من خلال حضوره المبكّر لقصر الحكم في تمام الثامنة صباحاً وقد قال سموه ذات مرة: لو كنت أعلم أن موظفي الإمارة سيحضرون للدوام الساعة السابعة أو السابعة ونصف لكنت حضرت وهو الأمر الذي يؤكد حرصه -حفظه الله- على الدوام وعلى قضاء حوائج الناس واستقبالهم. وعن أسلوبه الإداري في التعامل مع الموظف الذي يتأخر عن عمله يقول سحمي بن شويمي: كان لطيفاً وحازماً في الوقت نفسه فتجده ينبههم بطريقة سلمان المعروفة والمتمثلة في الحزم دون التعرض لعقوبة الخصم التي يدرك -حفظه الله- أثرها على معيشة هذا الموظف المقصّر إذ إنه يحدب عليهم ويتلمس احتياجاتهم لكنه يوصل لهم رسالة عتب بطريقة تخجل هذا المقصر من نفسه سواء كان موظفاً أو مسؤولاً. وعن السمات الشخصية التي تميز بها الملك سلمان من جلد وصبر وسعة صدر في استقبال المراجعين والمواقف التي تمرّ عليه خلال إمارته لمنطقة الرياض يقول سحمي: كان ولا زال الملك سلمان -أمد الله في عمره- حريصاً على خدمة المواطنين الذين يتوافدون على مكتبه بأعداد كبيرة يومياً وكان ينطلق في هذا من قناعة تامة بأن خادم القوم سيدهم كما أعلنها-أيده الله- في إحد المناسبات حين قال: إن هذه الأسرة منذ بدايتها منذ عهد محمد بن سعود وحتى الآن خادمة لهذا الشعب وأضاف سموه: فالواقع أن هناك من يسهر على مصالح شعبه ويضحي في سبيل مصالح شعبه وحفظ كيانه ويحفظ تراثه وتهيئة سبل الرخاء والعيش السعيد لشعبه فهو خادمهم وقد قيل في المثل "سيد القوم خادمهم وهذا ما هو حاصل الآن" ويضيف سحمي بن شويمي قائلاً: من المميزات الرائعة في الملك سلمان-أمدّ الله في عمره- معرفته بالأنساب والقبائل والأُسر فأكاد أجزم أنه يعرف جميع قبائل المملكة فعندما يراجعه مواطن ويذكر اسمه يرد عليه: أنت فلان ابن فلان وهل أنت من قبيلة كذا ويسترسل -رعاه الله- في الأسئلة بطريقة تذهل من يتابع حواره مع المراجعين عموماً. وعن الجانب الثقافي والتاريخي والموسوعي الذي يتسم به الملك سلمان وكذلك متابعته الدؤوبة لما يكتب في الصحف يشير ابن شويمي الى ميزة عجيبة في الملك سلمان تتمثّل في دقّة الملاحظة ففي العروض التي تكتب في إمارة منطقة الرياض تجده يلقي بالاً على أدق التفاصيل سواء املائية أو لغوية حتى الهمزات دقيق فيها وهي طريقة تعلمنا منها نحن منسوبي إمارة منطقة الرياض الكثير وانعكست على أدائنا العملي حتى الآن وهي معرفة تتناقلها الأجيال في إمارة منطقة الرياض، هذا الأب العظيم الذي كانت شخصيته مزيجاً من الوفاء والتدين واحترام الوقت وتقدير الناس وتلمس احتياجاتهم فهو أساساً قارئ جيد للقرآن الكريم وتربيته الدينية المتفردة انعكست على شخصيته وروحه المحبة والمتسامحة والمحبة للجميع فضلاً على إطلاعه على التاريخ بشكل كبير جداً ويدعو للفخر. كان بحّاثة ومعرفته بالأنساب والقبائل والأُسر تذهل كل من يتابع حواره مع المراجعين إعلان في صحيفة عن تأسيس شركة لابن أحد موظفيه جعلنا نبحث عنه ليطمئن على من عمل معه وعن أبرز المواقف التي تحضر إلى ذاكرته من مواقف مهمة مع الملك سلمان -رعاه الله- يستذكر المشرف العام على مكتب سمو أمير منطقة الرياض سحمي بن شويمي بن فويز قائلاً: المواقف كثيرة لكن لعل من المفيد أن أسرد ما يفيد القارئ لهذا الحديث فأذكر مثلاً أذكر أنه كان معي أحد الموظفين الصغار وكنت صغيراً مثله حيث كنت