اصبحت مهنة التحكيم في كرة القدم الأصعب على الإطلاق، وبات الحكم يفكر ألف مرة قبل أن يدخل هذا المجال نظراً لما يتعرض له من ضغوطات على الأصعدة كافة سواء تلك الرسمية أو الإعلامية أو الجماهيرية، المهتمون بشأن كرة القدم لا يرحمون الحكم إن اخطأ على الرغم من أنهم يدركون جيداً بأنه معرض لارتكاب الأخطاء وأنه لا يوجد هنالك من لا يخطيء بل أن مقياس الأفضلية بالنسبة للحكام هو أقلهم أخطاء، ويصل الحد بالبعض إلى التفكير في ماهو أبعد من كون الخطأ سوء تقدير والذهاب إلى التشكيك في ذمته واتهامه بتعمد ارتكاب ذلك الخطأ لسبب أو لآخر، ومثل هذه الأمور دفعت بعض الحكام حول العالم إلى الإعتزال، وجعلت آخرين يعيدون مراجعة حساباتهم وينسحبون منه قبل التورط فيه. إلا أن هنالك ثمة حكام فرضوا أسمائهم على الساحة الرياضية نظراً لإمكانياتهم الكبيرة التي ساهمت في تألقهم تحكيمياً، وبمناسبة الحديث عن كأس آسيا 2015م فإن الحكم الأوزباكستاني رافشان ايرماتوف يعتبر أشهر من نار على علم في عالم التحكيم الآسيوي ويتربع على عرش التحكيم في القارة الصفراء، ليس كذلك فحسب بل أنه شرفه ورفع رايته عالياً من خلال منافسته للحكام العالميين على الأفضلية إذ يعد من النخبة في العالم، وتمكن خلال الأعوام الماضية من فرض وجوده في أهم بطولات كرة القدم مثل كأس العالم للمنتخبات والأندية ودورة الألعاب الأولمبية والاستحقاقات الآسيوية للمنتخبات والأندية. وإذا ماسألت عن مواصفات الحكم التي لابد أن يمتلك حتى ينجح فستجدها في الأوزبكي ايرماتوف، إذ يجمع بين فهمه للقوانين واللياقة العالية والهدوء وقوة الشخصية والتركيز العالي، وتلك الأمور الإيجابية التي يتميز بها ايرماتوف قادته إلى التتويج بجائزة أفضل حكم في قارة آسيا خمس مرات أعوام (2008-2009-2010-2011-2014م) كأكثر حكم في القارة الآسيوية حصداً للجائزة. رافشان الذي ولد في طشقند عام 1977م حمل صافرته لأول مرة في كأس العالم بعد سبعة أعوام من تقلده الشارة الدولية في مونديال جنوب افريقيا 2010م وكان حينها أصغر حكم في البطولة، وقاد المباراة الافتتاحية بين جنوب افريقيا والمكسيك، وأربع مباريات مقسمة على دور المجموعات ومباراة في الدور ربع النهائي وأخرى في نصف النهائي، ولم تكن تلك المشاركة العالمية الأولى لايرماتوف إذ تواجد قبلها في كأس العالم للأندية عام 2008م وقاد فيه مباراتين أبرزها النهائي الذي جمع مانشستر يونايتد الإنجليزي مع ليجا دي كيتو الإكوادوري، وفي النسخة الأخيرة من كأس آسيا التي أقيمت في الدوحة عام 2011م سجل رافشان حضوراً مميزاً خلال المباريات الثلاث التي قادها في البطولة وهو ماجعل لجنة الحكام تختاره لقيادة النهائي الذي جمع استراليا واليابان وأنتهى بفوز الأخير. ولم يكتف رافشان بمشاركته المونديالية عام 2010م إذ تواجد في مونديال البرازيل أيضاً وشارك في المحفل العالمي للمرة الثانية على التوالي، وأستطاع أن يكسب ثقة لجنة الحكام في الاتحاد الدولي بعد أن قاد ثلاث مباريات في دور المجموعات بشكل مميز إذ أسندت له اللجنة تحكيم مباراة هولندا وكوستاريكا في الدور ربع النهائي، وشارك ايرماتوف أيضاً في عدد من المناسبات العالمية إذ أدار نهائي كأس العالم للاندية عام 2011م بين برشلونة الأسباني وسانتوس البرازيلي، كما تواجد في دورة الألعاب الصيفية 2012م، وكأس القارات 2013م، وتصفيات كأس العالم 2014م. وعلى الرغم من مشاركته في مونديالين فقط إلا أن رافشان دخل التاريخ من أوسع أبوابه بعد المونديال الأخير في البرازيل إذ أصبح أكثر الحكام إدارة للمباريات في تاريخ بطولات كأس العالم بتسع مباريات. ويعتبر الأوزبكي رافشان المرشح الأول لإدارة نهائي كأس آسيا 2015م في حال ودع منتخب بلاده البطولة، كونه الحكم الأفضل وبمراحل عن البقية الذين ننتظر منهم الإستفادة من رافشان قدر الإمكان.