فرضت الروح العالية للاعبي المنتخب السعودي وواقعية مدربهم الروماني كوزمين أولاريو واقعاً نفسها على المنتخب الكوري الشمالي الطموح، وضرب الأول عصافير عدة بحجر واحدة بفوزه على الفريق الغامض برباعية عقب أن تأخر بهدف مفاجئ، ليمنح السعوديين، لاعبين وجماهير، دفعة معنوية ويعطي مؤشراً إيجابياً نحو إمكانية تحقيق ما يعيد للكرة السعودية جزءًا من كبريائها وقيمتها في القارة الصفراء، فالمنتخب السعودي عزز موقفه في المجموعة ورفض الخروج باكراً بالخسارة أو حتى التعادل الذي كان سيعقد الموقف بفضل عودة الثقة والروح القتالية لنجومه. لطالما تحدث كثيرون عن أن مشكلة المنتخب ليست عناصرية، إذ يملك مجموعة من اللاعبين تستطيع الذهاب بالفريق بعيداً وتحقيق طموحاته، غير أن المشكلة التي عانى منها المنتخب هي عدم الاستقرار والتعاقد مع مدربين إما لم يكونوا بحجم التطلعات، أو أنهم كانوا مجرد خيارات خاطئة في أوقات خاطئة، لتحضر معها واقعية كوزمين في لقاء كوريا الشمالية وتؤكد أن "الأخضر" بحاجة مدرب من طينة كوزمين الذي جاءت ردة فعله بعد الخسارة من الصين من خلال تغيير طريقة اللعب بطريقة واقعية وجريئة، تتمثل بالزج بمهاجمين هما نايف هزازي ومحمد السهلاوي مع مطالبة الأخير بالتراجع لمساندة خط المنتصف، والدفع بظهيري جنب يمتازان بالنزعة الهجومية، إذ عانى "الأخضر" كثيراً في إخفاقاته الماضية من بقاء المدربين على منهجهم ذاته كما حدث في "خليجي 22" عندما أصر الاسباني لوبيز كاروا على اللعب بمهاجم واحد حتى وهو يتأخر في المواجهة النهائية مدعوماً ب60 ألف مشجع. وضع المنتخب السعودي قدماً على الطريق الصحيح، وبقيت مواجهة مصيرية أمام أوزبكستان المتطور، إذ على الرغم تفوق "الأخضر" تاريخياً على أوزبكستان، إلا أنه يحتاج لأن يدخل محافظاً على مكتسباته في موقعة كوريا الشمالية ويستفيد من الانتفاضة الفنية التي شاهدناها في الحصة الثانية، ويسعى للمبادرة وعدم الركون لأفضلية التأهل بفرصتين، فهو مطالب باللعب من أجل الفوز وترسيخ هيبته في البطولة قبل دخول الأدوار الاقصائية، خصوصاً وأن اللاعبين تخلصوا من جزء كبير من الضغوطات التي كانت تحاصرهم بمجرد انتزاع التقدم على كوريا الشمالية، إذ لا يمكن مقارنة الأداء الذي كان عليه لاعبونا بعد تقدم الكوريين بما شاهدناه بعد تسجيل هدفي التعديل والتقدم، مايؤكد أن الفريق كان يعاني نفسياً أكثر منه فنياً. الأجمل في الانتصار أنه أخمد نيران الغضب التي كانت ستستعر لو أخفق المنتخب في مباراة كوريا الشمالية، ما يعطي الفريق واللاعبين الأجواء الإيجابية التي تؤهلهم لدخول مواجهة (الأحد) بوضعية نفسية أفضل، والأهم من ذلك مساهمة الفوز في إطفاء المشاكل الداخلية التي برزت على السطح قبل المباراة الأخيرة، وتسامي المهاجمين هزازي والسهلاوي على الخلافات واللعب من أجل القميص الأخضر.