هناك.. على الضفة الثانية من البحر الأحمر وعلى الشاطئ الجنوبي للأبيض المتوسط، يُحلق الجناح الآخر للطائر العربي المغرد فوق ادغال افريقيا، طلباً ليد سمرائها الحسناء، التي نطقت بلسان عربي مبين فى إحدى عشرة مناسبة سابقة، قبلت فيها بالفارس العربي ليكون رجلاً لها وفارساً لأحلامها. هناك على ساحل الأطلسي حيث توجد غينيا الاستوائية بجزرها الخمس، هذه الجمهورية الصغيرة المساحة التى تحتضنها على الخريطة كل من الجابون والكاميرون من شمالها وجنوبها وشرقها. هناك وعلى بعد أيام ليست بالبعيدة يبدأ الاحتفال بالعرس الافريقى الكبير، الذى يُعتبر حسب بعض التصنيفات الرسمية فى الرتبة الثالثة بين البطولات العالمية التى لا يسبق الافارقة فيها سوى الكأس العالمية وبطولة الامم الأوروبية وذلك نظراً للكوكبة المتألقة من اللاعبين الافارقة المحترفين فى الدوريات الآوروبية. انها البطولة الثلاثينية لكأس الأمم الافريقية، تلك الكأس التى تشرف على نهايات عقدها الخامس مما يدل على أنها كبرت وأخصبت حتى أضحت بمثابة شجرة باسقة انشأتها بذرة صغيرة قبل ثمانية وخمسين عاما من الآن كان غرسها فى السودان. انها البطولة التى شهدت انطلاقتين كان ثانيهما باثيوبيا مع بدء فعاليات النسخة السادسة التي عرفت مشاركة ثمانية منتخبات لأول مرة منذ انطلاقها، مع قرار باقامتها كل عامين بشكل منتظم، على خلاف ما كان قبل ذلك. انها الكأس التي عرفت ثلاثة اشكال، ومثلها من الأسماء. فها هي كأسها الاولى المصنوعة من الفضة والشبيهة بكأس رابطة المحترفين الانجليزية، والتي حملت اسم المصري (عبدالعزيز سالم) تنتهي دورتها الحياتية مع قدوم النسخة الثانية عشرة سنة 1980 فى نيجيريا حيث ولدت الكأس الثانية تحت مسمى كأس الوحدة الافريقية والتي صممت على شكل قطعة اسطوانية مع الحلقات الأوليمبية مع خريطة القارة وبعد عقدين من ذاك التوقيت يتم الكشف عن النسخة الثالثة من الكأس، الإيطالية الصنع والمصممة على شكل فنجان مطلي بالذهب حيث تنافس عليها أبناء القارة السمراء فى آخر سبع مناسبات وثامنتها القادمة. تلك هي اذن حكاية الكأس التي عرفت اشقاءنا من عرب افريقيا وعرفوها وألِفتهم وألِفوها عرفتهم لأنهم أول من نظم فعالياتها، وأول من فاز بها، وأكثر من فاز بها وأغلب من بلغ نهائياتها. عرفتهم لأنهم حطموا ارقامها القياسية، فى نسبة المشاركات، وحصد البطولات، وعدد المباريات التي لعبوها، ونسبة الاهداف التي أحرزوها، لدرجة تجعلنا نستطيع القول معها انه لولا وجود منتخبات غرب افريقيا امثال الكاميرون وغانا ونيجيريا بقيمتهم وقاماتهم، لصارت هذه الكأس شبه عربية خالصة مما يجعلنا ومع اقتراب العرس الافريقي نقدم تحية أولى الى الأشقاء العرب عامة على ما قدموه من انجازات في محفلهم الكبير، وتحية ثانية خاصة الى نسور قرطاج، ومحاربي الصحراء ممثلي العرب الوحيدين والمدافعين عن آمال العرب وحظوظهم فى بلوغ مِنصة التتويج بعد غياب مصر والسودان وليبيا والمغرب.