المستثمر المحترف هو من يخطط على المدى الطويل، مثلا 20 عاما فأكثر، فيضع أمواله في أوعية وأدوات استثمارية متينة وجيدة وذات عوائد ويتركها تعمل بنفسها لأن عوائدها تسدد قيمها دون أي مجهود من جانبه، بل تقتصر مهمته على المتابعة بين آونة وأخرى وتغيير مسار أي وعاء استثماري أو استبداله عندما تصبح نتائجه غير مجدية أو تزداد مشاكله. ويعتبر العقار، رغم توقعات بانخفاض قيمته السوقية بنسبة 30 في المئة خلال العام المقبل 2015، من أبرز أدوات الاستثمار على المدى الطويل خاصة لمن تتوفر لديهم رؤوس أموال كبيرة، 10 ملايين ريال فأكثر، فيشتري أي مستثمر العقار الأول برأسماله الذي يقدر بنحو 10 ملايين ريال ويؤجره بعائد مقبول، ومن عائد العقارين القديم والعقار المستهدف الجديد يستطيع تسديد قيمة العقار الجديد، وبعد عشر سنوات، أي بعد تسديد قيمة العقار الجديد يمكنه أن يشتري عقارا ثالثا لمدة 10 سنوات، بشرط أن تكون العوائد على العقارات الثلاثة كافية لتسديد قيمة العقار الثالث مهما كانت قيمته، ويواصل هذا المستثمر مسيرته كلما سدد عقارا أضاف آخر ويترك هذه العقارات تسدد قيمها بنفسها وتؤمن متطلباته ومصاريفه الحياتيه، وهذا هو سر نجاح كثير من العقاريين الحاليين وعلى المدى العصور ولكن العقار يتطلب الصبر على المدى البعيد. وربما يتبادر إلى ذهن القارئ لهذه العجالة لعبة مشهورة كنا نتسلى بها عندما كنا صغارا، «لعبة المنابولي» ولكن الكثير منا لم يستوعب فكرة هذه اللعبة، بل كنا نعتبرها للتسلية فقط، وهذا أمر مؤسف، والبعض الآخر استوعب الفكرة والهدف من ورائها وكان يعلم أنها تجسيد لهذا النوع من الاستثمار، وبعض من استوعب هذه الفكرة لم تتوفر لديه المبالغ الكافية لتنفيذها، أو ربما أحجمت البنوك عن منح قروض لتمويل عقار بضمان عقار آنذاك، أو كانت نسبة المرابحة غير مجدية بحيث لا يمكن تسديد العقار الآخر من العوائد، ولكنها الآن هي من أبرز نجاحات بعض التجار الذي نفذوا مثل هذه الخطة دون معرفتهم بهذه اللعبة، فالتمويل متوافر من جميع البنوك ونسب التمويل مجدية على المستوى الطويل. ويبقى تقدير قيمة كل عقار إضافي عند الشراء لتنفيذ هذه الخطة، وفي كل مرحلة، هي من مهام محاسب مالي محترف يتولى دراسات الجدوى الاقتصادية وتحديد المبالغ التي يستطيع أي مستثمر استيعابها في كل مرحلة دون أن يتعرض لأي عجز في السداد خلال أي سنة، فيتولى هذا المحاسب المالي مراجعة حجم استثمارات التاجر وتحديد متطلباته ومصروفاته وكذلك أسعار البنوك على القروض وبعد ذلك يحدد القدرة الشرائية التي يمكن أن يستوعبها المستثمر في كل مرحلة حسب الأوضاع الاقتصادية المتزامنة مع حالة الشراء ومتطلبات ومصروفات المستثمر حتى لا يصبح التاجر مثل «غني مع وقف التنفيذ. لكن القاعدة التي لا يختلف عليها اثنان حاليا هي أن أي مستثمر يمتلك عقارا تبلغ قيمته 10 ملايين ريال أو أكثر، ومن عائد هذا العقار والعقار المستهدف الجديد يستطيع شراء عقار خلال 10 سنوات وبنسبة مرابحة معقولة لا تزيد عن العائد على العقارين، وفي نهاية العام العاشر يكون لدى هذا المستثمر عقاران قيمتهما تعتمد على قيمة العقار الجديد، وبعد ذلك يواصل مسيرته بشراء عقار ثالث.