أقوم بعمل وكيل الشؤون الأمنية المكلَّف فطلب -حفظه الله- معلومات عن موضوع معين وتم إعداد العرض اللازم له فوجّه السكرتارية بالاتصال بي والحضور فوراً بالعرض والمعلومة التي طلبها وفعلاً حضرت وبمعيتي أحد الموظفين الذين قاموا بالبحث عن تلك المعلومة تحسّباً لطلبه معلومة يود معرفتها نظراً لدقّته التي نعرفها وعند الدخول عليه -متّعه الله بالصحة- ناولته العرض وإذ به يسأل المدير المباشر الذي كنت مرتبطاً به وكان آنذاك سعد بن سعدى وكان ذلك الوقت مريضاً وقائماً بالعمل عن وكيل الشؤون الأمنية وكنت أنا عند غيابه حللت مكانه وبعد قراءته للعرض والانتهاء منه سألني عنه فقلت إنه طيب لكنه يحتاج إلى يومين أو ثلاثة أيام أيام ويعود للعمل فقال -حفظه الله- بحسّه العميق: أعتقد أنه يعاني من "ريح" فقلت له: هذا صحيح طال عمرك وإن شاء الله إنه يتغلب عليه ويعود لعمله وعند خروجنا من مكتبه -أيده الله- كان الموظف المرافق لي منبهراً وتنتابه حالة من الذهول إذ التفت إليّ وسألني: ما هو "الريح"؟ و"الريح" في ذلك الوقت معروفة عند القُدامى وكبار السّن والملمّين بالتاريخ تعني الهواء عندما «يدخلك البرد». من وفائه تسميته لأحد المساجد باسم أحد أعيان الأسر بالرياض خلال افتتاح المحكمة الكبرى وحول ما عُرف عن الملك سلمان مسؤوليته عن شؤون الأسرة المالكة وهل هناك مواقف اطّلع عليها يقول سحمي بن شويمي: الملك العظيم سلمان معروف عنه معرفته الدقيقة والعميقة بخواص الأسرة وأهميته كذلك للأسرة المالكة نظراً لهيبته وقوة شخصيته وطريقته الفذة في التعامل مع الأسرة التي هي بطبعها متعددة وقد يرتكب البعض كأي أسرة خطأ معيناً لا ترضاه الأسرة فكان الملك سلمان قوياً وحازماً مع الأسرة شأنهم شأن المواطنين ويكاد يقسو عليهم في بعض الحالات في كثير من الأمور حتى لا يترسخ لدى الآخرين أن أفراد الأسرة مميزين عن غيرهم من المواطنين بل كان يعاملهم بقوة متناهية لم أشاهدها من أي أمير قط ويضيف: كانت كثير من الأمور وبسبب هيبة سلمان بن عبدالعزيز تحدّ من كثير من التجاوزات ممن لديه الرغبة فهذا طبيعي تأتي من كثير من الأسر من طيشان شباب إلى آخره فعندما تحدث مشادة وملاسنة بين أسرة ما في موقع ما قد لا تحمد عقباها لكنك عندما تذكر اسم سلمان وتقول سأشكوك إلى سلمان كان يتراجع بل يقدم إليه ويقبّل رأسه متأسّفاً ما يعني أن هيبته -أيده الله- كبيرة وهذا أمر مهم نذكره في حق شخص قضى نصف قرن يعمل ويداوم في قصر الحكم وقد كان دوره مؤثرا وكبيرا بشكل يفوق الوصف سواء على الأمن أو الاستقرار أو هيبة الدولة أو هيبة الحاكم مع تأكيده -حفظه الله- أن الأسرة المالكة والمواطنين في كفة واحدة لا ترجح أحدها على الأخرى. وعن قراءته للعهد الجديد الذي يقود دفته الملك سلمان -أيده الله- يقول سحمي بن شويمي: الملك سلمان وُلدَ حاكماً وملكاً فهو -متعه الله بالصحة وأمد في حياته- منذ صغره كان ملاصقاً لحكام المملكة العربية السعودية وعندما تنصت إليه وهو يعمل ويتحدث أو يجوب المحافظات لافتتاح المشاريع تجد فيه من الدراية والبصيرة ما لا يوجد في كثير من الحكام وهذا ملمح من ملامح عبقريته وأتصور الفترة القادمة مرحلة تنم عن خير وعهد عطاء ووفاء يضرب به المثل فيه ولا شك أن مستقبل بلادنا ومواطنيها مزدهر وزاخر بالعطاء ووطننا في أمانة. وحول غيرة