دولة يقودها رجال من طراز آخر، حملوا بين جنباتهم مزيجا من الإنسانية والحكمة والقوة والرشادة، لا يعرقلهم الحزن ولا يشقيهم الألم عن خدمة شعبهم والاستمرارية في نعمتي الأمن والأمان والعطاء والرفاهية. فجع العالم بأجمعه بخبر وفاة ملك الإنسانية والقلوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يرحمه الله-، وبالرغم من ذاك الألم وحجم الفاجعة إلا أن القيادة أيدها الله أبت أن يخيم الحزن على دولة أعلت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، جعلت المواطن لا يشعر بأي تغيير بل أمرت باستمرارية الحياة وعدم إغلاق المحال التجارية لتكون رسالة لجميع دول العالم بأن الشعب السعودي مهما فجع أو حزن سيظل قويا بلحمته ومحبته لأولياء الأمر فكيف اذا كانت قبضة الأمر بيد ملك محنك خلق له بصمة ونحتها على الصخر منذ توليه منصب إمارة منطقة الرياض ومن ثم وزارة الدفاع حتى أصبح عضيداً ومسانداً للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، فاليوم المملكة تشهد تاريخ دولة بيد ملك جمع ما بين الإنسانية والوفاء والحكمة والفطنة ما يجعل الجميع يستبشر بمسيرة ستسجل بمداد من ذهب. مهندس الرياض الملك سلمان بن عبدالعزيز – يحفظه الله -، لقبه الشعب منذ سنوات طوال بملك الوفاء والمروءة والعطاء، ومهندس عاصمة المملكة التي نقلها من مدينة طينية إلى عاصمة تضاهي أكبر عواصم دول العالم. فلقد شاهد العالم الملك سلمان بن عبدالعزيز– يحفظه الله – بعدة صور تعبيرية ارتسمت فيها أصدق وأبرز معالم الوفاء والعطاء، مع أبنائه، وزوجته الراحلة الأميرة سلطانة السديري ودرجة وفائه التي دفعته للمرافقة معها طوال فترة مرضها، وثبتت تلك الصورة بمشهد حزنه الشديد على أمير الابتسامة الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ورجل الأمن الأول الأمير نايف بن عبدالعزيز – يرحمهما الله - ، حتى أن صفق له العالم أجمع بمواقفه الجمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – يرحمه الله-، ولا سيما في أوقات مرضه، فكيف كان له المعين والصديق والعضد والأب الحاني، أرهق السهر عينيه لمتابعة حال أخيه ومتابعة حالة الشعب لتسير الأمور كما كانت، رجل أبى أن يعيش شعبه أزمة الانتظار والترقب بشأن منصب ولي العهد وولي ولي العهد، فبادر بالأوامر الملكية والمبايعة السلسة كي لا تتعطل مصالح المواطن أو يؤثر ذلك على أمن الوطن، رغم هالة الحزن التي يعيشها بفقد شخصية عظيمة كشخصية الملك عبدالله بن عبدالعزيز– يرحمه الله – فمشاهد الوفاء والإخلاص تلك التي ارتسمت والصبر والجلادة في أصعب المواقف، جعلت المواطنين والمواطنات يستبشرون بتوليه مقاليد الحكم، فمن كانت تلك صفاته مع الأقرب له، فسيكون كالأب الحاني على الشعب الوفي الذي لم ينسَ ما قدمه – يحفظه الله - طوال توليه إمارة منطقة الرياض على مدى 50 عاما. ليكون بذلك خير خلف لخير سلف. انطباعات أولى كل من تعامل مع الملك سلمان ولو لمرة واحدة يستطيع أن يسجل انطباعا يعكس شخصيته المميزة التي