منذ بدء تداعيات ما يسمى بالربيع العربي الذي عصف ببعض الأنظمة العربية، ومن ضمنها جمهورية مصر العربية والتي تجاوزت هذه الأزمة بفضل الله ثم بجهود المخلصين، وما ترتب على أثر هذه الأزمة من توتر في العلاقات السياسية بينها وبين دولة قطر، الأمر الذي دفع بالفارس العربي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله والذي يحمل هم الأمتين العربية والإسلامية انطلاقا من الدور الريادي الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية بصفتها قبلة المسلمين وحصنها الحصين، فقد كلل الله عز وجل هذه المساعي الحميدة التي قام بها أيده الله إلى رأب الصدع بين الدولتين الشقيقتين وزيادة تعميق أواصر الأخوة وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. إن الظروف الحرجة والدقيقة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط تتطلب مزيداً من الحكمة وتغليب المصلحة العامة على المصالح الخاصة لمواجهة التحديات الخطيرة التي تحيط بالأمة، وهذا ما تجلى في الاستجابة السريعة مع نداء خادم الحرمين الشريفين لقادة البلدين الشقيقين ممثلاً في فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والتزامهم بما تم التوصل إليه من اتفاق مدركين أهمية استقرار الأمن في جمهورية مصر العربية، وأن أمنها جزء لا يتجزأ من الأمن في منطقة الخليج بصفة خاصة وفي كافة الدول العربية بصفة عامة. إن الدور الأكبر في إتمام هذا الاتفاق التاريخي يقع على المثقفين والإعلاميين العرب الذي ناشدهم خادم الحرمين الشريفين أن يقوموا بواجباتهم تجاه أمتهم العربية بكل إخلاص وأمانة، وأن يكونوا خير معين في إتمام هذه المبادرة للمضي بها إلى آفاق المحبة والسلام وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين وطي صفحة الخلاف والمضي قدماً لمزيد من تحقيق الرفاه للشعبين الشقيقين وانعكاسات ذالك على الأمن العربي ووحدة الصف. إن هذا الموقف المشرف لخادم الحرمين الشريفين في إصلاح ذات البين بين الشقيقتين مصر وقطر يأتي في إطار التوجيه الرباني المتمثل في قوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) الأنفال: 1، وقوله عز من قائل (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم) الحجرات: 10، ويأتي إصلاح ذات البين لتفويت الفرصة على الأعداء المتربصين بالأمتين العربية والإسلامية الذين يبحثون عن فجوات الخلاف التي تحدث واستغلالها في توسيع دائرتها لتحقيق أهدافهم تمهيداً لتنفيذ مخططاتهم، وإصلاح ذات البين هو من أسس التقدم للأمام وبناء لحمة الأمة والتقدم بوحدتها الإستراتيجية نحو آفاق أكبر لتمثيل مصالحها بقوة ورشد.