تقوم عدة مراكز طبية عالمية بارزة بمسح آراء العاملين لديها سنوياً حول ارتياحهم ورضاهم بالنسبة إلى ظروفهم المهنية والشخصية. ويشمل هذا المسح الطاقم الطبي من أطباء وممرضين وممرضات والفنيين وجميع العاملين الآخرين في عدة أقسام الذين عليهم الإجابة على استبيان مكوّن من عدة أسئلة لها علاقة بالوضع الإداري والطبي والمعيشي والمالي والمهني وغيره داخل المركز الطبي ومنها تمييز من أي نوع قد وقعوا ضحيته. وبعد الحصول على نسبة عالية من الإجابات حول شتى تلك الظروف الشخصية والمهنية تقوم لجنة خاصة بالتعمق بدرسها بكل جدية واسهاب وموضوعية لتقصي العبر وأسباب عدم ارتياح بعض الموظفين في عملهم لايجاد الحلول المناسبة لتصحيح الشوائب والنواقص التي تتعارض مع رسالة المؤسسة والتي قد تؤثر سلبياً على جودة الخدمة الطبية الراقية والمثالية التي يتمناها جميع العاملين في تلك المراكز الطبية لغاية توفير أفضل الخدمات الطبية لمرضاهم الذين اوثقوا بهم وأتمنوهم بحياتهم وحياة احبائهم وفلذات اكبادهم. ولكن للأسف فإن بعض القيادات الطبية والإدارية التي تتبخر وتتباهى بمنجزات طبية غير واقعية قد تهمل وتقلل من قيمة تلك الاستبيانات أو تتجاهلها تماماً وتدعها تعفن في درج أو ترميها في سلة النفاية بلا أن تعيرها أي اعتبار أو أن تستخلص منها بعض الفوائد للتصحيح الإداري والطبي. فبعكس ما يعتقد الكثير من الأشخاص فإن الراتب والمكسب المالي حسب عدة دراسات أجريت في الولاياتالمتحدة وأوروبا، ليس بالعامل الأساسي لرضى وارتياح الموظفين في أية مؤسسة طبية أو تجارية رغم أهميته المؤكدة، لا بل الشعور بالمسؤولية واعتبار أي موظف نفسه كممثل خاص للمؤسسة يتباهى بنجاحها وتألقها وكأنها ملكه هي أهم من جميع العوامل الأخرى. وأنه من البديهي أنه كلما عمل الموظف بسرور وارتياح وحماس وتفاني كلما تميز المركز الطبي بجودته ونتائجه وخدماته الطبية لا سيما أن الطاقم الطبي والإداري والاجتماعي والإعلامي والفني يُعتبرون كفرقة موسيقية متجانسة يلعب كل عضو فيها على آلته بأفضل ما يمكن لإنجاز موسيقى رائعة وخالية من أي خلل. وبناءً على خبرتي الطبية الطويلة في العديد من المستشفيات البارزة في الولاياتالمتحدة ولبنان والمملكة العربية السعودية اتقدم بكل تواضع ببعض المقترحات التي قد توفر الجو المناسب للحصول على الامتياز الطبي الحقيقي للمراكز الطبية بعيداً عن الدعايات الرخيصة والإدعاءات الباطلة والتبجح والتبخير الذاتي. ومن أبرزها: 1 - احترام جميع الموظفين من قبل القيادة الطبية والإدارية وتقبل آرائهم وانتقاداتهم بروح مهنية وسعة الصدر بدون اعتبارها تهجماً شخصياً أو افتراء أو خالية من أية قيمة جدية. ومن المخزي أن تعامل الإدارة الطبية بعض موظفيها الذين خدموا المؤسسة لسنوات عديدة بالاستهتار والمراوغة وعدم الاحترام وأن تحاول التخلص منهم باسهل السوائل وأحياناً بطريقة بغيضة معيبة وبدون حتى إبداء أي شكر وكأنهم حذاء قديم يرمونه ويستبدلونه بحذاء جديد. فاحترام الأطباء وباقي العاملين في المراكز الطبية وتوفير الظروف الملائمة لهم والثناء على جهودهم واطرائهم لما يقومون به من أجل تلك المؤسسات أفضل بكثير من تهشيمهم واذلالهم والاستهتار بآرائهم ومعاملتهم حسب دوافع واعتبارات شخصية غير لائقة واحراجهم لإخراجهم واستبدالهم بمن هم أدنى منهم طبياً أو مهنياً أو أخلاقياً لأسباب شخصية واعتباطية في بعض الحالات. وفي حال الحصول على بدائل يتفوقون عليهم بخبرتهم ومؤهلاتهم وشهاداتهم وثقافتهم الطبية فمن اللياقة وحسن الأخلاق أن يتم طرح عليهم جميع المستجدات والأسباب المقنعة لاستبدالهم بعد شكرهم على إنجازاتهم القيمة وإظهار فائق التقدير لما قدموه من خدمات جلية للمؤسسة. 2 - إن تبادل الآراء بكل موضوعية واحترافية مع جميع الأقسام الطبية والإدارية والفنية والاجتماعية انفرادياً ودورياً من قبل القيادة الطبية والإدارية وتحديد أسباب اجوبتهم السلبية لبعض أسئلة الاستبيان يعتبر في غاية الأهمية لتصحيح بعض الأخطاء والشوائب والقيام بالتسحينات المتوقعة والضرورية لتطبيق رسالة المركز نحو تأمين أفضل الخدمات الطبية لجميع المرضى. 3 - على القيادة الطبية والإدارية أن تقود بالقدوة وتتمتع بكل المؤهلات التي تفرض احترامها وتقديرها وأن تشدد على ضرورة التقيد بالقوانين والقواعد المهنية الصافية والشريفة من قبل أي موظف مهما كان، ومهما ارتفع شأنه أو دعمه الخارجي، مع تطبيق الإجراءات الصارمة بحق أي عامل يخلّ بها. فبالاحترام المبتادل وعدم التمييز الشخصي وبالعدل والتفاهم التام ونبذ الحقد والحسد والضغينة والاعتبارات الشخصية وفتح باب الحوار بين القيادة والموظفين وتقدير إنجازاتهم بالتشجيع والإطراء والمكافآت والاستماع إلى انتقادتهم وملاحظاتهم بكل جدية وروح مهنية عالية ومحاولة تصحيح الأخطاء والخلل بكل شجاعة وموضوعية تستطيع القيادة بقطع أشواطاً كبيرة في عملية الإصلاح والتقدم المستمر في تطبيق رسالة المستشفى المثالية في توفير أفضل الخدمات الطبية بروح هنيئة ومريحة من قبل جميع العاملين في المؤسسة أو المركز الطبي.