تؤثر في النفس بدون مقدمات أو تكلف وفي عزاء أم فهد رحمهما الله تجلت مشاهد إنسانية وانطباعات شكلت في داخل الجميع وقفات مؤثرة، ولم ينس الشعب موقفه أمام قبر فقيده الأمير فهد بن سلمان والأمير أحمد بن سلمان – يرحمهما الله- حينها بدا الأب الرحوم وفي حلقه غصة وفي تعلق شلالات من الدموع، كان شاحب الوجه أثر تربة القبر على ملابسه، بعد أن وراى جثمان قطعتين من قلبه، متماسك القوى راضياً بقدر ربه وقضائه صابراً محتسباً، إن هذه الأخلاق والسمات محسود صاحبها، فقلما تجتمع القوة والإنسانية في شخصية إنسان، لا يتسم بها إلا الكبار في تعاملهم ونبلهم وعطفهم وليس في جاههم أو منصبهم. وقفة مع ذوي الاحتياجات الخاصة ومن الصور الإنسانية لملك الوفاء إصراره في حفل الفائزين بجائزته لأبحاث الإعاقة ومنتخب المملكة لذوي الاحتياجات الخاصة على دفع عربة المقعد عمار بوقس قبيل انطلاقة المؤتمر الدولي الرابع للإعاقة والتأهيل، فلم يحرجه منصبه ولا جاهه من أن يدفع عربة المعاق ويلاطفه ليبعث له برسالة حب وطهر مضمونها أنت ابني. ولذلك ترسخت في أذهان الناس مواقفه الإنسانية على هيئة فاضل يحمل الإغاثة في يد، وفي الأخرى العطف والرحمة، يحنو على الجريح، يضمد جراحه، ويداوي العليل ويحتضن اليتيم، ومن أجل ذلك ارتبط اسم الملك سلمان بأعمال الخير والعطاء بدءاً من جمعيات البر، وجمعيات المعوقين، ومساعدة المعسرين محلياً، وتواصلاً وتفاعلاً مع دول العالم المنكوبة. شجرة مثمرة ولا شك أن فصائل ونبل ومروءة هذه الشخصية الفذة لم تأت من فراغ، فهي فرع من شجرة وذرية بعضها من بعض، فقد نشأت في محيطها التاريخي والاجتماعي، تأثرت به، وأثرت فيه، فهي سليلة بيت رفيع العماد في المجد والعز الذي جعل من الإسلام والدفاع عنه أغلى مسؤولية يتحملها، وشواهد التاريخ تؤكد. ففي مسيرة الملك سلمان بن عبدالعزيز محطات مهمة على جميع الأصعدة الإنسانية والثقافية والسياسية ورغم طغيان الجوانب الإنسانية على صفحات كتاب سلمان تفاعلاً، ودعماً، ومشاركة، وإحساساً، فمواقفه الإنسانية تظل عنواناً ثابتاً للأمير سلمان. ورغم كثرة المواقف الإنسانية، ورغم ما صنعه وزرعه وبناه في الرياض على صعيد الحجر والشجر والبشر، ورغم ما تركه من سواعد وطاقات ومواهب في كل المآلات فإن ما قدمه للأمتين العربية والإسلامية يجعله عنواناً لفارس عربي أصيل. سباق بالخير ويذكر الكثيرون مواقف ل(سلمان بن عبدالعزيز) تمتاز بالمبادرة فهو يسبق الآخرين في مواقف النبل رغم مشاغله، ففي مواسم الخير تتحرك القلوب الكبيرة المفعمة بالإيمان الصادق، والنيّة الصالحة الخالصة، والعقيدة الصافية لتروي ظمأ الفقراء والمحتاجين، ولتسد خلة المعوزين، ولتنفس كرب المكروبين، ولتطفئ نيران الحروب والفتن، وتساعد على إحلال الأمن والسلام في العالم أجمع، وتظهر سماحة هذا الدين وأتباعه وحبه للخير وإرادة النفع العام لكل من يَدُب على ظهر هذه الأرض، من فقير مشرد أو منكوب أو لاجئ في هذا العالم. رجل المهمات فهو رجل اجتمعت فيه خصال القيادة الإدارية