الملك سلمان على معشوقته الرياض وحرصه على تطويرها يقول سحمي بن شويمي: أذكر في إحدى المرات ونحن في المكتب بالإمارة في تمام الساعة السابعة صباحاً اطلع -حفظه الله- على إعلان صغير جداً لا يكاد يُرى لكن دقّته المعروفه واطلاعه العميق وحرصه على المواطنين وعلى ما يكتب في الصحافة وقد شهدت هذا بنفسي وكان ما نشر في صحيفة الشرق الأوسط في الصفحة رقم"17" عبارة عن إعلان صغير جداً فما كان من الملك سلمان إلا أن يتصل ويسأل عن ذلك الإعلان يتضمن تأسيس شركة لأناس معروفين من ضمنهم شخص والده كان يعمل معه لمدة خمسين عاماً وكان هذا الشخص ابن عم لي أنا اسمه سعود قام بتأسيس شركة بعد استقالته من أحد البنوك وسأل الملك المفدى عن هذا الشخص وهل هو ابن فلان؟ ومن معه وما هي هذه الشركة؟ وما عملها الآن وأين هي؟ وقد استغرق منا البحث عن الخبر في الصحيفة قرابة ساعة حتى عثرنا عليه ومن ثم قمنا بالبحث عن هذا الشخص حتى وجدناه ثم سألناه: هل قمت بعمل شيء هذا اليوم؟ قال نعم أسست شركة وأعلنت عن ذلك في الصحيفة، ثم قمنا بعمل عرض للملك سلمان عما وصلنا إليه من معلومات ورد بقلبه العطوف: الحمد لله ربنا يوفقه. هذا الموقف يدل على دقة ملاحظته وفطنته -أيده الله- وكذلك حنوّه وعطفه على الجميع وتمنيه الخير للكل. هذه الدقة تجعلك توقن أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان إن شئت فهو صحفي وإن شئت أيضاً أن تقول أنه مدقق لغوي أو مؤرخ فسيكون ذلك نظراً لموسوعيته وشمول ثقافته وسعتها. ويختم المشرف العام على مكتب سمو أمير منطقة الرياض سحمي بن شويمي حديثه بالتأكيد على خيرية هذا الملك العظيم وعطفه حيث يقول: لخادم الحرمين الشريفين فضل كبير علي بعد الله سبحانه وتعالى فأنا قد تركت المملكة العربية السعودية في سن السابعة عشرة عندما أنهيت الثانوية العامة ومن ثم ابتعثت على حسابه الخاص ودرست البكالوريوس وأكملت الماجستير على حساب سيدي الأمير تركي بن عبدالعزيز ومن ثم عدت إلى الرياض واحتضنني -حفظه الله- وهو من أمر بتوظيفي وكنت أحظى برعاية كاملة منه –أمد الله حياته- واستفدت الكثير والكثير وله فضل علي وعلى أسرتي لا أقولها مجاملة ولا رياء ولو تحدثت عنه سواء أنا أو غيري اليوم وغداً بل أسابيع لن نفيه حقه من الفضل والثناء فإسهاماته العملية كبيرة ويصعب تحديدها أو وصفها لكنها تظهر بجلاء في النجاحات التي حققها في مجالات عديدة من أبرزها التاريخ والثقافة والإنسانية والخير والتطوير والإعلام وتظل شخصية سلمان بن عبدالعزيز وحياته بحاجة إلى مزيد من الدراسة والتوثيق لشموليتها وتعدد مناحيها فهو من بادر بإنشاء الجمعيات الخيرية للمعاقين والأيتام ومركز الأمير سلمان الاجتماعي وأول من أسس معرض الرياض بين الأمس واليوم كما لا ننسى درايته بالأنساب الذي هو علم بحد ذاته كما انه معروف بعلاقته الوطيدة بالإعلاميين والكتاب في شتى أنحاء العالم العربي والغربي. خادم الحرمين مع الطفلة التي أمر بعلاجها من مشاكل التنفس والرئة والقلب قصاصة من مقابلة مع الملك سلمان ل«الرياض» يؤكد فيها حقوق المواطن وأمنه ويدعو أي طالب عمل لمراجعته ..ويستقبل المواطنين والوفود في إمارة الرياض ..ويرعى حفل تكريم المتقاعدين في إمارة الرياض ..ويداعب بعض الأطفال المعاقين خلال تدشين برنامج عطاء الطلاب سحمي بن شويمي بن فويز