يريد الحوثي السيطرة على مأرب لكونها من أغنى محافظات اليمن، بالنفط والغاز المسال، وكما نُدرك جميعاً فإن إيران (الممول الرئيسي للحوثيين) ترزح تحت ضغوط اقتصادية عنيفة، جراء انهيار أسعار النفط العالمية، والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وبالتالي فإن التنظيم الحوثي في سباق مع الزمن لتأمين تمويل بديل باكتفاء ذاتي، من خلال السيطرة على الغاز والنفط اليمني سيطر الحوثيون منذ سقوط صنعاء على (9) محافظات من إجمالي (21)محافظة تمثل كامل الأراضي اليمنية. اليوم يهدد الحوثيون باجتياح مأرب بحجة وجود تنظيم القاعدة في هذه المحافظة، الأمر الذي سيكون له أثر سلبي على استقرار اليمن!! البند الخامس، من الملحق الأمني، من اتفاق الشراكة والسلم، يقضي بتشكيل لجنة يرأسها وزير الدفاع اليمني بعضوية وزير الداخلية وممثل لرئاسة الجمهورية، تكون مهمتها اتخاذ كل ما من شأنه التأكد من سيطرة مؤسسات الدولة على الأجهزة العسكرية والأمنية والاقتصادية في مأرب. رغم الجهود المبذولة من قبل وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي، والذي أعتقد أنه من القلائل المخلصين لليمن، واتضح ذلك جلياً أثناء قيادته للمنطقة العسكرية الرابعة والتي تتكون من (تعز، عدن، لحج، أبين، الضالع)، حيث نجح في طرد عناصر تنظيم القاعدة من المنطقة الرابعة خلال عشرة أيام فقط، وكان يقود العمليات بنفسه، اتبع ذلك بقراره الشهير، فحزم أمره ورفض دخول الحوثيين المنطقة الرابعة وتصدى لهم، وكان أول قائد عسكري رفيع يرفض التسليم أو التواطؤ مع الذراع العسكرية لإيران في اليمن، ومع ذلك فلا يمكن لشيوخ القبائل أن تعتمد كثيراً على القوات المسلحة اليمنية، وخصوصاً بعد ترقية الرئيس هادي للعقيد زكريا يحيى الشامي إلى رتبة لواء وتعيينه نائباً لرئيس هيئة الأركان العامة، وهو من الضباط الموالين للحركة الحوثية، كما عين الرئيس هادي عبدالقادر الشامي وكيلاً لجهاز الأمن السياسي، وهناك تعيينات أخرى سياسية، مكنت الحركة الحوثية من مفاصل الدولة سياسياً وعسكرياً وأمنياً، الأمر الذي يثير استغراب ودهشة المتابعين والمحللين، فيما إذا كان هناك اتفاق غير معلن بين الرئيس هادي والحركة الحوثية خارج إطار المبادرة الخليجية، والموقف الدولي!!. الحوثيون يهددون باجتياح مأرب في حال لم تنجح هذه اللجنة في تنفيذ مهامها.الحركة التي اجتاحت عمران في (18 يونيو 2014م)، وبعدها بعشرين يوماً، حاصرت صنعاء في (8 يوليو 2014م) بحجة إسقاط الجرعة، وإسقاط الحكومة، وتنفيذ مخرجات الحوار، لتسقط العاصمة في أيديهم في (21 سبتمبر 2014م)، تستخدم الآن نفس التكتيك مع زعماء القبائل في مأرب، فتسوق الحجج الواهية لتحقيق أهداف رُسمت عام(92م ) في طهران، وتم البدء في تنفيذها في يناير( 2014م) برفض التوقيع على نظام الأقاليم، وقُطفت الثمرة في (21 سبتمبر) بسقوط صنعاء. يريد الحوثي السيطرة على مأرب لكونها من أغنى محافظات اليمن، بالنفط والغاز المسال، وكما نُدرك جميعاً فإن إيران (الممول الرئيسي للحوثيين) ترزح تحت ضغوط اقتصادية عنيفة، جراء انهيار أسعار النفط العالمية، والعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، وبالتالي فإن التنظيم الحوثي في سباق مع الزمن لتأمين تمويل بديل باكتفاء ذاتي، من خلال السيطرة على الغاز والنفط اليمني، وهو ما يفسر توقيت حصار مأرب، ومن خلال المعطيات العسكرية والأمنية السابقة، وبالنظر إلى سياق الأحداث وتتابعها على المشهد السياسي اليمني، أقول وبوضوح وبكل ألم، إن مأرب ستسقط أيضاً بيد الحوثيين، فإذا كانت صنعاء تستمد أهميتها كونها العاصمة السياسية، فإن مأرب هي المحافظة الاقتصادية لليمن، وبالسيطرة على مأرب، تكون أهم الأهداف قد تحققت، ويصبح الحوثيون تلقائياً مسيطرين على القرار السياسي والاقتصادي في اليمن رغم أهمية بقية المحافظات. ومن المؤكد أن القارئ الكريم بدأ يتساءل عن السيناريوهات المتوقعة، والخيارات المتاحة أمام دول الخليج والمملكة العربية السعودية خصوصا للتعامل مع الحالة اليمنية المعقدة ؟ وهنا أستأذنك أخي الكريم ..أختي الكريمة.. بطرح عدة أسئلة قد تكون نواة لخيارات متاحة أو إستراتيجيات مقترحة للتعامل مع الحالة اليمنية، وقبل أن أطرح هذه الأسئلة، أود أن أشير إلى أن السياسة لا تعرف صديقاً دائماً أو عدواً دائماً، وقد يكون هناك خيارات مؤلمة، ولذلك فإن مراكز الدراسات وأصحاب الفكر، يقدمون الخيارات في إطار صناعة القرار، يرفق مع كل قرار الفرص والمخاطر ونقاط القوة والضعف فيما يُسمى رباعية (SWAT)، وهي آلية مستخدمة من قبل كثير من مراكز الدراسات من أهمها مركز راند للدراسات الإستراتيجية، وإليك أخي الكريم أطرح هذه الأسئلة، هل يمكن من خلال وجود قوة عسكرية على الأرض متكافئة من ناحية القدرات القتالية مع الحركة الحوثية، إجبار الحركة على العودة إلى صعدة والاكتفاء بما حققته من مكتسبات ؟ هل من الممكن أن يكون دعم تقسيم اليمن كما كان قبل عام( 94م) حلاً للمسألة اليمنية؟ وهل يصب ذلك في مصلحة واستقرار اليمن وبالتالي استقرار دول الخليج والمنطقة أم العكس؟ هل يُعتبر رفع التنظيم الحوثي من قائمة الإرهاب، والتعامل معه كحزب سياسي (على الرغم من ارتباطه بالأجندة الإيرانية ) خياراً مطروحاً ومقبولاً لدى صانع القرار الخليجي بشكل عام والسعودي بشكل خاص ؟