والحنكة السياسية والعدالة بكل صنوفها، وهو يمثل نموذجًا للقائد والمواطن المخلص لوطنه، وسيرته تستحق أن تُدرَّس بما تشتمل عليه من مزايا قلما تجتمع في رجل واحد، فهنيئًا للوطن بسلمان، وهنيئًا لسلمان بوطن شامخ يستحق كل الحب والإخلاص. سلمان ذو القلب الكبير المفعم بالحب والخير والبذل والعطاء والسخاء والكرم مع الإنسان اللاجئ والمشرد والمنكوب والمحتاج في العالم أجمع. سلمان ذو الأيدي البيضاء الحانية التي امتدت لإغاثة كل مسلم معوز أو متعرض لآفة أو جائحة. سلمان الفذ في أخلاقه ومبادئه وإنسانيته ورعايته لكل باب من أبواب الخير. سلمان المؤسس لجمعية البر الخيرية بالرياض والداعم لها شخصياً بماله ووقته وجهده في سبيل تحقيق أهدافها الإنسانية النبيلة. سلمان الذي لا تنسى له الجماعات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم دعمه المادي والمعنوي لها من أجل ان تواصل نفعها ورسالتها. ثقة وتكليف سلمان المكلف من لدن الملك عبدالله – يرحمه الله – برئاسة اللجان الشعبية والخيرية التي تتعامل مع ضحايا الحروب والكوارث والجوائح الكبرى في العالم الإسلامي في (فلسطين) والصومال وأفغانستان، والبوسنة والهرسك، وضحايا الزلازل والفيضانات والمجاعات في السودان واليمن ومصر وغيرها. سلمان الذي عرفناه من خلال تلك الصناديق الإغاثية الصغيرة المفرقة في أنحاء كل مدينة وقرية والمكتوب على ظهرها (ادفع ريالاً تنقذ عربياً). سلمان الذي اضطلع بمسؤولياته الخيرية خير قيام، وأولاها جلّ اهتمامه، ومعظم أوقاته وتابع بنفسه كل صغيرة وكبيرة ليطمئن على وصول كل ما يقدم من دعم ومساندة من لدن المملكة إلى الشعوب المنكوبة والمحتاجة. سلمان الإنسان الذي وراء كل عمل خيّر، وجهد إنساني نبيل، وحملة إغاثية وتطوعية مثمرة. سلمان الرائد الذي حصد الكثير من الجوائز والأوسمة التقديرية على أعلى المستويات نظير جهوده المشاهدة والمحسوسة في المجالات الخيرية والإنسانية، التي منها جائزة الجمعية السعودية الخيرية لرعاية الأطفال المعوقين للخدمة الإنسانية وذلك لريادة سموه الكريم في هذا المجال، وجهوده الدؤوبة الموفقة في كافة المجالات ذات العلاقة بالرعاية والعطف والإحسان. أب المعاقين وعلى الرغم من كثرة المواقف والمشاهد لملك الوفاء، إلا أن ملامح وجهه وهو يحنو على الأطفال المعاقين تظل الأبرز على الإطلاق، وعندما نتحدث عن الملك سلمان بن عبدالعزيز وجهوده المباركة في رعاية الأيتام فإن المواقف تعجز عن ترجمة مبادراته وحرصه وبذله في هذا الباب فهو بحق أبو الأيتام، وما رعاية الأيتام إلا حلقة في سلسلة منظومة أعماله الخيرية المباركة المتعددة والمتنوعة فكم من يتيم مسح دمعته وكم من يتيم أخذ بيده وكم من أسرة منكوبة داوى جراحها وكان عوضاً لها عن والدها. يرعاهم، ويتابعهم، ويسعى في قضاء حوائجهم وكفالتهم، ويشاركهم في حفلاتهم، ولا يألو جهداً في سبيل إدخال السرور والبسمة إلى نفوسهم المنكسرة، فقد حرص على إنشاء الجمعيات المتخصصة في رعاية وكفالة الأيتام في كل مكان.