التحديات الخمسة الكبرى أمام مستقبل دول مجلس التعاون يتبيّن للراصد في شؤون الخليج العربي أن دول مجلس التعاون ومجتمعاتها ستواجه مجموعة من التحديات المهمّة خلال العقود القادمة. بعض هذه التحديات تأخذ طبيعة مفصليّة في الكيانات المجتمعيّة الصغيرة لبعض دول الخليج لجهة اختلال التركيبة السكانيّة، وبعضها ذات طبيعة متغيّرة سببا ونتيجة في النواحي الاجتماعيّة والسياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة. ولكن بشكل عام يمكن تلخيص الملامح الرئيسة لأبرز خمسة تحديات كبرى على النحو الآتي: أولا: التحديات السياسيّة: باعتبار الثمار المرّة للاستقطابات السياسية الحالية يمكن أيضا النظر معها في الآثار السياسيّة القادمة فيما بعد الهدوء النسبي لعواصف الربيع العربي التي لم ولن تسلم منها دول الخليج. وما يستوجب التنبيه هنا هو أن اللغة والثقافة والحيويّة السياسيّة لدى الشباب في دول مجلس التعاون قد لا تكون على ذات المستوى من الوعي السياسي بالمآلات حيث اختلطت الأوراق ما قد ينتج عن هذا المزيج الكثير من المشكلات في المستقبل. ثانيا: التحديات الاقتصاديّة: من المسلّم به أن الدول الخليجيّة في مجملها هي دول ريعيّة تعتمد على اقتصاد النفط. ومع وضوح تمايزات مختلفة بين هذه الدولة وتلك ولكن الراعي الأساسي والثابت للتنمية والاستقرار هو هذا الذهب الأسود ومتغيراته. ومن الصعوبة أن ترتهن دول الخليج ومستقبلها لسلعة استراتيجيّة تتأرجح في حسابات الاقتصاد والسياسة والهيمنة العالميّة؛ ولهذا فإن التنمية البشريّة هي رأس المال المتجدّد ما يستلزم إعادة النظر في مفهوم التواكل ونفض غبار التأجيل عن الملفات الاقتصاديّة المؤجلة. ثالثا: التحديات الاجتماعيّة: ويتلخّص هذا التحدي في أربعة أركان: الأول: قضيّة الطائفيّة والتي تحتاج إلى حلول استراتيجيّة تعمّق العلاقات بين السكان بما يضمن التعايش والنأي بالمجتمعات القادمة عن صراعات لا منتصر فيها. الركن الثاني: مسألة العمالة الوطنيّة (البطالة) ونسبة غير المواطنين بين السكان والتي قد تدق اسفين الاستقرار السياسي والاجتماعي يوما ما والمستثمرون فيها يتربصون. الركن الثالث: ويكمن في تحدي الشباب الذين يتجاوزون 60 % من سكان معظم دول مجلس التعاون. هؤلاء الشباب ستكون مطالبهم الحياتيّة والحقويّة فوق مستوى الرضا الذي عاش عليه أفراد مجتمعات الخليج الأوائل في سكينة وفورات النفط ومقارنات شظف العيش في الماضي. الركن الرابع: فئات "البدون" ممن لا يملكون هويات وطنيّة في دول عاشوا وترعرعوا فيها خاصة أبناء القبائل العربيّة التي تحتاج من عقلاء الخليج اليوم إلى معالجة سريعة وواقعيّة حتى لا تغدو ملفا سياسيا واجتماعيا يقلق راحة المستقبل. رابعا: التحديات الأمنيّة: تواجه مجتمعات الخليج اليوم تحديات أمنيّة غير مسبوقة خاصة مع انتشار التقنيات الحديثة وثقافة السفر التي أبرزت بعض المظاهر السلوكيّة من خارج منظومة القيم الأصيلة المتوارثة. وعلى رأس هذه التحديات ملفات التطرّف والمخدرات وبعض مظاهر الإباحيّة والثقافة الإلحاديّة التي ستؤثر بشكل واضح في الاستقرار الروحي وركائز العلاقات والطمأنينة التي ظلت عماد أمن المجتمع الخليجي. خامسا: التحديات الثقافيّة: وتتلخص هذه التحديات في أزمة الهويّة والانتماء مع هبوب ريح ثقافة العولمة التي زعزعت مفاهيم وتوازنات ربطت بين شرائح المجتمعات الخليجيّة بمختلف طوائفها المذهبيّة والعصبيّة عبر عقود من تشكّل كيان المجتمع الخليجي وانصهاره في مفهوم الدولة. *مسارات قال ومضى: من تجاهل السؤال ... تجاهلته الأجوبة....هكذا علمتني التجربة. لمراسلة الكاتب: [email protected]